أكدت مصادر حكومية لوسائل إعلام بريطانية مختلفة تقريراً نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" يكشف عن أن الحكومة البريطانية تدرس الخيارات المتاحة لحظر الشركات الصينية من المشاركة في مشروعات الطاقة البريطانية.
ومن شأن ذلك أن يمنع شركة "الصين النووية العامة" من العمل في مشروعات المفاعلات النووية لتوليد الطاقة في بريطانيا مستقبلاً. ويأتي ذلك في سياق زيادة التوتر بين لندن وبكين على خلفية ما تعتبره بريطانيا انتهاكات حقوقية صينية في هونغ كونغ وحملة الصين ضد مسلمي الإيغور، وكذلك الاتهامات للصين بقمع أي تحقيق في مصدر فيروس كورونا "كوفيد-19" الذي بدأ من مدينة ووهان وسط الصين.
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن متحدث باسم وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية قوله، "للطاقة النووية دور في غاية الأهمية في ما يتعلق بمستويات الكربون في بريطانيا مستقبلاً، في سياق سعينا إلى تحقيق أهدافنا بمنع أي انبعاثات كربونية تسهم في التغير المناخي بحلول عام 2050...، وتتم كل المشروعات النووية في بريطانيا في ظل معايير ومراجعات مستقلة مشددة كي تلبي المتطلبات القانونية ومتطلبات الجودة، فضلاً عن متطلبات الأمن القومي البريطاني وضمان حماية مصالح البلاد".
وعلقت الصين رسمياً على خطط بريطانيا لاستبعاد شركاتها من مشروعات الطاقة النووية منتقدة الخطوة البريطانية. ونقلت وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان قوله، "على البريطانيين توفير مناخ أعمال للشركات الصينية مفتوح وعادل وليس فيه تمييز ضدها... فمن مصلحة الطرفين التعاون العملي بروح من المنفعة المتبادلة".
تشدد بريطاني
وكان تقرير "فاينانشيال تايمز" نقل عن مصادر في الحكومة أن الوزراء يدرسون سبل منع الشركة الصينية، المملوكة للدولة، من المشاركة في أي مشروعات طاقة نووية في بريطانيا. ويشمل احتمال الحظر منع شركة الصين النووية العامة من الإسهام ضمن مجموعة شركات في مشروع محطة سايزويل للطاقة النووية في سافولك، وكلفته تتجاوز 27 مليار دولار (20 مليار جنيه إسترليني). كذلك عرض الشركة الصينية لبناء مفاعل طاقة نووية في برادويل أون سي في إيسكس باستخدام تكنولوجيا صينية في المفاعلات النووية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبدأ التعاون النووي الصيني البريطاني قبل ست سنوات، حين وقع رئيس الوزراء وقتها ديفيد كاميرون اتفاقاً مع الرئيس الصيني تشي جين بينغ عام 2015. لكن مع زيادة الصراع بين الولايات المتحدة والصين، خصوصاً في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي حذر رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي من مخاطر دخول الصينيين القطاع النووي البريطاني، بدأت لندن تتشدد تجاه الصين. وحذا رئيس الوزراء بوريس جونسون حذو واشنطن ومنع شركة "هواوي" الصينية للاتصالات من المشاركة في مشروع خدمة الجيل الخامس لشبكات الموبايل "5G". وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب العام الماضي، إنه لم يعد في إمكان بريطانيا أن تتعامل "بطريقة عادية" مع الصين في مجال التعاون الاقتصادي.
ولا تريد بريطانيا أن تكون خارج "السرب الغربي" الذي يواجه تحديات يفرضها التعامل مع الصين. هذا فضلاً عن أن أي تعاون مع الصين سيسبب مشكلات في ظل قوانين المقاطعة والعقوبات الأميركية على الشركات الصينية. ويتجه الاتحاد الأوروبي نحو الموقف الأميركي من الصين، وكانت جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في أوروبا الشهر الماضي تضع توحيد الموقف من الصين على قمة أهدافها.
مفاعلات صينية
وحسب تقرير "فاينانشيال تايمز" تجري الحكومة البريطانية مفاوضات مع الشريك الرئيس في الكونسرتيوم الذي يبني مفاعل سايزويل، وهو شركة "إي دي أف" للطاقة المدعومة من الحكومة الفرنسية. والهدف هو بحث كيفية استبعاد الشركة الصينية من الكونسرتيوم واستبدالها بشركة أميركية. ذلك على الرغم من أن الشركة الفرنسية تستعين بقوة بالخبرات الهندسية الصينية واستخدام التقنية الصينية. وستعمل المحطة باستخدام "تكنولوجيا مفاعلات الضغط الأوروبية"، وهي من تصميم فرنسي- ألماني، لكن أول من صنع المفاعل هي الصين. وكانت شركة الصين النووية العامة هي التي أقامت المفاعل في المحطة الأولى في العالم التي تعمل بهذه التكنولوجيا في محطة الطاقة بتايشان جنوب الصين.
وتستعين شركة "إي دي أف" الفرنسية بنحو 150 مهندساً موجودين في المواقع في بريطانيا. لكن البريطانيين يعتقدون أنه في الإمكان إقامة المحطات النووية المتفق عليها من دون الشركة الصينية. وتأمل الحكومة البريطانية أن تنسحب الشركة الصينية من دون مشكلات أو قضايا ونزاعات. وحسب اتفاقية المشروع، فإن الشركة الصينية شريك بنسبة 20 في المئة مع خيار المشاركة في الإنشاءات. وتتضمن الاتفاقية الموقعة عام 2015 استثمارات صينية ضخمة في محطة "هنكلي بوينت سي" التي يجري العمل فيها، ويتوقع أن تنتج 3.2 غيغاوات من الكهرباء باستخدام مفاعل نووي.
أما بالنسبة إلى محكمة برادويل، فقد تقدمت الشركة الصينية بتصميمات المفاعل للسلطات المعنية في بريطانيا التي ما زالت تراجعه حسب القواعد والمعايير. لكن "فاينانشيال تايمز" نقلت عن مصدر على اطلاع بخطط الحكومة البريطانية قوله "من المستحيل أن تبني شركة "الصين النووية العامة" مفاعل برادويل... واستناداً إلى التصرف من جانب الحكومة البريطانية في موضوع شركة هواوي، فلن يسمح للصينيين بناء محطة طاقة نووية جديدة".