Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعيين أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم المصرية من "ذوي الهمم"

رضا عبدالسلام أصبح صوتاً مألوفاً عبر الراديو بتقديم عدد من البرامج المميزة

مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري بوسط القاهرة (أ ف ب)

لقي قرار تعيين المذيع رضا عبدالسلام رئيساً لإذاعة القرآن الكريم في مصر ترحيباً كبيراً، إذ يصبح بهذا أول شخص من "ذوي الهمم" يتولى المنصب. ويعد أحد أبرز الأصوات في الإذاعة، التي تحصد منذ سنوات المركز الأول في نسب الاستماع من بين عشرات محطات الإذاعة في مصر.

عانى عبدالسلام ضموراً في الذراعين منذ مولده، لكن ذلك لم يكن عائقاً أمامه للالتحاق بالتعليم والتخرج في كلية الحقوق، ثم اتجه لتحقيق حلمه بالالتحاق بالإذاعة، التي شكلت له عشقاً خاصاً منذ الطفولة، منذ أن كان يخاطب زملاءه عبر الإذاعة المدرسية، واكتشف في نفسه الموهبة عندما كان في المرحلة الابتدائية، وتحدى مصاعبه بإتقان الكتابة من خلال إمساك القلم بالفم.

صعوبات البداية

واجه في بداية سعيه للالتحاق بالإذاعة صعوبات جمّة، حيث رفضه رئيس الإذاعة حين ذهب إليه في المرة الأولى للتقدم لشغل الوظيفة، وتم تعيينه في وظيفة "أخصائي متابعة برامج"، لكنه لم يستسلم، وظل طوال عامين يحاول الحصول على فرصة كمذيع في إذاعة القرآن الكريم، فانتقل إلى إذاعة وسط الدلتا، التي تبث من مدينة طنطا، شمال القاهرة، لكن حلم الالتحاق بإذاعة القرآن الكريم ظل يراوده، حتى تغير رئيس الإذاعة حينها، وذهب عبدالسلام إلى رئيس لجنة اختبار المذيعين، واستطاع مقابلته، وأظهر له مهارته في الكتابة ممسكاً بالقلم بأسنانه، وطلب منحه فرصة أخرى لدخول اختبار المذيعين، ونجح في الاختبار عام 1987، وفق ما ذكره في تصريحات صحافية سابقة.

وقال الرئيس الجديد لإذاعة القرآن الكريم لـ"اندبندنت عربية"، "إنه لم يتصور حين بدأ عمله بها أن يصل إلى منصب رئيس المحطة، ولم يتوقع اختياره على الرغم من أنه كان من المرشحين منذ فترة". وأضاف، أنه عانى "كثيراً في بداية مشواره، لكن ذلك لم يُثنه عن مواصلة تحقيق حلمه"، مؤكداً عزمه "العمل على تطوير إذاعة القرآن الكريم في الفترة المقبلة".

على مدار أكثر من 30 عاماً أصبح صوت رضا عبدالسلام مألوفاً في البيوت المصرية، حيث قدّم عبر إذاعة القرآن الكريم عديداً من البرامج المميزة، أبرزها "مساجد لها تاريخ"، و"قطوف من السيرة"، و"مع الصحابة"، و"بشّر الصابرين".

وفي تصريحات تلفزيونية، روى عبدالسلام أنه حين وُلد حزن والده لحالة الضمور في ذراعيه، لكنه لجأ إلى الله ودعاه. وأضاف أنه في طفولته "كان يشعر بالحزن، ويتمنى أن يستيقظ من النوم يجد لديه ذراعين، لكنه تيقن أن النجاح ليس مستحيلاً، وبدأ يبحث عن القدرات لديه، ووجدها في الكتابة بالقلم مستعيناً بأسنانه، وساعده والده على التعلم واستكمال دراسته في المدرسة، ثم الجامعة".

