أطلقت عملاق التجارة الإلكترونية الأميركي "أمازون" موقعها الرسمي في مصر ليحل محل منصة "سوق دوت كوم" التابعة لها. ومنذ أيام تسببت تحركات "أمازون" وإعلانها دخول السوق المصرية، الكثير من الجدل وبخاصة في سوق التجارة الإلكترونية وتجارة الـ"أونلاين".
قال محللون لـ "اندبندنت عربية"، إن المخاوف تتعلق بالحصة السوقية التي من المتوقع أن يستقطعها عملاق التجارة الإلكترونية العالمي من السوق المصرية، بخاصة في ظل عمل عدد كبير من التطبيقات على تقديم منتجات سيئة وعدم الالتزام بمواصفات الجودة بخلاف شركة "أمازون" التي لن تطرح أي منتج قبل التأكد من سلامته وجودته.
ويعني تغيير العلامة التجارية أن شركة "أمازون" أغلقت علامة "سوق دوت كوم" التجارية في كل مكان. وبعد الاستحواذ على المنصة التي تتخذ من دبي مقراً لها عام 2017، استبدلت "أمازون" موقع "سوق" باسم "أمازون الإمارات" في الإمارات عام 2019، وفعلت الشيء نفسه في السعودية بإطلاق "أمازون السعودية"، خلال العام الماضي. وجاءت مصر في المحطة الأخيرة لينتهي بذلك عهد "سوق دوت كوم" إلى الأبد.
ووفق بيان، قال المدير الإقليمي لشركة "أمازون مصر"، عمر الصالحي، إن هذا الاتجاه يؤكد التزام "أماوزن" تجاه عملائها في مصر، لافتاً إلى أنه مع إطلاق المنصة الجديدة، أصبح متاحاً لآلاف الشركات المصرية للوصول إلى عملائها، ونتطلع إلى زيادة قاعدة عملائنا من التجار في السنوات المقبلة.
وأعربت "أمازون" في السنوات الأخيرة عن رغبتها في توسيع عملياتها في مصر، كما أشارت في تصريحات خلال العام الماضي إلى أنها تدرس إمكانية أن تجعل البلاد مركزاً إقليمياً لتصنيع وتوزيع منتجاتها. ويبدو الآن أن هذه الخطط تسير بخطى حثيثة، مع إعلان الشركة اعتزامها استثمار مليار جنيه (61.020 مليون دولار) في مصر، وافتتاحها قبل أيام مستودعاً ضخماً في إحدى المدن المصرية يعد الأول من نوعه في أفريقيا.
ضرورة التحول إلى الاقتصاد الرسمي
يرى الاقتصادي، مستشار التخطيط والتنمية الاقتصادية بالاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية، أشرف غراب، أن إطلاق شركة "أمازون" العالمية موقع "أمازون مصر" الإلكتروني يعود بالنفع على المنتجات المصرية والشركات المصنعة لأنه موقع تسويقي عالمي يساهم في زيادة حصيلة بيع المنتجات المصرية ما يعود بالنفع على الدخل القومي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن وجود شركة "أمازون" بالسوق المصرية ينمي التجارة الإلكترونية في مصر ويساهم في ارتفاع مبيعات المنتج المصري والترويج له عالمياً، كما يمكن لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر الترويج لمنتجاتهم عبر "أمازون" ما يساهم في تسويقها وزيادة حصيلة البيع لأن أكثر من 50 في المئة من منتجات "أمازون" من الشركات الصغيرة، موضحاً أن "أمازون" لها شروط في قبول المنتجات المرخصة وذات الجودة العالية، وهذا يساهم في تحويل الاقتصاد غير الرسمي إلى اقتصاد رسمي.
