كشفت إيران عن قرب الانتهاء من تدشين خط جديد لتصدير النفط من ميناء جاسك على بحر عمان، تهدف منه طهران إلى تجاوز مضيق هرمز ومياه الخليج.
في المقابل، أعلن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني في كلمة له عن بدء العمل بخط أنابيب نقل النفط من كوره في الجنوب الغربي، إلى جاسك، جنوب شرقي البلاد بطول ألف كيلومتر وتشغيل منصة التصدير في منطقة مكران.
ويتيح هذا الخط لإيران نقل النفط الخام من منطقة كوره إلى ميناء جاسك المطل على بحر عمان، بالتالي تفادي عبور الناقلات في مياه الخليج ومضيق هرمز الاستراتيجي.
ويسمح التصدير من مرفأ جاسك بدلاً من اقتصاره على محطة خارك الواقعة في الخليج، للناقلات بتوفير بضعة أيام في النقل، من دون الحاجة لعبور مضيق هرمز الذي يمرّ عبره خُمس صادرات النفط العالمية، وسبق أن شكّل نقطة توتر، خصوصاً بين إيران والولايات المتحدة.
ممر حيوي
وكانت وكالة تسنيم للأنباء الإيرانية أفادت بأن طهران أكملت بناء خط أنابيب نفط بري رئيس سيسمح للبلاد بتجاوز مضيق هرمز، وهو ممر حيوي في المنطقة، لتصدير النفط.
وسيمكّن المشروع الذي تبلغ تكلفته ملياري دولار، طهران من نقل الخام الإيراني لمسافة 1000 كيلومتر من منشآت الضخ الإيرانية في كوره الواقعة على الشواطئ الجنوبية الغربية في محافظة بوشهر، إلى ميناء جاسك.
وتكشف معلومات عن أن خط أنابيب النفط الإيراني الجديد قادر مبدئياً على تصدير 300 ألف برميل يومياً من الخام، وسيصل إلى طاقة مليون برميل يومياً بمجرد أن يصبح جاهزاً بالكامل في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
استمرار التصدير
ويرى رئيس مركز "الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنيغما" رياض قهوجي في حديث لـ"اندبندنت عربية" أنه من الناحية العسكرية والاستراتيجية، فإن الخط الجديد يسمح لإيران بالاستمرار في تصدير نفطها حتى لو أغلق مضيق هرمز لأي سبب من الأسباب.
ويقول "إن الخط الجديد يقصّر المسافة على الجهات التي تريد استيراد النفط بحيث لا تضطر ناقلاتها إلى قطع مسافة أطول إلى مياه الخليج".
تجدر الإشارة إلى أن التهديد بإغلاق مضيق هرمز صدر سابقاً فقط من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين. وطهران هي الجهة الوحيدة التي نشرت في الثمانينيات ألغاماً بحرية قرب ميناء هرمز بهدف إعاقة الملاحة البحرية فيه. ويضيف قهوجي أن الخط الجديد سيكون آمناً في حال نشوب أي حرب تكون طهران طرفاً فيها.
وتسعى إيران إلى التمكن بسرعة من تصدير ملايين البراميل من النفط الذي استخرجته وخزّنته، إذا توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة على برنامجها النووي، بحيث عملت في الفترة الأخيرة على نقل النفط استعداداً لاستئناف طرحه في السوق.
وكانت واشنطن وطهران بدأتا منتصف يونيو (حزيران) الماضي، جولتهما السادسة من المباحثات المباشرة لإحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018 وأعاد فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني، مما دفع شركات التكرير في دول عدة إلى تجنّب النفط الخام الإيراني وأجبر طهران على تقليص إنتاجها إلى مستويات أقلّ بكثير عن قدرتها.
وتوقفت مفاوضات الاتفاق النووي بعد فوز القاضي المتشدد إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة الإيرانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشار إلى أن البلاد تملك رابع أكبر احتياطات نفطية في العالم وتعتمد اعتماداً كبيراً على إيرادات الخام. وذكر مسؤولون في وزارة النفط الإيرانية أن طهران تعتزم زيادة الإنتاج إلى 3.8 مليون برميل يومياً من 2.1 مليون برميل يومياً، إذا توصلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحكومة الإيرانية إلى اتفاق.
وخلال الاحتفال بتدشين العمل بخط الأنابيب، شدد وزير النفط بيغان زنجنه على أن "هذا المشروع يؤشر إلى كسر الحظر (العقوبات) والاعتماد على القدرات المحلية".
