أكد مسؤولو الإدارة الأميركية التزام الولايات المتحدة بدعم أمن شركائها في الشرق الأوسط، بما يشمل الاتفاقيات الأمنية والمبيعات العسكرية والتدريب والتبادلات كمكونات أساسية لاستراتيجية واشنطن الإقليمية الشاملة وردع التهديدات، جاء ذلك خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في الكونغرس، شارك فيها كل من ميرا ريسنيك، نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الأمن الإقليمي، ودانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط.
واحتلت التهديدات التي تشكلها إيران ووكلاؤها في المنطقة التركيز الأكبر خلال الجلسة التي تناولت قضايا المنطقة، الثلاثاء، 10 أغسطس (آب)، وأكدت ريسنيك، في شهادتها، دعم حلفاء الولايات المتحدة والوقوف وراءهم، والعمل مع شركاء متشابهين في التفكير، والعمل الجماعي لتعزيز المصالح المشتركة وردع التهديدات المشتركة، وقالت، "في الشرق الأوسط، نعمل على مكافحة الشبكات الإرهابية الدولية وردع العدوان الإيراني ودعم الدفاع الإقليمي لشركائنا وحلفائنا".
أضافت ريسنيك أنه من خلال تجهيز وتمكين شركاء الولايات المتحدة في مواجهة المخاوف الأمنية المشتركة، يمكن المساعدة في تقاسم عبء معالجة أزمات اليوم، وتعزيز المرونة والابتكار والازدهار المشترك للمستقبل. وتابعت، "مساعدتنا الأمنية ونقل الأسلحة للشرق الأوسط، كما هي الحال في أي جزء من العالم، هي إحدى وظائف سياستنا الخارجية، من خلال تطبيق مجموعة أدوات التعاون الأمني، كما يسعى مكتب الشؤون السياسية والعسكرية التابع لوزارة الخارجية إلى بناء قدرات الحلفاء والشركاء للمساهمة في الاستقرار والأمن الإقليميين وتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، الأمر الذي يساهم بدوره في الأمن الأميركي، الذي أيضاً يحمل تداعيات إنسانية حيوية في المنطقة".
اليمن
سلطت مسؤولة الخارجية الأميركية الضوء على التحدي المقبل من اليمن، مشيرة إلى التزام الولايات المتحدة بمساعدة السعودية في الدفاع عن نفسها من الهجمات المستمرة عبر الحدود من قبل الحوثيين المدعومين من إيران. وأشارت إلى أنه منذ اليوم الأول لها، "عملت إدارة الرئيس جو بايدن على إنهاء الصراع في اليمن، وكانت الخطوة الأولى تجاه القيام بذلك تعليق بيع ذخائر كانت الإدارة السابقة قد أبلغت بها الكونغرس، في الوقت نفسه، تدرك هذه الإدارة أن السعودية تواجه تهديدات كبيرة على أراضيها، ونحن ملتزمون بالعمل معاً لمساعدة الرياض على تعزيز دفاعاتها"، ولفتت إلى جهود دبلوماسية أميركية بالتعاون مع الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.
التهديد الإيراني
على صعيد التهديد الإيراني، قالت ريسنيك إن الولايات المتحدة ستعمل مع الشركاء الإقليميين "لردع العدوان الإيراني" والتهديدات الملحة للسيادة والسلامة الإقليمية بما في ذلك "مكافحة تنظيم القاعدة والشبكات الإرهابية ذات الصلة ومنع عودة تنظيم داعش، ومعالجة الأزمات الإنسانية، ومضاعفة الجهود لحل النزاعات المسلحة المعقدة التي تهدد الاستقرار الإقليمي"، واستدركت أن الإدارة الأميركية لا تعتقد أن القوة العسكرية هي الرد على تحديات المنطقة، إذ "يجب أن يكون استخدام القوة العسكرية الملاذ الأخير. يجب أن تكون الدبلوماسية والتنمية والكفاءة الاقتصادية الأدوات الرئيسة للسياسة الخارجية الأميركية".
وجاءت شهادة نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط متوافقة مع زميلتها، وقالت سترول إنه "نظراً للتهديد الإقليمي المشترك الذي تمثله شبكة الطائرات من دون طيار المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة، يمكننا استخدام برامج التعاون الأمني لتعزيز تقاسم أعباء الدفاع الإقليمية المشتركة، بينما تسعى (الولايات المتحدة) إلى أن تظل الشريك الأمني المفضل في الشرق الأوسط "، مضيفة أن "تحسين الأمن الإقليمي المتكامل بين الشركاء أمر أساسي لتموضع الولايات المتحدة في المنطقة بشكل صحيح".
