نفى متخصصون ماليون أن يتسبب قرار رفع أسعار المحروقات في زيادة معدلات التضخم في مصر. وقالوا إن نسبة الزيادة في أسعار المحروقات طفيفة ولا تتجاوز أربعة في المئة في شريحة البنزين الأكثر استخداماً، إضافة إلى تثبيت سعر السولار الذي يعد المحرك الأكبر في تكلفة النقل والمواصلات.
وأمس، قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشكل ربع سنوي في مصر، خلال اجتماعها المنعقد عقب انتهاء يونيو (حزيران) الماضي التوصية بتعديل الأسعار الحالية السائدة في السوق المحلية للربع الثالث من العام الحالي. وقررت اللجنة تعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة اعتباراً من أمس الجمعة، إذ تقرر رفع سعر ليتر "بنزين 80" إلى 6.75 جنيه (0.432 دولار) لليتر، وزِيدَ سعر ليتر "بنزين 92" إلى مستوى ثمانية جنيهات (0.512 دولار)، ورفع سعر ليتر "بنزين 95" إلى مستوى تسعة جنيهات (0.576 دولار). وفي المقابل، قررت اللجنة تثبيت سعر بيع السولار عند مستوى 6.75 جنيه لليتر (0.432 دولار)، وكذلك تثبيت سعر بيع المازوت للقطاع الصناعي عند 3900 جنيه (250 دولاراً) للطن.
توجيهات بتشديد الرقابة
وتحسباً من استغلال قرار رفع أسعار المحروقات في رفع كلفة النقل والمواصلات، أكد وزير التنمية المحلية في مصر، محمود شعراوي، عدم زيادة تعريفة الركوب لسيارات النقل الجماعي والسرفيس والتاكسي بجميع محافظات الجمهورية، بعد تعديل أسعار البنزين من لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية وزيادتها 25 قرشاً فقط، من دون المساس بأسعار السولار.
ووجه الوزير المحافظين بالتنسيق مع مديريات الأمن وإدارات المرور والمواقف والسرفيس لتكثيف الحملات المشتركة على المواقف والساحات، والتعامل بحسم مع أي مخالفة أو محاولة سائقي السرفيس والنقل الجماعي مخالفة تعريفة الركوب المقررة سابقاً.
وشدد على ضرورة تأكيد وضع الملصق الخاص بسيارات السرفيس والنقل الجماعي والمتضمن خط السير والأجرة المقررة، لعدم زيادة قائدي السيارات تعريفة الركوب أو تقسيم خطوط السير. كما وجه غرفة العمليات وإدارة الأزمات بالوزارة بالمتابعة المستمرة مع غرف العمليات بالمحافظات لثبات أسعار تعريفة الركوب للمواطنين بالمحافظات.
وفي سياق ذي صلة، وجه وزير التموين والتجارة الداخلية في الحكومة المصرية، علي المصيلحي، مديريات التموين والقطاعات الرقابية بالوزارة ومصلحة دمغ المصوغات والموازين بتسيير حملات على محطات الوقود، للتأكد من توافر الوقود بها بكل أنواعه وإجراء عمليات الجرد الفعلي.
وشدد الوزير على مصلحة دمغ المصوغات والموازين بضرورة التأكد من موازين محطات الوقود بعد قرار تحريك الأسعار من جانب لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية. فيما يتابع مديرو المديريات منذ صدور القرار، موقف توافر الوقود وانتظام عمل محطات الوقود، وقيامهم بتسيير عدد كبير من الحملات على محطات الوقود لإجراء الجرد اللازم للبنزين بكل أنواعه بالمحطات؛ لمنع أي مخالفات قد تحدث بعد قرار تحريك الأسعار.
كما شدد مستشار الوزير لشؤون الرقابة والتوزيع، أحمد مهدي، على استمرار عمل غرف العمليات المركزية خلال أيام عيد الأضحى، لمتابعة توافر السلع وانتظام عمل الأسواق، وكذلك تكليف مديريات التموين بمتابعة تنفيذ قرار تحريك أسعار الوقود من جانب لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية.
