بعد تحذير الحكومة الشرعية في اليمن المبعوث الأممي الجديد من اتباع "نهج أسلافه"، أكدت جماعة الحوثي أن لا جدوى من اللقاء مع السويدي هانس غروندبيرغ الذي عُيّن أخيراً رابع مبعوث إلى البلاد، منذ الانقلاب الحوثي في سبتمبر (أيلول) 2014، خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث.
وقال محمد عبد السلام، ناطق الميليشيا، وكبير مفاوضيها اليوم الأحد إنه لا جدوى من إجراء محادثات مع المبعوث من دون تحرك بشأن الشروط الرئيسة للجماعة التي طُرحت خلال عملية السلام المتوقفة.
وفي امتداد لرفضهم الدائم استقبال أسلافه الثلاثة، لوّح المسؤول الحوثي بأن جماعته لا تعتزم الالتقاء بالمبعوث الجديد في المرحلة الحالية، وقال على "تويتر"، تعليقاً على تعيين غروندبيرغ "لا جدوى من أي حوار قبل فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة إنسانية".
وذكر عبد السلام خلال رده على اتصال لـ"رويترز"، في رسالة نصية "لا نرى أي جدوى من ذلك، فالمبعوث ليس بيده شيء حتى نلتقيه"، مؤكداً عدم حدوث "أي تقدم بعد زيارة المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ إلى الرياض الشهر الماضي".
ترحيب وتحذير من تجارب فاشلة
الحكومة الشرعية اليمنية، بدورها رحبت بغروندبيرغ، ولكنها في الوقت ذاته، حذرته من انتهاج الآليات نفسها التي اعتمدها أسلافه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، خلال الاتصال الذي جرى بينه والمبعوث "إن استمرار التعامل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بذات الآليات والطريقة لن يؤدي إلى تحقيق أي نجاح، ما لم تكُن هناك وسائل ضغط عملية أكثر فاعلية وقوة".
وبهذا الشأن، تطرق عبد الملك إلى تجارب الحوار مع ميليشيا الحوثي ونقضها المستمر للاتفاقات والضغط الأممي والدولي المطلوب باتجاه تجاوز المراوغات والتسويف من قبل الجماعة وداعميها في طهران لإطالة أمد الحرب في اليمن، وتهديد أمن واستقرار المنطقة والعالم.
ويأتي تعيين الدبلوماسي السويدي هانز غروندبيرغ مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى اليمن، الجمعة، تزامناً مع ضغط دولي دبلوماسي متصاعد يهدف إلى إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو سبعة أعوام بين الحوثيين والقوات الحكومية الشرعية المدعومة من التحالف العربي، ووضع حد لأسوأ أزمة إنسانية في العالم، تتبنّاه الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي جو بايدن وترعاه الأمم المتحدة.
الحوثي سبب المعاناة
والخميس، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن الحوثيين مسؤولون عن الكثير من المعاناة التي شهدها الشعب اليمني، وتسبّبوا بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، معظمها من صنع الإنسان والفاعل في هذه الحالة هم الحوثيون.
ووفقاً لمراقبين، فإن التصريح الأميركي الجديد يأتي في إطار مواصلة واشنطن فرض ضغوطها الدبلوماسية على جماعة الحوثي لإجبارها على الرضوخ لدعوات السلام الدولية المتنامية لإنهاء الحرب في البلاد.
لكن تلك الجهود لم تفلح في إحداث خرق جوهري في جدار الأزمة، على الرغم من المبادرة السعودية التي اعتبرها مراقبون يمنيون وعرب خطوة بناءة متقدمة نحو وقف الحرب ورغبة حكومة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي بتسوية الخلافات، كما لم يحقق تعاقب المبعوثين الأمميين من نيويورك، وسفرهم بين الرياض ومسقط وعدن، وأخيراً، صنعاء التقدم المرجو، إذ لا يزال الرفض الحوثي لمبادرات السلام عقبة أمام الحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها، اللذين يسعيان إلى اتفاق متزامن، فيما يصرّ الحوثيون على رفع الحصار أولاً. واعتبر مراقبون هذا الشرط مراوغة حوثية إضافية لضمان البقاء والتمدد الآمن في بقية المناطق ومنها محافظة مأرب التي تشهد منذ فبراير (شباط) الماضي هجوماً حوثياً متواصلاً هو الأعنف منذ بدء الحرب، بغية السيطرة على محافظة النفط والغاز.
في الأثناء، تستميت القوات الحكومية للدفاع عن آخر وأعتى معاقلها العسكرية والسياسية والاقتصادية شمالاً، على الرغم من النداءات الدولية بوقف الهجوم.
غروندبيرغ... خبير في المنطقة
والجمعة، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قراراً بتعيين السويدي هانس غروندبيرغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن.
وجاء في بيان أصدره ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن غروندبيرغ يشغل منذ عام 2019 منصب سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن، ويتمتع بخبرة تزيد على 20 عاماً في الشؤون الدولية.
وأضاف البيان أن المبعوث الجديد انخرط منذ أكثر من 15 عاماً في حل النزاعات والتفاوض والوساطة، مع التركيز على الشرق الأوسط.
وترأس غروندبيرغ شعبة الخليج في وزارة الخارجية السويدية عام 2018، كما ترأس مجموعة العمل في المجلس الأوروبي لشؤون الشرق الأوسط ومنطقة الخليج خلال رئاسة السويد الدورية للاتحاد الأوروبي عام 2009.
وفي حين اعتبر الحوثيون أن لا جدوى من تعيين مبعوث جديد أو الالتقاء به، رحبت الحكومة اليمنية بالتعيين، متطلعة إلى العمل البناء معه نحو إحلال السلام.
وقالت الحكومة في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية سبأ، إنها "ستقدم كل الدعم للمبعوث الجديد بهدف استئناف العملية السياسية والتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الانقلاب والحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية، والتخفيف من معاناة الشعب اليمني الذي يواجه أسوأ أزمة إنسانية".