أعلنت البنوك المصرية حالة الطوارئ لمواجهة ظاهرة انتشار سرقة أرصدة حسابات بعض المودعين، حيث شهدت الفترة الماضية الإعلان عن تعرض أكثر من حالة للسرقة على يد أفراد عصابات متخصصين في اختراق الحسابات وتحويل أرصدة المودعين إلى حساباتهم الشخصية.
ووجهت كل البنوك العاملة في مصر أكثر من رسالة تحذيرية إلى العملاء، وطالبتهم بعدم الإفصاح عن أي بيانات تتعلق بحساباتهم المصرفية أو أرصدة حساباتهم وجميع البيانات السرية الخاصة بالتعاملات البنكية. لكن وعلى الرغم من هذه التحذيرات، تمكنت عصابات من سرقة أرصدة حسابات عدد من المودعين، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى التحرك وضبط أكثر من عصابة خلال الفترة الماضية.
وأعلنت هيئة الرقابة الإدارية في مصر ضبط عصابة من 6 أشخاص، لانتحالهم صفة موظفين في بعض البنوك والتواصل مع عملاء في تلك البنوك، وطلب البيانات الخاصة بحساباتهم وبطاقاتهم الائتمانية بدعوى تحديثها، ما مكّنهم من الاستيلاء على مبالغ مالية من أرصدتهم.
وعقب التنسيق مع النيابة العامة، تم إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وتفتيش مقار إقامتهم في توقيت متزامن. وتم ضبط المبالغ المستولى عليها من حسابات العملاء وكذلك الأدوات المستخدَمة في ارتكاب الواقعة. وبعد عرض المتهمين على النيابة العامة، قررت حبسهم احتياطياً على ذمة التحقيقات.
وكان قسم مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن القاهرة، تلقى بلاغات بتعرض مواطنين لعمليات نصب، إثر اتصال مجهول بهم مدعياً العمل في أحد البنوك، واستحقاقهم مبالغ مالية كجوائز إثر سحب عشوائي، والتحصل منهم على بيانات حساباتهم الشخصية، بدعوى إيداع المبالغ المالية فيها.
عصابة استولت على 128 ألف دولار
سبق ذلك، قيام وزارة الداخلية المصرية بالإعلان عن ضبط "تشكيل عصابي" استولى على أكثر من مليوني جنيه (128 ألف دولار) من حسابات المواطنين بالبنوك. وتم على الفور تشكيل فريق بحث جنائي، توصلت جهوده باستخدام وسائل التقنية الحديثة، وتتبع حركة الأرصدة المستولى عليها، والنطاقات الجغرافية للأرقام المستخدمة فى تلك البلاغات، إلى أن وراء ارتكاب ذلك النشاط الإجرامي، عصابة من 5 أشخاص، لاثنين منهم معلومات جنائية.
وعقب تقنين الإجراءات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المعنية، تم ضبط العصابة، وبحوزة أحد أفرادها هاتف محمول، و7 شرائح هاتف محمول تُستخدم في الاحتيال. وبعد مواجهة أفراد العصابة بما أسفرت عنه التحريات، اعترفوا بممارستهم ذلك النشاط الإجرامي، وأنهم قاموا بارتكاب عدد من الوقائع.
وبتطوير مناقشتهم، اعترفوا بشراء أراضٍ وعقارات من متحصلات عمليات النصب، وإيداع بقية المبالغ المستولى عليها في حساباتهم الشخصية بالبنوك. وكانت بنوك ومواطنون تقدموا ببلاغات نصب واستيلاء على مبالغ مالية تتجاوز مليوني جنيه مصري، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المتهمين المضبوطين، وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيق.
وأشارت وزارة الداخلية إلى أن التحريات توصلت إلى أن "وراء ارتكاب ذلك النشاط المؤثم عناصر تشكيل عصابى مكون من 5 أشخاص من بينهم سيدة. وتخصص نشاطهم في النصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على بيانات بطاقاتهم البنكية، وذلك عن طريق قيامهم بالاتصال هاتفياً بالمواطنين منتحلين صفات موظفي خدمة عملاء بالبنوك وإيهامهم للمجني عليهم بتحديث بياناتهم وربط حساباتهم البنكية بخدمات الإنترنت البنكي، وتمكنوا من خلال الطرق الاحتيالية من الدخول على الحسابات الخاصة بالعملاء، وإجراء تعاملات بنكيه عليها، فضلاً عن قيامهم بإنشاء شركة توظيف وهمية وإعلانهم عن توفير فرص عمل وطلبوا من المتقدمين إنشاء بطاقات دفع إلكتروني وتسليمها لهم بدعوى تحويل الرواتب عليها، ليتمكنوا عقب ذلك من تحويل المبالغ المالية المستولى عليها من ضحاياهم من عملاء البنوك، إلى تلك البطاقات، وسحب المبالغ المالية من عدد من ماكينات الصرف الآلي".
