ملخص
جاءت القرارات نتيجة تمحيص دقيق للدستور وقانون الجنسية، مما يكشف عن الأبعاد القانونية المعقدة التي تحكم هذه المسائل، وتشمل المراسيم سحب الجنسية من شخص واحد ومن حصل عليها بالتبعية، إضافة إلى قرارات تستند لمواد قانونية تتيح إلغاء الجنسية في حالات ثبوت الحصول عليها بطرق غير مشروعة.
تتجلى في الكويت قضية سحب الجنسيات التي أصبحت تتكرر بصورة ملحوظة، إذ صارت مألوفة لبعضهم بينما ينتظر آخرون دورهم في الصفوف الطويلة.وفي خطوة جديدة أصدرت الحكومة مراسيم تقضي بسحب وإسقاط الجنسية الكويتية عن 1718 امرأة دفعة واحدة، مما أثار انتباه المراقبين ودفعهم إلى طرح تساؤلات حول أسباب تصدر النساء هذه الأرقام بصورة لافتة.
وجاءت القرارات نتيجة تمحيص دقيق للدستور وقانون الجنسية، مما يكشف عن الأبعاد القانونية المعقدة التي تحكم هذه المسائل، وتشمل المراسيم سحب الجنسية من شخص واحد ومن حصل عليها بالتبعية، إضافة إلى قرارات تستند لمواد قانونية تتيح إلغاء الجنسية في حالات ثبوت الحصول عليها بطرق غير مشروعة.
وأصدر مجلس الوزراء قراراً بسحب شهادة الجنسية من سبعة أشخاص استناداً إلى المادة (21) مكرر (أ) التي تتيح سحب الجنسية في حال ثبوت منحها بطرق غير صحيحة. وتشير التقارير إلى أن 85 في المئة من الحالات المدرجة في الدفعة الأخيرة تتعلق بنساء حصلن على الجنسية وفقاً للمادة الثامنة من قانون الجنسية، فيما تؤكد مصادر صحيفة " الرأي" الكويتية أن بعض هؤلاء النساء يقمن خارج الكويت، بينما الأخريات موجودات داخل البلاد.
وفي سياق متصل لفتت المصادر إلى أن مراجعة ملفات الجنسية الكويتية تسير بوتيرة دقيقة ودائمة من دون تحديد إطار زمني أو مادة معينة، وهذه المراجعة تشمل جميع الفترات التاريخية ومواد الجنسية المختلفة، إذ يظل المعيار الأساس هو التأكد من سلامة إجراءات الحصول على الجنسية، وإذا ما أضيف العدد الجديد إلى أعداد من سبق وسُحبت الجنسيات منهم، فسيصل المجموع 5 آلاف حالة، وهو رقم كبير إذا ما قورن بعدد سكان البلاد المواطنين.
تصحيح مسار التجنيس
من جهته يؤكد رئيس مركز دراسات التنمية ناصر العبدلي أن "الإجراءات الحالية المتعلقة بسحب جنسية زوجات المواطنين اللاتي حصلن عليها بموجب مادة في قانون الجنسية، تمثل تصحيحاً لوضع خاطئ ارتكبته الحكومات السابقة، فقد استغلت تلك الحكومات صلاحية وزير الداخلية لاستثناء الراغبات في الحصول على الجنسية من بعض الشروط الأساس، مثل ضرورة إصدار التجنيس بمرسوم رسمي وليس بقرار وزاري".
ويشير العبدلي خلال حديثه مع "اندبندنت عربية " إلى أن الحكومة الحالية "تسعى إلى سحب الجنسية من جميع المرتبطات بالمواطنين عبر قرارات قانونية، وهو ما يعتبره الخبراء الدستوريون والقانونيون إجراء مشروعاً، وقد أدى منح الجنسيات في السابق، بما في ذلك لآسيويات وغير عربيات، إلى تحذيرات من بعض الكتل الشعبية نظراً إلى افتقار تلك الإجراءات للركائز القانونية".
وفي ما يتعلق بالتبعات الاجتماعية فيلفت العبدلي إلى أن هناك تداعيات كبيرة، خصوصاً لمن حصلن على الجنسية منذ أكثر من 20 عاماً، إذ استقرت حياتهن في وظائف وراتب تقاعدي، ومع ذلك تعهدت الحكومة الحالية بإيجاد حلول للحفاظ على الامتيازات التي حصلن عليها من خلال قانون يضمن استمرار تلك الامتيازات حتى نهاية حياتهن، مثل الرواتب التقاعدية والوظائف والمشاريع التجارية.ويُعتبر الارتباط بزوجة غير مواطنة قراراً يتحمل المواطن تبعاته، مما يضيف مزيداً من التعقيد إلى هذا الملف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل الإصلاح قائم على سحب الجنسيات؟
وبعد الأرقام التي أصدرتها اللجنة العليا لتحقيق الجنسية في وزارة الداخلية الكويتية، أثارت البيانات تساؤلات عدة بين المراقبين حول مدى جدية الإصلاحات المتبعة، وهل تقتصر على سحب الجنسيات فقط أم أن هناك خطوات إضافية تهدف إلى معالجة القضايا المرتبطة بالجنسية بصورة شاملة؟ وجواباً عن التساؤلات المطروحة أشار الكاتب تيسير الرشيدان في إحدى البرامج التلفزيونية الكويتية إلى أن "سحب الجنسيات يُعتبر قاعدة أساسية للإصلاح، بوصفه تجاوزاً على قانون الجنسية ومخالفات تستدعي التصحيح"، مؤكداً أن هذه الإجراءات تؤثر بصورة كبيرة في المجتمع الكويتي، وبخاصة في مجالات التوظيف وتوزيع الأراضي، وتُعتبر بمنزلة "استحواذ غير مشروع على حقوق المواطن الكويتي".
تجنيس زوجة المواطن الكويتي
وخلال مداخلته حول قانون الجنسية الكويتي، أشار أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت محمد الفيلي إلى الأبعاد القانونية المعقدة التي تواجه النساء منذ التعديلات التي أُدخلت عام 1980، موضحاً أن "القانون قبل هذا التاريخ يضمن للزوجة الكويتية حقها في الجنسية بصورة تلقائية، مع إمكان الاعتراض من الوزير بناء على رغبتها".
وأوضح الفيلي أن المشرّع في عام 1980 لم يكن موفقاً من الناحية الفنية، "فقد استبدل المشرّع المادة الثامنة بمواد جديدة، مع الاعتقاد بأن هذه المواد ستُطبق بمفهوم جديد، لكن الإدارة الحكومية استمرت في تفسير النصوص بطريقة تجعل الجنسية مرتبطة بشهادة الجنسية الصادرة عن الوزير".
ويتابع، "عند انتهاء العلاقة الزوجية تُثبت الجنسية بمرسوم يحتاج إلى مصادقة الأمير، ومع مرور الزمن قررت الإدارة العودة عن تفسيرها السابق مما أدى إلى حال من الارتباك القانوني".وأضاف الفيلي أن "القرارات المتعلقة بسحب الجنسية محددة في القانون ولا تشمل تغيير الإدارة لتفسيرها، لكن المشكلة تكمن في أن القضاء الكويتي يفتقر إلى الاختصاص في هذه المسألة مما يجعل الإدارة خصماً وحكماً في الوقت نفسه، ويترك النساء في حال من الانتظار والترقب لتصحيح هذا الوضع".