أصدر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي رسالة مكتوبة من السعودية يرد فيها على بعض السياسيين الذين تناقلوا اسمه في الآونة الأخيرة، وجاء في الرسالة التي نُشرت 15 (أبريل) نيسان الحالي من قبل محامي بن علي، منير بن صالحة على شكل تدوينة في صفحته على "فايسبوك" "لقد تواترت في المدة الأخيرة تصريحات داخل تونس تداولت اسمي ووضعي الصحي وعدداً من المسائل التي تهم شخصي كرئيس سابق للجمهورية التونسية".
عائد بحول الله
أضاف بن علي في رسالته إلى التونسيين "وإني إذ آليت على نفسي منذ دُفعت لمغادرة بلدي أن أتمنى لتونس العزيزة وشعبها أماناً واستقراراً، متحفظاً على كل ما من شأنه أن يزيد من اضطراب أوضاعها أو مصاعب أحوالها بما يفرضه علي واجب الالتزام الوطني ومسؤولية رجل الدولة تجاه وطنه، فإنني أرفض رفضاً تاماً أن يتحول شخصي إلى موضوع للتوظيف والاستثمار السياسي. الحمد الله الذي منّ علينا بموفور صحة وسلامة وعافية أتمناها بل وأكثر منها لكل التونسيات والتونسيين وانا أستغرب مما روجه البعض من أخبار تفيد غير ذلك، وخلّفت الاستياء لدينا ولدى عائلتي".
أتابع وضع بلادي
بن علي يؤكد في رسالته إلى الشعب التونسي "إني أتابع وضع بلادي مثل كل تونسي لا يملك إلا أن يتمنى الخير لبلده، ولا أرى أنّ الوقت اليوم يسمح حتى يزايد التونسيون على بعضهم البعض بل عليهم الانكباب على حماية بلادهم وإنقاذها من الوضع الاقتصادي المتأزم"، مضيفاً "لقد أخذت فرصتي في تحمل مسؤوليتي الوطنية في قيادة تونس وسنكون في حضرة الله ثم التاريخ ليحكم بما لنا وبما علينا، بما أنجزنا وبما لم ننجز، ولكننا لم نزايد حين كنا في موقع المسؤولية على من سبقنا ولم نحاول ركوب صهوة الماضي لتبرير شرعية حاضرنا آنذاك".
للتمسك بالأمل
ودعا بن علي في رسالته من يتقلّدون مسؤولية الحكم "إلى التمسك بالأمل في مستقبل بلادهم وتجاوز هذه الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها الوطن. وتأكدوا أني معكم قلباً وقالباً بكل ما أستطيع أن أفعله لفائدة تونس العزيزة التي خدمناها بصدق وإخلاص طيلة 50 عاماً ولم نساوم على استقلالها وسيادتها وحق شعبها في النمو والتقدم".
وأخيراً، لم يفوّت بن علي الفرصة لشكر كل الذين تلقى منهم آلاف رسائل الحب والتقدير، متمنياً لشعبه كما جاء في رسالته "التغلب على المصاعب ولتونس الاستقرار والتقدم والازدهار" وأردف في ختام الرسالة، قائلاً "وتأكدوا انني عائد بحول الله"، علماً أنها المرة الأولى التي يعبّر فيها بن علي عن نيته في العودة إلى تونس.
ورقة سياسية
في خلفية الموضوع، كان الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق نشر تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أفاد فيها بأن الرئيس السابق زين العابدين بن علي مريض جداً، وقد أوصى، إذا حلّ الأجل والأعمار بيد الله، أن يُدفن في السعودية". من جهة أخرى، قال مرزوق إنّه لا شوائب قانونية حول أبناء الرئيس الأسبق وإنّ عودتهم إلى تونس لا تهدّد أمن البلاد، مشيراً إلى ضرورة حفظ كرامتهم. وأضاف أنّ "أوضاع تونس لن تستقيم بالانتقام والتشفي، لأن آثار ذلك ستكون عكسية".
وكان آخر ظهور لبن علي في زواج ابنته سيرين على مغني الراب التونسي "كادوريم" في صور على "إنستغرام" بصحبة عائلته وزوجته ليلى، ونفى محامي بن علي منير بن صالحة بصفة قطعية ما دوّنه محسن مرزوق حول مرور بن علي بوضع صحي خطير جداً، كما نفى أن يكون بن علي طلب دفنه في السعودية عند وفاته.
الرسالة نشرت بطلب من بن علي
في السياق نفسه، نفى المحامي منير بن صالحة في تصريح إعلامي أن يكون قد دخل في معركة مع محسن مرزوق، بنشره رسالة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، نصرة لعبير موسي الأمينة العامة للحزب الدستوري والقيادية السابقة في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي قبل الثورة والمعروفة بدفاعها المستميت عن بن علي وكرهها الشديد لحركة النهضة الإسلامية.
وأفاد "بأنّ الرسالة نُشرت بطلب من بن علي الذي أصرّ على تكذيب خبر احتضاره"، كاشفاً أنّ الحالة الصحية لبن علي منسجمة مع سنه (84 سنة)، ونافياً أن يكون في غيبوبة أو طريح الفراش. وتابع بن صالحة أن ''بعض السياسيين يحاولون افتكاك الورقة السياسية الرابحة الوحيدة من عبير موسي وهي ورقة بن علي قبل الانتخابات".
إستثمار سياسي
كما اعتبر بن صالحة أنّ ''بن علي موضوع استثمار سياسي وأنّ السياسيين الذين كانوا يشتمونه عام 2011 لأنّ الشارع التونسي كان غاضباً حينها، تغيّر موقفهم اليوم بتغير رأي بعض التونسيين، فاستعملوا ورقة بن علي ووظّفوه اليوم إيجابياً". ورأى بن صالحة أنّ موضوع بن علي سياسي وليس قضائياً، وأنّ من يعتقد غير ذلك مخطىء، مذكراً بعودة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى تونس على الرغم من أنّه محكوم لأنّ اللحظة السياسية هي من فرضت ذلك.
وأكد أن ''بن علي لن يعود إلى تونس إلا بتغير اللحظة السياسية، والأمر متعلق بموضوع سيادي وليس قضائياً تحدده الدولة السياسية لا القضاء فقط ".
حكم وتجبّر
ومن معارضيه الفاعلين حالياً في الساحة السياسية التونسية، رد النائب عن حراك تونس الإرادة عماد الدائمي على رسالة الرئيس التونسي المخلوع، في تدوينة على "فايسبوك" وكتب باللهجة التونسية "وقت تفرغ البلاد من الرجال والحراير… حاول تفكّر في العودة". أضاف "حكم وتجبّر، وقتل واغتصب وهجّر، ونهب وأفسد ودمّر، وسرق ثروات البلاد ولهف خيراتها، ثم يأتي ويقول "عائد بحول الله".
واستدل بأبيات شعر للمتنبي، تقول:
وإِذَا مَـا خَـلاَ الجَبَـانُ بِـأَرْضٍ… طَلَـبَ الطَّعْـنَ وَحْـدَهُ وَالنِّـزَالاَ
و"يموت الجبان مِرَاراً قبل موته... وحياة الشجاع في موته، وموت الجبان في حياته".