رفعت شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات "تي أس أم سي" أسعار معظم الرقائق الإلكترونية المتقدمة بنسبة 10 في المئة، والرقائق الأقل تطوراً بأكثر من 20 في المئة. وأعلنت أن الزيادة وتوقيتها سيختلفان من عميل إلى آخر، موضحة أن الزيادات الجديدة دخلت حيز التنفيذ بالفعل بالنسبة إلى الشركات التي تسلمت إخطاراً بذلك. وأكدت الشركة أنه سيتم تطبيق الزيادة الجديدة في الأسعار على كل عملاء الشركة أواخر العام الحالي أو بداية العام المقبل.
وتُعتبر "تي أس أم سي" أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم والمسؤولة عن تصنيع المعالِجات التي تستخدمها شركات "أبل"، و"أيه أم دي"، و"إنفيديا"، و"كوالكوم"، وحتى بعض منتجات "إنتل". وتهيمن "تي أس أم سي" على 60 في المئة من سوق تصنيع الرقائق العالمي، وتجني 54 في المئة من إيرادات تصنيع الرقائق للغير على مستوى العالم.
وعادة ما يتفاوض صانعو الرقائق بشأن رفع الأسعار في أغسطس (آب) أو سبتمبر (أيلول)، بالنسبة للمنتجات التي سيتم تسليمها في العام التالي. إلا أن هيمنة الشركة التايوانية على السوق العالمية تمنحها قوة تسعير أكثر مما يتمتع به الموردون عادة. وقبل الوباء، كانت "تي أس أم سي" تقدم عادة خصومات منتظمة لعملائها الكبار، إلا أن الشركة أخبرت العملاء في مارس (آذار) الماضي أنها لن تفعل ذلك بعد الآن ابتداء من نهاية هذا العام.
نقص في السوق
وأدى ارتفاع الطلب وارتباك خطوط الإمداد العالمية بسبب جائحة كورونا، إلى نقص في سوق الرقائق، ما أجبر شركات عدة للسيارات على وقف الإنتاج، وتكبد بعضها خسائر فادحة، على الرغم من أنها من مستهلكي الشرائح الأقل تطوراً.
وتصنع "تي أس أم سي" أكثر من 90 في المئة من الرقائق الأكثر تقدماً في العالم. وستؤثر زيادة أسعار الشرائح المتطورة على شركات مثل "أبل" بنسبة 10 في المئة، بينما ستصل الزيادة على شركات السيارات إلى نسبة 20 في المئة.
وتُعد "أبل" واحدة من أكبر عملاء "تي أس أم سي"، وكانت الشركة الأميركية العملاقة أعلنت في وقت سابق من العام الحالي، أن نقص الرقائق العالمي سيؤثر على إنتاج الربع الثالث من العام بالنسبة لأجهزة "أيباد" و"أيفون" والكمبيوترات المحمولة من "أبل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ارتفاع الكلفة
وقال الباحث الاقتصادي محمد عبد الهادي من المركز العربي للبحوث والدراسات إن "تي أس أم سي واجهت ارتفاعاً في تكلفة التصنيع بسبب زيادة أسعار المواد الخام والاستثمار المستمر لتوسيع الإنتاج وتطوير الرقائق الأكثر تقدماً، فاضطرت إلى رفع الأسعار للمحافظة على هامش الربح بعدما أنفقت قسماً كبيراً من ميزانيتها الضخمة على تطوير وإنتاج الرقائق الأكثر تطوراً، ففي نهاية مارس الماضي أعلنت الشركة التايوانية أنها ستنفق 100 مليار دولار على زيادة طاقتها الإنتاجية والبحث والتطوير في هذا المجال". وأضاف أنه "في الربع الثاني من العام الحالي حققت الشركة صافي ربح بلغ 4.8 مليار دولار على صافي مبيعات قدره 13.3 مليار دولار. وأصبح هامش صافي الربح الربعي، البالغ 36 في المئة، موضع حسد من معظم الشركات التي عانت بسبب جائحة كورونا، لكن التدفق النقدي للشركة عادة ما يكون أقل بكثير من أرباحها لأنها تضخ الكثير من الأموال التي تجنيها في المصانع والبحث". وأشار عبد الهادي إلى أن "تي أس أم سي تسبق إنتل الأميركية بجيل واحد على الأقل في تكنولوجيا التصنيع، حيث تصنع الشركة التايوانية رقائق الـ5 نانوميتر الأكثر تطوراً في العالم، وتبني حالياً مصنعاً جديداً في تايوان على مساحة 160 ألف متر مربع لتصنيع رقائق الـ3 نانوميتر التي ستكون أسرع بنسبة 70 في المئة من الرقائق الحالية، في المقابل ستبدأ إنتل في تصنيع رقائق الـ7 نانوميتر في عام 2023. ولضخامة حجم ودور تايوان في إنتاج الرقائق تواصلت معها الولايات المتحدة في محاولة لتقديم المساعدة لتخفيف الاختناقات في إنتاج الرقائق، بخاصة أن رقائق الأسلحة الأكثر تطوراً في الجيش الأميركي يتم إنتاجها كلها في تايوان حالياً".
ورجح عبد الهادي أن ترفع زيادة الأسعار إيرادات "تي أس أم سي" بنسبة 10 في المئة إلى 15 في المئة وأن تزيد أرباحها بنسبة 20 إلى 30 في المئة، مضيفاً أن "تأثير زيادة الأسعار سيظهر في الربع الأول من العام المقبل. وستنعكس هذه الزيادة على مستهلكي الأجهزة الإلكترونية العام المقبل، على الرغم من أن النقص الحادث بالفعل في الرقائق أدى إلى ارتفاع أسعار أجهزة الكمبيوتر المحمولة، التي ازداد الطلب عليها بسبب زيادة عدد الأشخاص الذين يعملون عن بُعد".