وخلال الجلسة، وجه السيناتور الجمهوري تود يونغ، سؤالاً إلى سترول عما إذا كانت تؤكد أن الهجوم الذي استهدف الناقلة "ميرسر ستريت" في خليج عُمان، أواخر الشهر الماضي، تم إطلاقه من اليمن بطائرات من دون طيار إيرانية الصنع، وردت نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي بالقول، "نعم، يمكنني تأكيد هذه التقارير، كان هذا هجوماً بطائرة مسيرة أحادية الاتجاه مدعوماً من إيران".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير أن وزارة الدفاع الأميركية نفت في وقت لاحق تأكيد سترول أن الهجوم نُفذ من اليمن، وغرد المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، على "تويتر"، "أشارت (سترول) إلى بيان مجموعة السبع وتحقيقات القيادة المركزية الأميركية،الجمعة، والتي نسبت بوضوح الهجوم إلى إيران لكنها لم تذكر صلة مباشرة باليمن".
كما سأل يونغ سترول خلال الجلسة عن تزويد إيران وكلاءها المسلحين في المنطقة بالأسلحة، مثل المتمردين الحوثيين في اليمن، وردت قائلة، "ما نراه في جميع أنحاء المنطقة هو تسليح وتدريب وتمويل إيراني للجماعات الإرهابية والجهات الفاعلة غير الحكومية والميليشيات في جميع أنحاء المنطقة".
وتصر إيران على نفي مسؤوليتها عن الهجوم، لكن دولاً غربية عدة وجهت أصابع الاتهام إلى طهران، ووصف محللون العملية بأنها جزء من حرب الظل بين إيران وإسرائيل.
روسيا والصين
لم يفت المسؤولون الأميركيون الإشارة إلى التنافس الاستراتيجي مع الصين وروسيا، فبينما أشارت سترول إلى أن بناء قدرات الشركاء أمر بالغ الأهمية للحد من تعرضهم للعدوان، وتحسين قدرتهم على الدفاع عن سيادتهم ومصالحهم وضمان نظام دولي حر ومنفتح، وأضافت أن الأداة الحاسمة في مواجهة المنافسين الأميركيين مثل الصين وروسيا هي توفير تدريب ومعدات متفوقة لتلبية احتياجات الشركاء.
وأكدت مسؤولة الخارجية الأميركية أن الوجود الأميركي في الشرق الأوسط والعلاقات مع الشركاء الإقليميين يساعد على منع جهود موسكو وبكين لتوسيع نفوذهما في المنطقة، وقالت إن "الصين، على وجه الخصوص، أصبحت أكثر حزماً بسرعة، إنها المنافسة الوحيدة القادرة على الجمع بين قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتشكيل تحد مستدام لنظام دولي مستقر ومنفتح"، وأضافت أن روسيا لا تزال مصممة على تعزيز نفوذها العالمي واتهمت موسكو بلعب "دور تخريبي" على المسرح العالمي.
وتابعت أنه في إطار ذلك تواصل الجهات الفاعلة الإقليمية مثل إيران السعي وراء قدرات وتقنيات لتغيير قواعد اللعبة، بشكل يهدد حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها وتتحدى الاستقرار الإقليمي، وأكدت حاجة الولايات المتحدة إلى "التركيز على تعزيز نقاط القوة الأساسية لأميركا لمواجهة المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا التي ستشكل مستقبلنا".
الإمارات
وأشارت ريسنيك إلى تقديم دولة الإمارات مساهمات كبيرة لتعزيز الأمن الإقليمي وخفض التصعيد في جميع أنحاء الشرق الأوسط ووصفتها بأنها "شريكة بارزة للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب"، وفي وقت أثير الجدل قبل أشهر بشأن صفقة أسلحة أميركية للإمارات بقيمة 23 مليار دولار بينها طائرات "أف-35" المتقدمة وطائرات مسيرة مسلحة ومعدات أخرى، إذ عارض بعض المشرعين الأميركيين الصفقة بسبب الحرب في اليمن، وعبروا عن قلقهم من أن صفقة الأسلحة قد تنتهك الضمانات الأميركية بأن إسرائيل ستحتفظ بميزة عسكرية في المنطقة، أكدت نائبة مساعد وزير الخارجية التزام إدارة بايدن بالتعاون الأمني مع الإمارات، بما في ذلك من خلال نقل بعض أهم التقنيات، وقالت إنه في حين تمتد مواعيد تسليم هذه المبيعات سنوات عدة في المستقبل، "فإننا نتوقع حواراً قوياً ومستداماً مع دولة الإمارات لضمان أن أي عمليات نقل دفاعية تلبي أهدافنا الاستراتيجية المشتركة لبناء شراكة أمنية أقوى وأكثر قدرة، ستحمي أمن تقنيتنا وتتوافق مع قيمنا".
كما أكدت المسؤولة الأميركية مواصلة العمل مع مصر لتحسين قدرتها على تعزيز المصالح الأمنية المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن الحدودي والبحري، وفي الوقت نفسه، أشارت إلى أن القرارات المتعلقة بدعم أمن مصر يجب أن تكون مرتبطة بالقيم الديمقراطية، لافتة إلى مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وشددت على أن جزءاً رئيساً من قرارات نقل الأسلحة، يتمثل في جهود ضمان عدم استخدام المعدات الأميركية في انتهاكات حقوقية وتقليل مخاطر وقوع إصابات بين المدنيين على يد الشركاء.