أمرت الحكومة البريطانية البلديات برفع علم الاتحاد الأوروبي في البلدات والمدن بإنجلترا كشرط لتلقي أموال مخصصة لتعافي قطاع البيع بالتجزئة من آثار "كوفيد".
ويفيد توجيه أصدرته الوزارة المعنية إلى السلطات المحلية هذا الصيف بأن الشعار الأزرق والأصفر للوحدة الأوروبية "مطلوب" رفعه في "كل الإشارات أو ملصقات الأرصفة أو التكيفات المؤقتة للمجالات العامة" الممولة وفق البرنامج.
السبب في فرض هذا الإجراء، الذي سيؤدي إلى رفع آلاف من أعلام الاتحاد الأوروبي على المباني الرسمية والمواقع العامة في مختلف أرجاء البلاد، هو أن الصندوق الأوروبي للتنمية الإقليمية قدم أموالاً إلى المملكة المتحدة للمساعدة في إعادة فتح الاقتصاد المغلق بسبب "كوفيد-19".
وعلى الرغم من تنفيذ بريكست، فإن المملكة المتحدة لا تزال، وفق اتفاقية الانسحاب، مؤهلة للحصول على مدفوعات معينة من الصندوق حتى نهاية عام 2023، طبقاً لمجموعة من الشروط.
ويعد شرط رفع الأعلام، المفروض من بروكسل، والمطبق من قبل لندن، محرجاً للحكومة التي حرصت على إزالة أعلام الاتحاد الأوروبي من المباني العامة البريطانية، لكنها في الوقت نفسه لا تريد رفض الأموال المخصصة للتعافي من آثار "كوفيد".
وأعلنت وزارة التكنولوجيا الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة قبل أربعة أشهر فقط أنها تعمل على إلغاء قواعد تخطيط تعود إلى عام 2007 في محاولة لعرقلة رفع أعلام الاتحاد الأوروبي.
ويزعم بعض مؤيدي بريكست أن مغادرة الاتحاد الأوروبي سهلت التعامل مع جائحة "كوفيد-19". وتلقت البلديات من "صندوق الترحيب بالعودة" 56 مليون جنيه استرليني (77 مليون دولار) من أموال الاتحاد الأوروبي "لدعم العودة إلى متاجر البيع بالتجزئة بأمان، ولإعادة البناء بشكل أفضل بعد الجائحة".
وتصرف أموال الصندوق، الذي تديره الحكومة في ويستمنستر، على التكيفات في قطاع البيع بالتجزئة "تعزيزاً لبيئة آمنة للتجارة والسياحة المحليتين، ولا سيما في قطاع البيع بالتجزئة في وقت تعيد فيه الاقتصادات المحلية فتح أبوابها".
وتشتمل الأمثلة على المساعدة التخطيط للشوارع، وتأمين مقاعد إضافية، وإنشاء مناطق خضراء وإشارات جديدة، وزرع زهور، وإزالة الكتابات على الجدران، أي الإجراءات كلها الكفيلة بتشجيع الناس على العودة إلى محال البيع بالتجزئة.
وستنال كل سلطة محلية في إنجلترا تقريباً بعضاً من الأموال؛ وأكبر جهة متلقية هي برمنغهام التي صوتت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي ونالت أكثر من مليون جنيه استرليني من التمويل.
وقالت كريستين جاردين، وهي إحدى الناطقات باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي في البرلمان، "هذا يبين النفاق السخيف لهذه الحكومة المحافظة. فقد أمضت سنوات تستنكر مشاريع الاتحاد الأوروبي وتخرج المملكة المتحدة من برامج التمويل كهذا البرنامج، والآن لديها الوقاحة للمفاخرة بهذا النوع من المساعدة المالية الأوروبية الذي كانت ترفضه في السابق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"وبدلاً من القلق من رفع علم الاتحاد الأوروبي، على الحكومة أن تعمل بجد لدعم الآلاف الذين يعانون في شركات البيع بالتجزئة، بدءاً بتمديد العمل ببرنامج الإجازات المدفوعة المقرر وقفه تدريجياً الأسبوع المقبل".
وقالت الرئيسة التنفيذية لمجموعة "الأفضل لبريطانيا" للحملات، ناوومي سميث، "بالنسبة لحكومة تعتبر عدد الأعلام البريطانية المرفوعة كمعيار لحب الوطن، استناداً لتقرير (بي بي سي)، فإن هذه المساعدة الأوروبية لشركاتنا المتخصصة في البيع بالتجزئة، ستتسم بطعم المرارة".
لكنها أضافت، "مع تلقي أجزاء من المملكة المتحدة، مثل ويلز، سابقاً 400 مليون جنيه سنوياً من الاتحاد الأوروبي وحصولها قريباً على مبلغ قليل يساوي 10 ملايين جنيه من صندوق تحقيق المساواة الحكومي (البريطاني)، فإن هذا الفارق بمثابة تذكير صغير بالدعم الذي خسرته مناطق بريطانية في أمسّ الحاجة للمساعدة".
وتبدو الحكومة قلقة في شأن الامتثال للقواعد التي تنص على رفع أعلام الاتحاد الأوروبي إلى درجة أنها أمرت البلديات "بوجوب الحفاظ على نسخ من كل المواد الدعائية، بما في ذلك البيانات الصحافية، والأنشطة التسويقية، والملصقات المرفوعة في الأماكن التي تجري فيها الأنشطة من أجل تبيان الاستخدام الصحيح لشعار الاتحاد الأوروبي والنص المطلوب".
وتفيد القواعد بأن العلم يجب إظهاره في "المواد الإلكترونية والمطبوعة كلها المستخدمة في مجال المعلومات والاتصالات المدعومة من الصندوق"، بما في ذلك الإعلانات، والمنشورات، وتقارير المشاريع، والملصقات، والمواقع الإلكترونية.
وتطلب أيضاً عرضاً "لملصق على الأقل بحجم لا يقل عن أي 3، يكون مرئياً بسهولة من الرأي العام (مثلاً، منطقة المدخل في مبنى عام) في موقع تنفيذ الأنشطة" على أن يشمل الملصق علم الاتحاد الأوروبي وإشارة إلى الصندوق الأوروبي للتنمية الإقليمية.
وألقى ناطق باسم وزارة الإسكان والمجتمعات المحلية والحكم المحلي باللوم على الاتحاد الأوروبي، قائلاً لـ"اندبندنت"، "ليست الحكومة البريطانية هي من وراء هذا الشرط. والآن بعد مغادرتنا الاتحاد الأوروبي، سيحل محل هذا الدعم تمويل من الصندوق البريطاني للازدهار المشترك". وفي الواقع سيتواصل التمويل الأوروبي حتى نهاية عام 2023.
وأضاف الناطق باسم الوزارة، "نعزز التمويل المحلي على نطاق المملكة المتحدة ليساوي على الأقل ما يعرضه الاتحاد الأوروبي حالياً، وصولاً إلى نحو 1.5 مليار جنيه سنوياً".
© The Independent