سجلت أسعار النفط مكاسب للشهر الرابع على التوالي خلال تعاملات يوليو (تموز) الماضي في ظل تنامي الطلب العالمي بوتيرة أسرع من العرض مع تراجع إمدادات الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للخام في العالم.
وتلقت أسعار الخام أيضاً خلال الشهر الماضي دعماً من توقعات بأن تخفف اللقاحات من وقع زيادة جديدة في إصابات فيروس كورونا بالعالم، إلى جانب الاستقرار النسبي بعد التوصل لاتفاق بشأن سياسة الإنتاج لتحالف "أوبك+" حتى نهاية 2022.
واتفق التحالف، المكون من 23 دولة بقيادة السعودية وروسيا، في 18 يوليو على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر، اعتباراً من الأول من أغسطس (آب) الحالي، مع تمديد اتفاق خفض الإنتاج إلى نهاية 2022. كما وافق على رفع خط الأساس الخاص بالإمارات وعدد من الدول الأخرى، بدءاً من مايو (أيار) المقبل.
وخلال الشهر الماضي ارتفع سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم سبتمبر (أيلول) بنحو 2.3 في المئة فوق مستوى 76 دولاراً ليغلق عند 76.33 دولار للبرميل، ويعتبر هذا الارتفاع الرابع على التوالي والسابع من بين 8 أشهر سابقة، وبذلك قفز سعر خام برنت 24.51 دولار تعادل 47.9 في المئة خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي.
فيما حقق سعر عقود الخام الأميركي مكاسب شهرية في يوليو بنسبة 1.6 في المئة مقترباً من مستوى 74 دولاراً مسجلاً 73.95 دولار للبرميل.
وكانت أسعار النفط زادت بأكثر من 45 في المئة في النصف الأول من العام الحالي وهو أفضل أداء نصف سنوي خلال 12 عاماً، تحديداً منذ 2009، إذ أدى طرح اللقاح في الاقتصادات الرئيسة مثل الولايات المتحدة إلى تسريع الانتعاش من الوباء وأيضاً مع توجه دول العالم إلى رفع القيود تدريجياً عن السفر مع وضع ضوابط وإجراءات احترازية ما عزز استهلاك الوقود، فيما سجل الخامان زيادة في الربع الثاني من 2021 بلغت 21.3 و25.2 في المئة على التوالي.
مكاسب أسبوعية
وعلى أساس أسبوعي، واصل الخامان القياسيان المكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، وارتفع سعر عقود برنت القياسي خلال الأسبوع الأخير من يوليو (تموز) بنسبة 3 في المئة تعادل 2.23 دولار، فيما زاد سعر عقد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم سبتمبر (أيلول) بنسبة 2.6 في المئة.
وبنهاية الجمعة، آخر تعاملات الشهر الماضي، تحولت أسعار النفط إلى المنطقة الخضراء بعد جلسة متقلبة بفضل الدعم من توقعات بأن يظل الطلب قوياً، وأن تتلقى السوق الدعم من انخفاض مخزونات النفط وارتفاع معدلات التلقيح.
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت تسليم سبتمبر، التي حل أجلها، 28 سنتاً بما يعادل 0.4 في المئة، ليتحدد سعر التسوية عند 76.33 دولار للبرميل بعد أن قفزت 1.7 في المئة، الخميس، فيما أغلق عقد أكتوبر (تشرين الأول) مرتفعاً 31 سنتاً بنسبة 0.4 في المئة إلى 75.41 دولاراً للبرميل، وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.5 في المئة، بعد أن ربحت نحو 1.7 في المئة في الجلسة السابقة.
ارتفاع معدلات التطعيم
ويقول المحللون، "إن ارتفاع معدلات التطعيم سيحد من الحاجة إلى إغلاقات صارمة كالتي عصفت بالطلب في ذروة جائحة كورونا العام الماضي، وذلك حتى مع تنامي الإصابات في الولايات المتحدة وبأنحاء آسيا وأجزاء من أوروبا".
وقال جيم ريتربوش، رئيس ريتربوش وشركاه في جالينا بولاية إيلينوي لوكالة "رويترز"، "يبدو أن سوق النفط أعادت النظر في عامل فيروس كورونا عندما خلصت إلى أن الطلب لن يشهد إلا تراجعاً متواضعاً، ولو قياساً إلى تهاوي الاستهلاك في العام الماضي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ارتفاع إنتاج "أوبك"
وارتفع إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في يوليو (تموز)، ليصل إلى 26.75 مليون برميل يومياً، مسجلا ًأعلى مستوياته منذ أبريل (نيسان) 2020، ولكن رغم ذلك لا يزال بعيداً عن مستويات عام 2019.
