كما كان متوقعاً، وعلى نطاق واسع، وافق مجلس الوزراء اللبناني على رفع الضريبة على مدفوعات الفائدة من 7% إلى10% لمدة 3 سنوات في إطار مشروع ميزانية 2019.
إجراء وصفه وزير المال علي حسن خليل بأنه أساسي لخفض العجز ولكنه ايضا يهدد اقتصاداً يعتمد بشكل كبير على التحويلات من الخارج التي توفّر العملة الصعبة لتمويل احتياجات الدولة.
وسبق أن رفعت الدولة اللبنانية نسبة الضريبة على مدفوعات الفائدة الى 7% ضمن موازنة العام 2017 بعدما كانت 5%، واليوم تعود وترفعها الى 10% في موازنة العام 2019، وذلك تحت راية إنقاذ الوضع المتعثر.
وبحسب وزير الاقتصاد السابق والمصرفي رائد خوري تعوِّل الحكومة على مكمنين لتعزيز إيراداتها وخفض العجز وهما: الضرائب على الفوائد، والاتفاق على اكتتاب مصرف لبنان بسندات الخزينة بفائدة متدنية.
إجراءان يؤمنان وفراً بمليار ونصف دولار بحسب خوري، الذي يعتبر أن الحكومة تعول عليهما "لتجميل" ميزانيتها وعرضها كميزانية "إصلاحية" للمجتمع الدولي، فيما العمل الفعلي يجب ان يكون على مكامن الهدر والفساد المعروفة، من التهرب الجمركي والضريبي وضبط الحدود إلى سلسلة طويلة من الإصلاحات.
شراء الوقت
يرى وزير الاقتصاد السابق رائد خوري أن زيادة ضريبة الودائع يضر بالمودعين وقدرة لبنان على جذب الاستثمارات للمصارف نفسها.
فالمصارف تدفع ما نسبته 40% كضرائب على اعمالها في بيئة تشغيلية صعبة، وبظل ازدواج ضريبي فرضته موازنة 2017.
والمصارف في لبنان تحمل ودائع تفوق 180 مليار دولار، وعليها ان تحافظ على رأس مالها المقدّر عند 20 مليار دولار، لا بل عليها ان ترفعه مع زيادة الودائع بينما اصبحت غير جذابة للمستثمرين، فالمساهمون في المصارف سينكفئون عن قطاع ترتفع فيه المخاطر وتتراجع ارباحه.
خفض تصنيف لبنان
إذا خفّضت وكالات التصنيف عند مراجعتها المقبلة تصنيف لبنان الى C، التداعيات على القطاع المصرفي ستكون كبيرة بظل رفع الضرائب الأخيرة.
فعند خفض التصنيف بحسب الوزير رائد خوري سيتحتم على المصارف تغطية رأسمالها بـ 50% إضافية أي تأمين 10 مليار دولار، الامر الذي سيكون صعباً نظراً إلى التحديات الضرائبية القائمة.
وبحسب خوري "إذا لم تلجأ الحكومة الى اجراءات اصلاحية حقيقية، هي تشتري بعض الوقت فقط وتؤجل الأزمة لا غير".
فالاجراءات الاصلاحية للحد من الهدر وتعزيز الايرادت غير واضحة، "يجب تكبير الاقتصاد وليس خنقه بمزيد من الضرائب" بحسب خوري.
اما رئيس قسم الابحاث في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل فيرى في رفع ضرائب الفوائد تداعيات سلبية: "رفع ضريبة الفوائد تضرب أولا الطبقة الوسطى في لبنان، وبخاصة المتقاعدين الذين يعتمدون على فائدة مدخراتهم كمدخل اساسي للعيش، ومع انخفاض الدخل سينخفض أيضا الاستهلاك ما يؤثر على الدورة الاقتصادية والنمو" ويتابع غبريل: "زيادة الضريبة على الفوائد سيدفع البنوك مرغمة إلى رفع الفوائد على الودائع للحفاظ عليها، وذلك يعني زيادة على فوائد التسليفات ما سيكبد الشركات والمدينين المزيد من الكلفة. وهنا الخطورة فما بين تراجع الدخل والاستهلاك، وارتفاع الكلفة والفوائد، الاقتصاد قد يدخل في حالة انكماش، وكلفة تمويل المصارف أيضا سترتفع، فتمويل المصارف وبنسبة 76% يأتي من الودائع، وبالتالي كلفة تمويل الدولة سترتفع أيضا".
حذار غضب المغتربين
يتوقع د. نسيب غبريل ان يرفع الانتشار اللبناني الصوت ضد معاقبته باقتطاع ضرائب على فوائد الودائع. فاللجنة الاقتصادية في الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم اصدرت عام 2017 وعند رفع الضريبة الى 7% بياناً رافضاً معاقبة المغتربين الداعمين الأبرز لاقتصاد لبنان.
وامام الواقع الجديد قد لا تشهد المصارف خروجاً للأموال المودعة، وإنما تراجعاً في نسبة الودائع الاساسية لتمويل عجز الميزان التجاري واحتياجات الدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ففي العام 2018 بلغت نسبة تحويلات المغتربين الى 7.2 مليار $ منها 2.7 مليار دولار ودائع في البنوك.
وبحسب د. غبريل "ما زالت الحكومة تتخذ خطوات سهلة والمطلوب الجدية عبر تفعيل الجباية وضبط الحدود، والتهرب الجمركي، والتهرب الضريبي، وإلا ستخسر الاستثمارات الموعودة. فالمطلوب إجراءات تؤمن صدمة إيجابية للاقتصاد، وليس اللجوء إلى الضرائب للمرة الثانية وكأنها الحل الوحيد المتاح".
ففي العام 2017، فرضت الحكومة اللبنانية بموافقة مجلس النواب سلسلة ضرائب على الاقتصاد والمواطن، أنتجت بعد سنتين تباطؤاً اقتصادياً وارتفاعاً في الفقر وإفلاسا في المؤسسات، بينما استمر الهدر والتربح غير الشرعي، والفساد، ما رفع الدين العام الى مستويات لامست 87 مليار دولار.
يبدو أن دروس الماضي القريب لم تكن كافية.