اضطرابات في جنوب البلاد
في الوقت ذاته، انطلقت جنوب غربي إيران احتجاجات واسعة منذ نحو أسبوع، منددة بقيادة البلاد وسط نقص حاد في المياه في تلك المنطقة، ووفقاً لنشطاء وفيديوهات متداولة، اعتُقل عدد من المحتجين في محافظة خوزستان الغنية بالنفط.
وقُتل شخصان على الأقل في الاضطرابات، التي يبدو أنها أزعجت الحكومة التي اتُهمت بالردّ بقوة، في الوقت الذي تسعى إلى منع التظاهرات من الانتشار إلى أجزاء أخرى من البلاد.
وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي مئات الأشخاص وهم في طريقم للتظاهر في الأهواز، عاصمة المقاطعة، إضافة إلى مدن أخرى.
وتشير صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أنه لا يمكن التحقق من مقاطع الفيديو بشكل مستقل. وتبدو شرطة مكافحة الشغب وهي تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وفي مقطع فيديو آخر، كانت هناك أصوات إطلاق نار وشاهد يقول إن قوات الأمن تطلق النار على المحتجين.
وتأتي الاضطرابات خلال فترة انتقالية سياسية حساسة في إيران وفي وقت تكافح الحكومة أزمات متداخلة: تفشي فيروس كورونا بلا هوادة والمشكلات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات الأميركية وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات أخرى. وفي الأسابيع الأخيرة، كانت هناك أيضاً موجات من الاضطرابات العمالية، بما في ذلك إضرابات عمال النفط.
أول اختبار لـرئيسي
ويبدو أن الاحتجاجات باتت مرحلة "اختبار" وتحدٍّ للرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الذي سيتولّى منصبه الشهر المقبل. وكان رئيسي فاز في انتخابات اتّسمت باللامبالاة من قبل الناخبين وادعاءات بأن رجال الدين الحاكمين كدّسوا المنافسة لصالح رجل الدين المتشدد ورئيس القضاء السابق.
وألقت السلطات الإيرانية باللوم في انقطاع التيار على درجات الحرارة المرتفعة والاستهلاك الكبير غير المعتاد للمياه والكهرباء وأسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ عقود، التي تقول الحكومة إنها أوقفت توليد الطاقة الكهرومائية. كما ضرب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في الصيف العاصمة طهران.
وأصدر الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني اعتذاراً نادراً هذا الشهرعن الانقطاعات. وقال المسؤولون إنهم يقدمون مساعدات طارئة لخوزستان، بما في ذلك صهاريج المياه.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال روحاني إن إيران تواجه أسوأ موجة جفاف منذ 50 عاماً، وهو حدث "غير مسبوق" بسبب انخفاض هطول الأمطار بنسبة 52 في المئة هذا العام، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الحكومية.
ويذهب حوالى 90 في المئة من موارد المياه الإجمالية لإيران إلى قطاع الزراعة، الذي يعاني من استنزاف المياه الجوفية بعد استنفاد مصادر المستوى السطحي. إضافة إلى الضغوط، أدت الزيادات الإقليمية في درجات الحرارة المنسوبة إلى الاحتباس الحراري إلى موجات جفاف شديدة وعواصف ترابية وأزمات أخرى متعلقة بالمناخ.
وكان نقص المياه حاداً بشكل خاص في جنوب غربي إيران، وهي منطقة زراعية حيث يوجد أكثر من 80 في المئة من احتياطات النفط في البلاد، ولكن حيث ينتشر الفقر على نطاق واسع، فأثارت الشكاوى الطويلة الأمد من التمييز والإهمال الرسمي نوبات من الاضطرابات المتكررة. وتعيش الأقلية العربية العرقية في إيران في هذه المنطقة. واندلعت احتجاجات كبرى في خوزستان خلال أسابيع من الاضطرابات المناهضة للحكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 التي قمعتها قوات الأمن بعنف.
نقص المياه وسوء الإدارة الحكومية
وتُلقي السلطات باللوم على التغيّر المناخي المسبب كما تقول لتفاقم نقص المياه، كما أسهم بناء السدود في تجفيف الأنهار وأدى سوء الإدارة الحكومية في الأعوام الأخيرة إلى اندلاع الاحتجاجات على نقص المياه في خوزستان عامي 2017 و2018.
في حين انتقد بعض علماء البيئة الإيرانيين إلقاء السلطات باللوم على التغيّر المناخي، قائلين إن ذلك وسيلة تلجأ إليها قيادة البلاد لتجاهل المسؤولية.