نفت الحكومة البريطانية صحة تسريبات تتعلق بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تلقي بالمسؤولية "غير المباشرة" على لندن بشأن التفجيرات التي استهدفت مطار العاصمة الأفغانية كابول، الأسبوع الماضي، بزعم إصرارها على إبقاء نقطة دخول "بوابة آبي" المؤدية إلى المطار مفتوحة للسماح للرعايا البريطانيين بدخوله.
ووفقاً لتسريبات من "البنتاغون"، فإن القوات الأميركية قررت الإبقاء على البوابة مفتوحة لفترة أطول مما أرادوا حتى يتمكن المسؤولون البريطانيون من مواصلة إجلاء الأفراد. غير أن وسائل إعلام بريطانية نقلت عن وزير الخارجية دومينيك راب، الثلاثاء، قوله "إن مسؤولي المملكة المتحدة لم يطلبوا من نظرائهم في الولايات المتحدة الإبقاء على بوابة مفتوحة في مطار كابول قبل التفجير الدموي المزدوج في المنطقة".
وأضاف راب لشبكة "سكاي نيوز"، "ليس صحيحاً الإيحاء بأن المملكة المتحدة دعت إلى ترك بوابة آبي في المطار مفتوحة، والتي أسهمت بعد ذلك في الهجوم الانتحاري الذي شنه تنظيم ’داعش- ولاية خراسان‘"، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين و13 من القوات الأميركية. وصرّح المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، للصحافيين في وقت لاحق أنه "ببساطة ليس من الصحيح القول إننا ضغطنا لإبقاء البوابة مفتوحة".
تبادل إلقاء اللوم
والخميس الماضي، أعلن الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية المسؤولة عن أفغانستان، أن "بوابة آبي المؤدية إلى مطار كابول شهدت تفجيرين نفذهما انتحاريان ينتميان إلى ولاية خراسان في تنظيم داعش، وأعقبهما إقدام مسلحين متطرفين من التنظيم ذاته على إطلاق النار على المدنيين والجنود''.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويُعدّ الهجوم الذي تبناه "داعش" أول اعتداء دموي تشهده كابول منذ سقوطها في أيدي حركة "طالبان" في 15 أغسطس (آب) الحالي، ووقع قبيل أيام قليلة من الموعد المحدد لإنجاز القوات الأميركية انسحابها من أفغانستان في 31 من الشهر ذاته، بعد 20 عاماً من الحرب ضد الحركة المتشددة. وردّاً على الهجوم، أعلن "البنتاغون" الجمعة، تنفيذ ضربة بطائرة مسيّرة ضد أحد "مخططي" التنظيم في إقليم ننغرهار بأفغانستان.
وأدى الهجوم الإرهابي إلى تبادل إلقاء اللوم عبر الأطلسي، حيث أشارت مصادر أميركية إلى أن البوابة التي تعرّضت للهجوم ظلت مفتوحة لتسهيل عملية الإخلاء البريطانية. ووفقاً لملاحظات "البنتاغون" المسربة التي حصلت عليها صحيفة "بوليتيكو"، أراد الأدميرال بيتر فاسيلي، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، إغلاق بوابة آبي لكنه أبقى عليها مفتوحة لفترة أطول للسماح لبريطانيا بمواصلة إجلاء الأفراد المتمركزين في فندق البارون القريب، وهو ما أشار راب إلى أنه "لم يكن بحاجة أو يستلزم إبقاء البوابة مفتوحة".
التوترات بين لندن وواشنطن مشتعلة بالفعل بسبب الافتقار الواضح للتشاور مع الحلفاء من قبل إدارة بايدن بشأن خطة الخروج من أفغانستان. وتصاعدت هذه التوترات، أمس الاثنين، بعد تقرير "بوليتيكو" حول بوابة آبي. ووجّه بعض أعضاء حزب جونسون، انتقادات للإدارة الأميركية، إذ قال الزعيم السابق لحزب المحافظين إيان دنكان سميث إنها "قضية محلية. إن الأمر كله يتعلق بالانهيار الكامل لبايدن قبل منتصف ولايته".
رغبة بالتهدئة
لكن بينما كانت المملكة المتحدة واضحة في رفض الادعاء، هناك أيضاً رغبة بتهدئة الخطاب، إذ أبلغت مصادر من الحكومة البريطانية صحيفة "بوليتيكو بلاي بوك"، أنهم أرادوا إنهاء إحاطات إعلامية شهدت وصف البعض داخل مجلس الوزراء بايدن بأنه "مجنون" و"أحمق" من بين أمور أخرى. كما اعتبرت لندن تعليقات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير التي أشار فيها إلى أن قرار الرئيس الأميركي بالانسحاب كان مدفوعاً بشعار "غبي" حول إنهاء "حروب أميركا الأبدية"، بأنها ليست مناسبة.
وعندما سُئل راب عما إذا كان يرى أن الولايات المتحدة تسعى إلى إلقاء اللوم عن الهجوم الإرهابي على بريطانيا، لم يردّ على السؤال، وبدلاً من ذلك قال لإذاعة "تايمز"، إن "لديه علاقة عمل ممتازة مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن". وأكد مصدر حكومي بريطاني لـ"بوليتيكو" أنه "على مدار الأسبوعين الماضيين، عملت قوات بلاده جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة لإجلاء أكثر من 100 ألف شخص إلى بر الأمان في ظل ظروف صعبة للغاية".
وحذّر النائب المحافظ توبياس إلوود، رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني والمنتقد بشدة لانسحاب أميركا من أفغانستان، من أن الخلافات العامة ستساعد فقط خصوم الغرب.
وقال، "ما رأيناه من انتشار هذه التعليقات في وسائل الإعلام غير مفيد على الإطلاق. من المؤكد أن العالم يبدو مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل شهر، ويبدو الغرب متراجعاً ومذلولاً. الآن ليس الوقت المناسب لأي شكل من أشكال لعبة إلقاء اللوم، ولكن في الواقع لإعادة الترابط وتحديد ما هي استراتيجيتنا الجماعية وسياستنا الخارجية"، مضيفاً، "يتطلب الأمر إيجاد سياسيين من الجانبين ليعترفوا بأننا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل من هذا، الولايات المتحدة هي أقرب حليف أمني لنا".