وأظهر المسح، الذي أجرته "رويترز"، أن المنظمة ضخت 26.75 مليون برميل يومياً في الشهر الماضي، بزيادة 610 آلاف برميل يومياً عن تقديرات يونيو (حزيران) المعدلة، إذ خففت قيود الإنتاج بموجب اتفاق مع حلفائها، وألغت السعودية خفضها الطوعي للإمدادات.
وتراجع التزام الدول الأعضاء بالتخفيضات التي تعهدت بها إلى 115 في المئة مقابل 118 في المئة معدّلة في يونيو، لكن التحالف ما زال يضخ أقل مما دعا إليه الاتفاق الأخير.
وسجلت السعودية أكبر زيادة في يوليو بلغت 460 ألف برميل يومياً، إذ تراجع خفضها، وزادت الإنتاج في إطار زيادة تحالف "أوبك+" في الأول من يوليو، ولكنها لا تزال ضمن حصتها الإنتاجية المقررة، وجاء ثاني أكبر مصدر من الإمارات، مع إضافة 40 ألف برميل يومياً، تماشياً مع حصتها الجديدة.
وأوضح المسح أن الكويت ونيجيريا أضافتا 30 ألف برميل يومياً، في حين زاد إنتاج العراق، ثاني أكبر منتج في "أوبك"، بمقدار 20 ألف برميل يومياً.
روسيا تزيد إنتاجها
ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، أن بلاده ستزيد إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يومياً في أغسطس. أضاف نوفاك، أن هذا الإنتاج المرتقب الشهر المقبل يتوافق مع حصة روسيا في الاتفاق الجديد لمنظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها المعروف بـ"أوبك+"، موضحاً أن بلاده التزمت بحصتها وفقاً الاتفاق في يوليو (تموز) بنسبة 100 في المئة.
وتابع، "سيكون الالتزام 100 في المئة، ولا يوجد أي تذبذب قوي في هذا المستوى. نحن تقريباً نسير على مستوى أساس الإنتاج الشهري نفسه بالوتيرة نفسها. الشركات لديها إحساس بالمسؤولية تجاه هذه المسألة".
تراجع المخزونات
وتراجعت المخزونات الأميركية من النفط بشكل حاد في الأسبوع الماضي لأدنى مستوى منذ يناير 2020، بالتزامن مع هبوط الواردات النفطية وارتفاع استهلاك المشتقات النفطية.
وبحسب بيانات وكالة الطاقة الأميركية، انخفضت المخزونات التجارية في البلاد بنحو 4.1 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 23 يوليو (تموز)، فى تاسع نزول أسبوعي في غضون شهرين ونصف لتتجاوز توقعات الخبراء تراجعاً بنحو 2.6 مليون برميل.
ويعكس هذا السحب القوي من مخزونات النفط الأميركية النمو القوي للطلب على الخام.
وهبط إجمالي المخزونات التجارية في الولايات المتحدة إلى حوالى 435.58 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ الأسبوع المنتهي في 31 يناير 2020.
ويعتبر انخفاض المخزونات الأميركية لمستويات ما قبل اندلاع جائحة كورونا علامة إيجابية كبرى على تحسن مستويات الطلب والسحب في أكبر مستهلك للوقود بالعالم، بخاصة بعد تخفيف قيود الإغلاق المرتبطة بالعدوى.
ووفق البيانات، تراجع إنتاج الخام في الولايات المتحدة وهي أيضاً أكبر منتج للنفط في العالم بحوالى 200 ألف برميل الأسبوع الماضي، لينزل إجمالي الإنتاج إلى 11.2 مليون برميل وهو أقل مستوى منذ الأسبوع المنتهي في 25 يونيو الماضي.
انخفاض عدد حفارات النفط الأميركية
وتراجعت أعداد حفارات النفط في الولايات المتحدة، وهو مؤشر مبكر للإنتاج المستقبلي، بعد صعودها أربعة أسابيع متتالية.
وأظهر التقرير الأسبوعي لشركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية، الجمعة، انخفاض عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة بمعدل حفارين إلى 385 منصة هذا الأسبوع المنتهي في 30 يوليو 2021.
وجاء التراجع مع إغلاق الشركات الأميركية 5 حفارات في أحواض خارج الصخري، ليصل المجموع إلى 61 حفاراً، فيما تمت إضافة حفار واحد للتنقيب عن النفط في حقل برميان، ليصل الإجمالي إلى 243 حفاراً. وانخفض عدد حفارات الغاز الطبيعي خلال الأسبوع الماضي بمقدار منصة واحدة الأسبوع الماضي، ليصل الإجمالي إلى 103 حفارات.