تحركات للسيطرة على الأسعار
في الوقت نفسه، أكد الاتحاد العام للغرف التجارية "أن تحريك أسعار المحروقات، لن يؤثر في أسعار السلع الغذائية أو في انسياب حركة البضائع، كما لن يؤثر في أسعار رغيف الخبز". وأوضح "أن قرار رفع أسعار المواد البترولية جاء على أسعار البنزين فقط، بينما أبقى على أسعار المازوت والسولار المستخدمين في حركة نقل البضائع، وعمل الأفران من دون تغيير، لما له من تأثير مباشر وغير مباشر في وسائل النقل وأسعار السلع الغذائية، وكذلك ثبات أسعار المازوت المورد للأنشطة الصناعية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار الاتحاد إلى "أن قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائي للمنتجات البترولية جاء بناء على المتغيرات الدولية والتذبذب الشديد في الأسعار العالمية، وفقاً لما يشهده العالم من أحداث مختلفة مثل الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد وتخفيض الإنتاج".
وأضاف "أن غرفة عمليات متابعة الأسواق بالاتحاد العام للغرف التجارية وبالتعاون مع كل الغرف التجارية في المحافظات تتابع كل المتغيرات التي تطرأ على الأسواق الداخلية من انسياب نقل البضائع وتغير الأسعار، سواء نتيجة متغيرات ظروف العرض والطلب أو الناتجة عن تغير في ظروف أو مدخلات الإنتاج".
كيف ستتحرك معدلات التضخم حتى نهاية 2021؟
في الوقت نفسه، لا تزال العوامل المحلية والعالمية تلقي بظلالها على قراءات التضخم في مصر خلال يونيو الماضي، ليسجل أعلى قراءة سنوية في ستة أشهر، الأمر الذي قد يدفع البنك المركزي المصري إلى مواصلة سياسة تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية في أغسطس (آب) المقبل.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، "فإن معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية سجل مستوى 5.3 في المئة لشهر يونيو 2021 مقابل ستة في المئة للشهر نفسه من العام السابق. وعلى أساس شهري، ارتفع معدل التضخم السنوي خلال يونيو الماضي، مقابل 4.9 في المئة في مايو السابق له".
وقال بنك الاستثمار "فاروس" في مذكرة بحثية، "إن قراءات التضخم في مصر لا تزال داعمة لمشهد استقرار أسعار معدل الفائدة على المدى القريب". وأشار إلى "أنه في ضوء أرقام التضخم الحالية وما يصاحبها من معطيات على الساحتين العالمية والمحلية، من المتوقع أن تميل لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري إلى تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل مطلع أغسطس المقبل".
وأوضح "أن هناك عوامل محلية تتمثل في قراءات التضخم المستقبلية وأسعار الفائدة الأساسية والعائد الحقيقي على أدوات الدين. وتتمثل هذه العوامل في إشارات الفيدرالي الأميركي لاحتمالية اتباع سياسة التشديد النقدي بعد ما يقارب السنتين". وأضاف "كل هذه المعطيات لا تنشأ عنها حاجة إلى تحريك أسعار الفائدة حالياً، كما يصعب معها خفض أسعار الفائدة". وأوضح "أنه لا توجد حالة ملحة في الوقت الراهن لرفع أسعار الفائدة في مصر ووضع أعباء على القطاع الخاص والموازنة العامة للدولة".
فيما قال بنك الاستثمار "برايم"، "إن القراءات الشهرية للتضخم في مصر تراجعت خلال الشهر الماضي أكثر، في ضوء ضعف الطلب وغياب محركات التضخم الأساسية الحقيقية". وأرجع ذلك إلى "التباطؤ الكبير في تضخم المواد الغذائية في يونيو مقارنة بشهر مايو (أيار) السابق له"، لافتاً إلى "أن معدل التضخم الشهري في القطاعات غير الغذائية لا يزال مستقراً على أساس شهري".
وأوضح "أن أرقام التضخم خلال عام 2021 لا تزال مدفوعة بعوامل خارجية (أسعار السلع الأساسية) وعوامل موسمية مثل رمضان والعيد وتأثير سنة الأساس. وأشار إلى أنه بغض النظر عن أسعار السلع العالمية فإن محركات التضخم في 2021 لا تزال مؤقتة، ولا تعكس ضغوطاً تضخمية حقيقية. وتوقع أن يبقي المركزي المصري أسعار الفائدة كما هي حتى نهاية 2021".