 

 

30 عاماً دون أخطاء

أشار إلى أنه "ظل طوال أكثر من 30 عاماً يعمل مذيعاً في برامج بث مباشر، على الرغم من صعوبة ذلك على شخص في حالته، لكنه لم يقم بخطأ واحد طوال ثلاثة عقود"، موضحاً أنه "في بداية عمله واجهته صعوبة عدم مقدرته على الضغط على زر إيقاف الصوت، حين يريد مهندس الصوت الحديث مع المذيع، فاتفق مع أحد الفنيين على أن يضع الزر تحت قدمه، وآخر بجوار رُكبته، واستمر الحال على ذلك دون أخطاء".

ووجّه رسالة لـ"أصحاب الهمم" بألا يسمحوا لأحد بالعطف عليهم بصورة سلبية، وأن يحددوا أهدافهم ويسعوا وراء تحقيقها، مشيراً إلى أن "ذوي الاحتياجات الخاصة يمثلون 10 في المئة من المجتمع المصري، ويجب إتاحة الفرص لهم واستغلالهم حتى يكونوا منتجين". وقال إنه حين تلقى "اتصال رئيس الإذاعة المصرية محمد نوار ليخبره بتعيينه رئيساً لإذاعة القرآن الكريم، بكى بشدة لأنه لم يتوقع اختياره بعد كل ما واجهه من صعاب"، مشيراً إلى أنه "شهد مواقف إيجابية أيضاً بجانب الصعوبات، وعبر عن امتنانه لردود الفعل الإيجابية على قرار توليه المنصب، التي عبر عنها الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أنه "يطمح خلال فترة توليه رئاسة إذاعة القرآن الكريم أن تواصل تقديم الإسلام الوسطي"، مشيراً إلى أنه "قريباً سيبدأ خطة تطوير بالتركيز على القضايا الاجتماعية، مع منح المساحة الأكبر لتلاوة القرآن، ثم الرد على استفسارات الجمهور".

الاهتمام بذوي الهمم

من جانبها، أكدت الهيئة الوطنية للإعلام أن "قرار تولي رضا عبدالسلام رئاسة إذاعة القرآن الكريم يأتي في إطار توجيهات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، واهتمامه بذوي الهمم وأصحاب القدرات الخاصة، ودعم حقهم في الترقي للمناصب القيادية"، بحسب بيان للهيئة. وأضاف أن "الاختيار جاء بمعيار الكفاءة، حيث شغل عبدالسلام منصب كبير مذيعي إذاعة القرآن الكريم، وقدم عديداً من البرامج على مدار 30 عاماً". وأوضحت الهيئة أن "الفترة المقبلة ستشهد اختيارات من أصحاب الهمم الذين يتمتعون بالكفاءة المهنية لتولي مناصب قيادية، ويمتلكون القدرة على التطوير وتحسين مستوى العمل".

وقال محمد نوار، رئيس الإذاعة المصرية، إنه "كان هناك ترشيح لـ3 أسماء لتولي المنصب، لكنه قام بتزكية اسم رضا عبدالسلام لدى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، لأنه الأفضل والأكفأ لتولي المنصب، حيث كان الاعتبار الأول في الاختيار الكفاءة والقدرة على إدارة إذاعة بحجم القرآن الكريم، التي تعد الأكثر انتشاراً وجماهيرية".

وعلقت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، نيفين القباج، على القرار بقولها عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، "إن تعيين عبدالسلام يعد نقلة في تاريخ الإذاعة المصرية". وأضافت، "لم تنقل لنا موجات الإذاعة أن للقصة أبعاداً أخرى. أبعاداً تروي البطولة والإلهام. إرادة صلبة وصارمة، علم ومعارف متجددة، لغة قوية، وكفاح لرجل قدّر الله له أن يعيش حياته دون ذراعين".

وأكدت الوزيرة أن دمج ذوي الهمم في العمل "حق لهم وللدولة في آنٍ واحد، فمشاركتهم حتماً إثراء لأسرهم ولمجتمعاتهم، كما هي تعزيز لقوتنا الناعمة ولاقتصادنا المصري. كسب العيش والتمكين الاقتصادي حق لمن لديه الإرادة والإمكانات على كافة أنواعها ودرجاتها". وأضافت، "بالإرادة نحيا. وبالعمل نسعى. وبالنجاح نسعد".

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار