إلى جانب دوره الرقابي والتشريعي، لا يخلو البرلمان الأردني من ممارسة أدوار أخرى يرى فيها المواطنون الأردنيون وسيلة للتنفيس عن الضغوط الاقتصادية والمعيشية.
فمنذ سنوات أصبحت قبة البرلمان الأردني مسرحاً لكثير من المشاجرات والشتائم والمواقف الطريفة، التي سرعان ما يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة وسخرية.
وفيما يشكو النواب من محاولة قمعهم وعدم منحهم حرية الحديث ومناقشة القضايا المحلية وتمكينهم من دورهم المنوط بهم، تقول الحكومة إن الأمر تطور في كثير من الأحيان إلى تنمر ومشاكسة.
"الحكومة ما بتشم"
آخر هذه المناكفات ما صدر عن النائب محمد عشا حينما اقترح على الحكومة تلقي العلاج لفقدان حاسة الشم بسبب كورونا، في تعبير ساخر يحمل مضامين سياسية ويشير إلى عدم الرضا عن السياسات الحكومية في مواجهة موجة الفقر والبطالة التي تتصاعد في البلاد.
ولوح النائب أحمد عشا الدوايمة بعلبة دواء خلال مداخلته حول الموازنة العامة قائلاً "هناك منتج طبي يستخدم في استعادة حاسة الشم بعد الشفاء من فيروس كورونا أنصح الحكومة أن تستعمله".
ويرى مراقبون أن الأمر تحول إلى ظاهرة باتت تتكرر، أخيراً، بهدف الاستعراض أمام الكاميرات وجذب الانتباه بخاصة من قبل بعض النواب غير الناشطين وقليلي الحضور إلى الجلسات، وهي ظاهرة يمكن ملاحظتها في معظم برلمانات العالم.
ويشير آخرون إلى أن مجلس النواب الأردني حقق رقماً قياسياً في عدد المشاجرات والمشاحنات وتراشق الأحذية وأكواب المياه، الأمر الذي أوصل الأردن إلى العالمية من خلال المحطات الفضائية ولكن بصورة سلبية.
ويرى البعض أن العلاقة ليست صحية بين النواب والحكومة الأردنية، وأن استخدام ألفاظ مسيئة يدل على وجود أزمة صامتة متدحرجة بين الطرفين.
ووصل العنف النيابي ببعض النواب إلى حمل السلاح ومحاولة إطلاق النار ضد أحدهم في المجلس، وهو ما حدث في عام 2013.
"قوم يا عماد"
وقبل أسابيع وفي مشهد لافت قرر النائب عماد العدوان الاحتجاج على السياسة التي يتبناها رئيس الحكومة الأردنية في إدارة شؤون البلاد عبر احتلال مقعده داخل المجلس ورفض مغادرته، الأمر الذي تسبب في تأجيل جلسة المجلس في حينه.
رئيس الحكومة بشر الخصاونة فوجئ بممارسة سياسية اعتبرها كثيرون ديمقراطية ولا غبار عليها كاحتجاج راق على رفع أسعار المحروقات.
وأصبحت جملة "قوم يا عماد" الأكثر تداولاً في الأردن، بعد هذا الموقف الاستثنائي وغير المسبوق في تاريخ مجلس النواب الأردني الذي اعتاد كثيراً على مشاهد الشجارات وكؤوس الماء المتطايرة.
ولم يكن أمام رئيس الحكومة الأردنية أمام إصرار النائب الذي احتل مكانه سوى المغادرة والانسحاب غاضباً، على الرغم من أن النظام الداخلي لمجلس النواب يمنع جلوس النواب في المقاعد المخصصة للحكومة.
مجرد ديكور
ومن بين المواقف التي أثارت الجدل تصريح لعضو مجلس النواب عبد الكريم الدغمي الذي وصف المجلس بأنه "مجرد ديكور".
الوصف نفسه تكرر مجدداً عبر النائب زيد العتوم الذي اعتبر أن مجلس النواب شكلي مسيطر عليه من قبل الحكومات، ودوره لا يزيد على تعقب المعاملات.
ويشرح الكاتب محمود الريماوي كيف يكافح مجلس النواب الأردني لتحسين صورته أمام الجمهور، بخاصة مع تدني شعبيته، وتسلل التوتر إلى أداء بعض النواب وسلوكهم تحت قبة المجلس.
ويقول إنها ظاهرة متنامية، تزيد من سلبية صورة "ممثلي الشعب"، على الرغم من أن نسبة المنضبطين أكبر من النواب الذين وصفهم بـ"سريعي الانفعال".
ويضيف "بعد ما شهدته الحياة الحزبية من تراجع، ومع انتشار وسائط الاتصال الحديثة، ونقل وقائع الجلسات النيابية، شجع ذلك النواب على إلقاء المزيد من المداخلات والكلمات، لمخاطبة قواعدهم الانتخابية، وبما أن أغلبية النواب لا ينتمون إلى أجسام سياسية، فقد أصبح أداء هؤلاء النواب عرضة للتندر".