البنوك تواصل التحذير
وحذر البنك الأهلي المصري عملائه من عمليات النصب والاحتيال، والاستيلاء على الحسابات. وأكد لعملائه في فيديو نشره على موقعه، ضرورة عدم مشاركة أي معلومات عن حساباتهم المصرفية أو الشخصية، لعدم تعرض العملاء لعمليات احتيال، وتوخي الحذر في طلب أي من بياناتهم المصرفية.
وأوضح البنك الأهلي أنه لا يجري أي اتصالات بأرقام هواتف شخصية لإبلاغهم بالفوز بجائزة قيمتها 5 آلاف جنيه (320 دولاراً)، موكداً أنه لا يطلب مطلقاً هاتفياً أو عبر الإيميل، الإفصاح عن الرقم التعريفي الخاص بحسابه المصرفي. وشدد على عملائه بعدم مشاركة أي بيانات عن حساباتهم لمجهولين أو الإدلاء بأرقام بطاقاتهم البنكية، أو الرقم السري أو معلوماتهم الشخصية عبر الهاتف المحمول أو مشاركتها عبر الإنترنت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه، حذر "بنك مصر" عملاءه من عمليات احتيال ونصب قد يتعرضون لها في حال مشاركة بياناتهم الشخصية مع آخرين. وقال إنه يتبع كل القواعد والإجراءات الاحترازية للحيلولة دون تعرض عملائه لأي عمليات احتيال. وأوضح البنك أنه دأب على مدار الفترة الماضية على إرسال رسائل نصية للعملاء تحذرهم من الرسائل والمكالمات الاحتيالية، التي قد تردهم من أشخاص يزعمون تبعيتهم له أو لأي من الجهات الحكومية، مع طلب تزويدهم بمعلومات عنهم أو حساباتهم البنكية.
وأشار "بنك مصر" إلى أن تلك الرسائل أكدت ضرورة إبلاغ البنك فوراً في حال حدوث ذلك، فضلاً عن نشر فيديوهات توضيحية على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالبنك تحذر العملاء من هذه المخاطر. وأكد مسؤوليته الكاملة عن أموال مودعيه، وأن مصالح عملائه تقع على رأس أولوياته واهتماماته. كما أعرب البنك عن إدانته الكاملة لواقعة الاحتيال التي تعرضت لها عميلة فرع سمالوط وقلة آخرين، إثر مشاركتهم بياناتهم السرية مع آخرين على الرغم من تلك التحذيرات.
وشدد "بنك مصر" على أنه يتخذ كل الإجراءات لحماية أموال المودعين وفقاً للوائح والقوانين، وأن الواقعة قيد البحث والتحقيق من الجهات المختصة، لأن عمليات الاحتيال تقع تحت طائلة القانون وفي إطار سلطة الدولة المصرية، مؤكداً أنه لا يتهاون في واجبه حماية الحقوق، بما تلزمه به القوانين واللوائح المصرفية.
ما هي العقوبات التي تنتظر المتهمين؟
وفي ما يتعلق بالعقوبات المفروضة على ضبط وقائع الاستيلاء على أموال وأرصدة المودعين في البنوك، قال محمد حسين، عضو نقابة المحامين في مصر، إن "قانون مكافحة جرائم المعلومات وضع عقوبات رادعة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة حيث نصّ على أنه يُعاقَب بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 30 ألف جنيه (1920 دولاراً) ولا تتجاوز 50 ألف جنيه (3201 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مَن استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الوصول من دون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية".
وأشار حسين إلى أنه "في حال قصد المتهم استخدام هذه البيانات في الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقَب بغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (3201 دولار) ولا تجاوز 100 ألف جنيه (6402 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز الـ 200 ألف جنيه (12804 دولارات)، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير".
طلب إحاطة في مجلس النواب المصري
ومع انتشار تلك الظاهرة، انتقلت إلى تحت قبة البرلمان، حيث تقدمت النائبة سميرة الجزار، عضو لجنة الخطة والموازنة النيابية، عضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة، طالبت فيه بإلزام الحكومة المصرية متمثلة في البنك المركزي المصري، بدفع البنوك في مصر فوراً إلى تعويض عملائها بالمبالغ التي تم النصب عليهم إلكترونياً فيها، طبقاً للمادة 28 و31 و39 و59، والمادة 220 من الدستور.
وأكدت الجزار أن "حماية أموال المودعين تقع على عاتق البنك، ولا بد أن تكون هناك آلية تحمي العملاء حتى لو أعطى العميل رقم حسابه واسمه للنصاب، لأننا كلنا نعلم جيداً أن كشوف حسابات البنك يتركها موظف البريد لحارس العقار أو فوق صناديق البريد، وعلى الأرض في مداخل العمارات، بمعنى أن البيانات لم تعد سرية".
وأشارت إلى أن "عملية النصب تتم ليس بعد معرفة البيانات، بل بعد وصول رسالة إلى العميل باسم خدمة عملاء البنك، ثم تأتي مكالمة باسم خدمة العملاء يسأل فيها موظف البنك عن الرقم المكتوب في رسالة البنك، لتأكيد تحديث البيانات، وبهذه اللحظة عند معرفة الرقم المكتوب في الرسالة يتم تحويل أرصدة العميل إلى الخارج".