وأشار إلى أن "أمازون" تستثمر أكثر من مليار جنيه وستوفر آلاف الوظائف للشباب، كما أنها غير مقتصرة على بيع وتسويق المنتجات الأجنبية فقط ولكنها ستروج للمنتج المصري، موضحاً أنه بعد فرض الحكومة الضرائب على المبيعات الإلكترونية فإن وجود "أمازون" في مصر سيساهم في زيادة الحصيلة الضريبية ما يزيد الدخل القومي.
ومن مميزات وجود "أمازون" في مصر، أن لديها مستودعات تخزينية كبيرة وكثيرة ما يساهم في التوفير على البائع تكاليف التخزين، إضافة إلى زيادة حجم التجارة الإلكترونية في مصر وهو يتماشى مع اتجاه الدولة في التحول الرقمي، موضحاً أنها ستخلق روح المنافسة بينها وبين منصات التسويق الأخرى والمستفيد في النهاية هو المستهلك المحلي.
وقال "غراب"، إن دخول شركة عالمية مثل "أمازون" للسوق المصرية يعطي رسالة للشركات العالمية الكبرى الأخرى للاستثمار في مصر، كما أنها ستدفع شركات التسويق المصرية لتطوير أدائها للمنافسة ما يجعلها تخرج إلى الأسواق العالمية، مشيراً إلى أنه من لا يستطيع التنافس سيتأثر سلبياً ولن يكمل، موضحاً أن دخول "أمازون" السوق المصرية لن يؤثر سلبياً على تجار التجزئة لأن الغالبية من المصريين لا يتسوقون إلكترونياً، لكن سيساهم في تقديم المنتجات بسعر أقل، وهنا يستفيد المستهلك.
لماذا يتخوف التجار وشركات الـ"أونلاين"؟
وقبل أيام، شهد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، افتتاح مستودع شركة "أمازون" في مدينة العاشر من رمضان. ويقع المستودع على مساحة 28 ألف متر مربع، ويُعد جزءاً من استثمارات الشركة في مجال الخدمات اللوجيستية بالسوق المصرية. ويهدف إلى توفير تجربة تسوق وتوصيل أكثر سرعة لتلبية طلبات عملاء التسوق عبر الإنترنت، كما أنه سيسهل تقديم المزيد من المنتجات إلى شريحة أكبر من العملاء في مصر، وذلك أكثر من أي وقت مضى.
وذكرت "أمازون" أنها تستثمر أكثر من مليار جنيه (64.020 مليون دولار) في مصر وتوفر ما يزيد على 3000 وظيفة، وتمتلك أكثر من 15 محطة توصيل على مستوى الجمهورية، مشيرة إلى أن السوق المصرية تحتل المرتبة الأولى من حيث استثمارات "أمازون" في القارة الأفريقية.
لكن ثمة مخاوف جاءت في تعليقات عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال محمد حسن، ويعمل في تجارة الـ"أونلاين"، إن المخاوف تتعلق بأن الشركة سوف تقضي على شريحة كبيرة من التجار، في ظل تمسك عدد كبير من العملاء بالتعامل من خلال شركة كبيرة مثل "أمازون".
وأشار أحمد عبد الله الذي يدير عدة صفحات تجارية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن السوق بحاجة بالفعل إلى دخول "أمازون" بخاصة في ظل قيام غالبية الشركات التي تعمل في التجارة الإلكترونية في السوق المصرية بطرح منتجات سيئة لا تتمتع بأي جودة، وتعتمد هذه الشركات على توجه عدد كبير من المصريين إلى الاعتماد على منصات التجارة الإلكترونية خلال فترة الإغلاق وتنفيذ الإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة فيروس كورونا خلال العام الماضي.
وأوضح أن الفترة الماضية شهدت تحول عدد كبير من المحال إلى إغلاق فروعها والاعتماد على البيع من خلال منصات التواصل الاجتماعي، ولذلك ومع دخول "أمازون" إلى السوق المصرية، فإن هذه المحال سوف تواجه أزمة في التسويق وحركة البيع، ما يدفعها إلى وقف أنشطتها والبحث عن طرق بديلة للتسويق.