يبدو أن غالبية حرائق الغابات التي تجتاح شمال الجزائر أصبحت تحت السيطرة، الجمعة، خصوصاً في منطقة تيزي وزو الأكثر تضرراً في منطقة القبائل، بحسب السلطات.
وبعد إعلان "إخماد كل حرائق الغابات التي اندلعت صباح اليوم في تيزي وزو"، أفادت الحماية المدنية عن اندلاع "خمسة حرائق" في هذه الولاية.
ويواصل عناصر الإطفاء ومتطوعون مكافحة 35 حريقاً في 11 محافظة أخرى، من بينها جيجل وبجاية وبومرداس وفق أحدث تقرير للحماية المدنية.
وفي المجموع، أخمد 76 حريقاً من أصل مئة أحصيت الخميس، في 15 محافظة في البلاد.
وشاركت طائرتان فرنسيتان، الخميس، في الجهود المبذولة في منطقة القبائل ومن المتوقع أن تصل ثلاث قاذفات ماء أخرى، الجمعة، من إسبانيا وسويسرا بحسب الرئيس عبد المجيد تبون.
ولقي ما لا يقل عن 71 شخصاً حتفهم في هذه الحرائق "المفتعلة"، وفق السلطات، وقد أججتها الحرارة الشديدة.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الخميس، إن سلطات بلاده اعتقلت 22 شخصاً يشتبه في ضلوعهم في إضرام مجموعة من أشد حرائق الغابات تدميراً في تاريخ البلاد، ووصف تلك الحرائق بأنها كارثة وحث على الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وتستعر عشرات من حرائق الغابات بمناطق جبلية في الجزائر منذ يوم الاثنين وتضررت تيزي وزو بشكل خاص، وهي الإقليم الرئيسي في منطقة القبائل شرق العاصمة.
وقال تبون في خطاب بثه التلفزيون الرسمي على الهواء إن بعض الحرائق "تسبب فيها ربما الطقس المرتفع (الحرارة) جداً بالبحر الأبيض المتوسط بصفة عامة لكن أغلبها تسببت فيها أياد إجرامية".
وأضاف "22 شخصاً مشتبه فيهم يوجدون حالياً في قبضة العدالة من بينهم 11 في ولاية تيزي وزو، وأربعة في عنابة والبقية في ولايات المدية وجيجل وعين الدفلى".
وقال الرئيس بعد أن وصف الأمر بالكارثة "إيماننا بالوطن وقوتنا وعزيمتنا لن تنهار". وأشاد بإرسال المحافظات والأقاليم الأخرى مساعدات للمناطق المتضررة شملت الغذاء والدواء والتبرعات ومواد أخرى.
وأضاف قائلاً "نوصي بعضنا البعض بالوحدة الوطنية، فهي البداية وهي النهاية".
وإضافة للاستعانة بالجنود على الأرض، استخدم الجيش ست طائرات هليكوبتر لإخماد النيران بمساندة من طائرتي إطفاء مستأجرتين من الاتحاد الأوروبي بدأتا العمل منذ صباح الخميس.
وقال تبون إن الحكومة ستتسلم طائرتين إضافيتين من إسبانيا الجمعة وثالثة من سويسرا خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
جهود إخماد النيران
وتستمر جهود إخماد النيران التي اجتاحت شمال الجزائر منذ أربعة أيام بمؤازرة طائرات من الخارج، في اليوم الأول من الحداد الوطني على أرواح 71 شخصاً قضوا في الحرائق التي يذكيها ارتفاع درجات الحرارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين قتلى حرائق الغابات 28 عسكرياً كانوا يساعدون في إطفاء النيران، بحسب آخر حصيلة للسلطات. وقضى 37 مدنياً في تيزي وزو وأربعة في بجاية المجاورة، بين الاثنين والأربعاء، بينما قضى شخصان الخميس، في سطيف، بحسب التلفزيون الحكومي.
وأعلنت الحماية المدنية في بيان الخميس أن فرقها لا تزال "تعمل على إخماد 92 حريقاً عبر 16 ولاية" أكبرها "37 حريقاً في تيزي وزو و15 في ولاية الطارف و11 حريقاً في بجاية و8 حرائق في جيجل وأربعة في سوق أهراس".
وأظهرت صور فيديو في تيزي وزو مساحات شاسعة من الغابات أتت عليها النيران، وتمكن أفراد الحماية المدنية وقوات الجيش ومتطوعون من إخمادها. وبدأ سكان القرى الواقعة في المناطق العودة إلى بيوتهم التي فروا منها، وقالوا لوكالة الصحافة الفرنسية إن الخسائر كبيرة.
وفي اليوم الرابع من اشتعال النيران، تصب فرق الإطفاء جهودها لإخماد عشرات الحرائق في شمال شرقي البلاد وصولاً إلى الحدود مع تونس التي تشهد بدورها درجات حرارة قياسية وصلت الى 50.3 درجة في القيروان.
ويشارك 3000 رجل إطفاء في إخماد الحرائق بمساندة مروحيتين من المجموعة الجوية التابعة للحماية المدنية و6 مروحيات تابعة للجيش، كما أعلن الرئيس تبون.
تنكيس الأعلام
وزار رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة الأربعاء وحدات الجيش في تيزي وزو وبجاية لتعزية العساكر الذين فقدوا رفاقهم. وانتقل رئيس الوزراء أيمن عبد الرحمن الخميس، في أول يوم حداد أعلنه تبون، إلى تيزي وزو مع وزراء الصحة والداخلية والفلاحة.
وفي العاصمة تم تنكيس الأعلام على المقار الحكومية والهيئات الرسمية حداداً.
وكان النائب العام في تيزي وزو عبد القادر عمروش اعتبر أن الدليل على أن الحرائق فعل إجرامي هو "اشتعال النيران يوم 9 أغسطس (آب) في آن واحد وفي نقاط غابية مختلفة"، كما نقل عنه موقع الإذاعة الرسمية.
وأوضح أن العقوبات تصل في حق "من أضرم النيران وتسبب في وفاة أشخاص أو احتراق مساكن إلى الإعدام".
ظاهرة الحرائق
وتضم الجزائر، أكبر دولة في أفريقيا، 4.1 مليون هكتار من الغابات فقط مع نسبة إعادة تشجير متدنية بلغت 1.76 في المئة. وتشهد البلاد حرائق غابات سنوياً، وقد أتت النيران عام 2020 على حوالى 44 ألف هكتار.
تنتشر ظاهرة الحرائق في عدد من دول العالم، وترتبط بعناصر مختلفة توقعها العلماء، لا سيما ظاهرة الاحتباس الحراري. وتعتبر الزيادة في درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار مزيجاً مثالياً لاشتعال الحرائق.
ومنذ الأحد، نبهت نشرة خاصة لمصالح الأرصاد الجوية بالجزائر من ارتفاع درجات الحرارة في المناطق التي شهدت حرائق الغابات.
وذكرت النشرة أن درجات الحرارة ستصل إلى 46 أو47 درجة مئوية، بخاصة يوم الثلاثاء الذي شهد اندلاع أكبر الحرائق.
وفي تونس، سجلت الأربعاء درجة حرارة قياسية بلغت أكثر من خمسين درجة في القيروان (وسط). واندلع أكثر من 30 حريقاً منذ الاثنين في البلد المجاور.
على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وهي المنطقة الأكثر تضرراً خلال الأسبوعين الماضيين، خلفت سلسلة من الحرائق الضخمة ثمانية قتلى على الساحل التركي وثلاثة قتلى في اليونان حيث لا تزال بعض الحرائق مشتعلة.