في رد مفاجئ، أعلنت الصين أنها تعتزم فرض رسوم استيراد على أكثر من 5 آلاف مُنتَج أميركي، بنسب تدور بين 5% و25% على هذه السلع، ومن المنتظر أن تدخل رسوم الاستيراد الجديدة على السلع الأميركية حيز التنفيذ في أول يونيو (حزيران) المقبل، وتصل قيمة السلع الأميركية التي تنوي بكين استهدافها عبر الرسوم الجديدة نحو 60 مليار دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الصينية أنها تتلقى طلبات من الشركات للحصول على إعفاءات من الرسوم الإضافية، إلا أن المنتجات المدرجة على قائمة الإعفاء سوف تُستثنى من الرسوم الإضافية لمدة عام.
بكين ترفع الرسوم
القرار الصيني جاء رداً على قيام الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بزيادة الرسوم الجمركية على بقيّة الواردات الصينية، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من رفع واشنطن التعريفة الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار.
وأعلنت وزارة المالية الصينية، أنه بدءاً من 1 يونيو (حزيران) المقبل سيتم تنفيذ القرار المتعلق بزيادة التعريفات الجمركية على واردات من واشنطن من مستوى 10% إلى 25% بقيمة إجمالية تصل إلى 60 مليار دولار.
وأضاف البيان أن هناك 5140 منتجاً سيشهد زيادة في التعريفات الجمركية. وتتضمن القائمة 2493 منتجاً سيتم تطبيق تعريفات عليهم بنحو 25%، إلى جانب 1078 منتجاً سيتم فرض تعريفات عليهم بنحو 20%.
كما تخطط الصين لتطبيق تعريفات على 974 منتجاً بنحو 10%، إلى جانب تعريفات أخرى بنسبة 5% على 595 منتجاً.
رد أميركي سريع
لكن سرعان ما جاء الرد الأميركي على لسان ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر الذي أكد، في بيان، أن الرئيس الأميركي طلب أن نُطلق آلية لرفع الرسوم على كل الواردات المتبقية من الصين والتي تُقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار.
وكان محللون توقعوا لـ"اندبندنت عربية" أن تتجه الصين إلى استخدام سلاح السندات الأميركية في الضغط على واشنطن، خاصة أن الصين ما زالت تتصدر أكبر حملة السندات الأميركية عالمياً بقيمة 1.3 تريليون دولار، إضافة إلى التجارة البينية بين البلدين والتي تتجاوز مئات المليارات من الدولارات.
ترمب يجدد تحذيره من الرد الصيني
وقبل أن ترد الصين بالرسوم الانتقامية حسبما وصفها محللون وخبراء اقتصاد، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين من الرد على زيادة الرسوم الجمركية التي فرضها على سلع صينية الأسبوع الماضي، وقال إن "المستهلكين الأميركيين لن يدفعوا مقابل أي زيادة في الرسوم الجمركية".
وكتب ترمب على تويتر قائلاً: "لا يوجد ما يبرر أن يدفع المستهلكون الأميركيون مقابل الرسوم، التي تدخل حيز التنفيذ على الصين اليوم، وعلى الصين ألا ترد، لن يزداد الوضع إلا سوءاً!" مضيفاً أنه "من الممكن تفادي الرسوم إذا نقل المصنعون الإنتاج من الصين إلى دول أخرى".
وتابع "قلت بصراحة للرئيس شي ولجميع أصدقائي الكثيرين في الصين، إن الصين ستتضرر بشدة إذا لم تبرم اتفاقا لأن الشركات ستضطر لمغادرة الصين إلى دول أخرى. سيكون الشراء في الصين باهظ التكلفة للغاية. وصلتم إلى اتفاق رائع، شبه مكتمل، وتراجعتم".
الأسهم الأميركية تعاود النزيف
وعقب القرار الصيني، عمقت مؤشرات الأسهم الأميركية خسائرها خلال جلسة الاثنين، ليتراجع مؤشر "داو جونز" بأكثر من 620 نقطة متراجعاً بنحو 2.4% أو ما يعادل 623 نقطة إلى 25318.6 نقطة.
كما هبط مؤشر "ستاندرد آند بورز" بنسبة 2.4% عند 2811.1 نقطة. أما مؤشر "ناسداك" فقد انخفض بنحو 3.4% مُسجلاً 7647.02 نقطة.
وفي الأسواق الأوروبية، انخفضت مؤشرات الأسهم بأكثر من 1% بنهاية تعاملات أمس الاثنين.
وكانت أسهم قطاعي السيارات والموارد الأساسية أكبر الخاسرين في البورصات الأوروبية مع احتدام الخلاف التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وعند ختام التداولات، انخفض مؤشر "ستوكس 600" بنحو 1.2% عند 372.5 نقطة، كما هبط مؤشر "فوتسي" البريطاني بنسبة 0.5% إلى 7163.6 نقطة.
