وجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رسائل داخلية وخارجية، في مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الأميركية، متحدثاً للمرة الأولى باستفاضة ووضوح عن قضية "الفتنة" التي كان الأمير حمزة بن الحسين أحد أبرز أطرافها.
وتأتي تصريحات الملك الأردني على وقع دعم أميركي لافت، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، التي التقى خلالها بالرئيس جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس. غير أن أبرز ما كشف عنه الملك عبدالله الثاني، هو تعرض بلاده للهجوم بطائرات من دون طيار إيرانية الصنع، وهو أمر يربطه مراقبون باتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين واشنطن وعمّان، والتي كان أبرز تجلياتها الأخيرة نقل معظم جنود القواعد الأميركية في المنطقة إلى الأردن.
أجندات خاصة
وللمرة الأولى على الإطلاق منذ الكشف عن قضية "الفتنة" في نيسان (أبريل) الماضي، تحدث الملك عبدالله الثاني بلغة لا تخلو من الاتهام المباشر لأخيه غير الشقيق الأمير حمزة بن الحسين باعتباره أحد أطراف القضية.
وأشار إلى أن "أشخاصاً معينين" كانوا يحاولون استغلال "طموحات" أخيه ولي العهد السابق والدفع بطموحاته لـ"لتنفيذ أجنداتهم الخاصة".
وخلال المقابلة مع شبكة "سي أن أن"، سأل المذيع الملك عبدالله عما إن كان ما حدث هو محاولة انقلاب، فأجاب: "مر علينا مجموعة من الشخصيات التي عادة ما تستغل إحباط الناس ومخاوفهم المشروعة وهم يسعون لتحسين سبل معيشتهم، للدفع بأجنداتهم الخاصة وطموحاتهم".
وأضاف "أعتقد أن ما جعل هذا أمراً محزناً جداً هو أن أحد هؤلاء الأشخاص هو أخي، الذي قام بذلك بشكل مخيب للآمال".
وانتقد الملك عبدالله تصرفات أخيه الأمير حمزة خلال الأزمة واصفاً إياها بغير المسؤولة، في إشارة الى تسجيل المحادثات مع مسؤولين أردنيين بشكل سري وتسريب مقاطع الفيديو لوسائل التواصل الاجتماعي.
وفي لغة أكثر قسوة قال "أفخر بأفراد أسرتي عندما يحققون إنجازات وعندما يتواصلون مع المجتمع، ولكن في ما يخص هذه القضية، إذا كان لدى أحدهم أي طموحات، هناك حد لما أستطيع القيام به من أجلهم".
وختم العاهل الأردني حديثه عن الأمير حمزة برسالة واضحة مفادها بأن السياسة محصورة بالملك، أما بقية أفراد العائلة المالكة، فلديهم امتيازات محددة.
الخطر الإيراني
ودافع الملك عبدالله عن خيارات بعض الدول العربية في ما يخص اتفاقات السلام مع إسرائيل، مشيراً إلى التحديات الإقليمية التي تتمثل بالخطر الإيراني على المنطقة.
وأكد العاهل الأردني أن حديثه عن "الهلال الإيراني" عبّر عن وجهة نظر سياسية وليس دينية، وأن برنامج إيران النووي يؤثر في الخليج العربي، إذا ما قرر بعض الساسة في إيران أخذ البرنامج النووي باتجاه عسكري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما ألمح إلى خطر الطموح العسكري الإيراني على المنطقة كالصواريخ الباليستية والتي طال شررها الأردن، مشيراً إلى تعرض الأردن للهجوم من طائرات مسيّرة إيرانية الصنع العام الماضي.
الملف السوري
وفي موقف مفاجئ ومغاير لمواقفه السابقة حيال النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، قال الملك عبدالله إن النظام السوري باق وإن الإبقاء على الوضع القائم يعني استمرار العنف الذي يدفع ثمنه الشعب السوري، داعياً إلى تغيير سلوك النظام السوري عبر ما وصفه بدور مهم يمكن أن تقوم به روسيا.
وعبر الملك الأردني عن قلقه من استمرار التهديد القادم من الحدود الأردنية مع سوريا، عبر وكلاء إيران وتنظيم "داعش" الذي لم يتم القضاء عليه بعد.
كما ألمح إلى دور أردني في إعادة إعمار سوريا يتماشى مع العبء الذي يقوم به الأردن تجاه اللاجئين السوريين في المملكة، الذين اندمج أغلبهم في المجتمع الأردني ولم يعودوا يرغبون بالعودة إلى بلادهم.
لقاء بينيت وغانتس
وأكد العاهل الأردني خلال المقابلة التكهنات التي دارت قبل أسابيع عن لقائه سراً برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير دفاعه بيني غانتس.
وأضاف "كان من المهم أن ألتقي القيادة الفلسطينية بعد الصراع الأخير، حيث التقيت بالرئيس محمود عباس، وكذلك أن ألتقي أيضاً برئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين؛ لأنه علينا فعلاً أن نعيد الجميع إلى طاولة الحوار ضمن إطار بحثنا عن طرق لإعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين" المجمدة منذ 2014.
وفي إشارة الى تحسن العلاقات الأردنية- الإسرائيلية، بعد سنوات من الفتور والتوتر في عهد بنيامين نتنياهو، قال الملك الأردني "ربما علينا أن نتفهم أن هذه الحكومة قد لا تكون الأنسب لحل الدولتين، الذي برأيي هو الحل الوحيد. فكيف إذن بإمكاننا بناء جسور التفاهم بين الأردن وإسرائيل؛ حيث إننا لم نكن على وفاق أخيراً".
وعبر الملك عبدالله الثاني عن اعتقاده بقرب إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين الى طاولة المفاوضات مجدداً.
كما رد على تصريحات إسرائيلية سابقة تهدد بتحويل الأردن إلى دولة فلسطينية بالقول "الأردن هو الأردن، لدينا مجتمع مختلط من خلفيات عرقية ودينية مختلفة، لكنه بلدنا. الفلسطينيون لا يريدون التواجد في الأردن. يريدون أراضيهم".