أما مؤشر "داكس" الألماني فقد تراجع بنسبة 1.5% إلى 11876.6 نقطة، بينما انخفض مؤشر "كاك" الفرنسي بنحو 1.2% مُسجلاً 5262.5 نقطة.
توقعات بمزيد من الخسائر
وقال المحلل الاقتصادي أحمد الحارثي "إن ما حدث في جلسة الاثنين من خسائر في أسواق الأسهم العالمية هو أمر طبيعي في ظل التوتر بين بكين وواشنطن، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تضرب منطقة الشرق الأوسط".
وأشار إلى أن "الرد الصيني كان متوقعاً، وعلى الرغم من تأثر الأسواق بهذا الرد، لكنه في الوقت نفسه أفضل كثيراً من لجوء الصين إلى استخدام سلاح سندات الخزانة الأميركية في الحرب الدائرة بين واشنطن وبكين، حيث كان من المتوقع أن تكون الصدمة أكبر، وأسواق العالم كانت سوف تتأثر كثيراً بهذا الاتجاه".
وتوقع "أن تواصل البورصات وأسواق المال العالمية اتجاهها الهبوطي خلال الجلسات المقبلة ترقباً لقرارات أميركية جديدة متوقعة رداً على الرسوم التي فرضتها الحكومة الصينية أخيراً"، لافتاً إلى "أن الأسواق العربية سوف تتأثر في نفس الوقت بهذه الموجة من الخسائر التي تواجه أسواق الأسهم الأميركية والأوروبية".
الدولار يتحول إلى الهبوط
وفي سوق العملات، تحول الدولار الأميركي إلى الهبوط مقابل سلة من العملات الرئيسية، بعد التصعيد التجاري الأخير بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي وقت متأخر من تعاملات الاثنين، انخفض المؤشر الرئيسي الذي يرصد أداء الورقة الأميركية مقابل 6 عملات رئيسية بنسبة 0.3% عند مستوى 97.067.
وخلال نفس الفترة، انخفض الدولار مقابل اليورو بنسبة 0.2% لتسجل العملة الأوروبية الموحدة 1.1255 دولار. في حين أن العملة الأميركية تراجعت مقابل نظيرتها اليابانية بأكثر من 0.8% لتنخفض إلى 109.09 ين.
كما انخفض الدولار أمام الجنيه الإسترليني بنسبة 0.2%، لتصعد العملة البريطانية إلى 1.3024 دولار. وشهدت العملة الأميركية تراجعاً بنحو 0.6% مقابل الفرنك السويسري لتسجل مستوى 1.0056 فرنك.
العائد على السندات الأميركية يتراجع
فيما تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لآجل 10 سنوات بمقدار 5 نقاط عند 2.417%، وهو أدنى مستوى منذ 29 مارس (آذار).
كما هبط العائد على سندات الخزانة الأميركية لآجل 30 عاماً بمقدار نقطتين مُسجلاً 2.851%، أما العائد على سندات الخزانة الأميركية لآجل عامين فهبط بمقدار 6 نقاط عند 2.213%.
ويتزامن مع تراجع عوائد السندات الأميركية انخفاضٌ في عملات الأسواق الناشئة وهبوطٌ أسعار الذهب.
ركود عنيف ينتظر الاقتصاد الأميركي
وفي مذكرة بحثية حديثة قال مايكل ويلسون، المحلل في بنك "مورغان ستانلي" "إن اقتصاد الولايات المتحدة قد يدخل في مرحلة ركود حال استمرار تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين".
وأضاف "ويلسون"، وهو كبير المحللين في الأسهم الأمريكية لدى البنك، "أن زيادة التعريفات الأميركية على السلع الصينية ستصبح عقبة أمام أرباح الشركات التي ستكافح لتعويض التأثير السلبي لتلك الرسوم على أرباحها".
وذكر "أنه إذا فرضت الولايات المتحدة تعريفات على بقية واردات الصين، فقد تكون هناك عواقب وخيمة على الاقتصاد".
وأضاف: "بالنظر إلى ضغوط التكاليف الأخرى وتباطؤ التضخم، فإننا غير مقتنعين بأن الشركات ستتمكن عموماً من تعويض تكاليف التعريفات بالكامل من خلال رفع الأسعار، مما يعني أن الرسوم الجمركية ستضغط على هوامش الأرباح".
وأشار إلى أنه "في حالة فرض الرسوم الجمركية بنسبة 25% على جميع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة، فإننا نميل إلى الاعتقاد بأن هذا لديه القدرة على دفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود بالنظر إلى قضايا التكلفة التي تتعامل معها الشركات بالفعل".