شدد متخصصون على أهمية تفعيل آليات التعاون الإقليمي في ظل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية وتحديات التجارة الإلكترونية للقطاع الخاص، وذلك ضمن فعاليات اليوم الثاني لمنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، على أن أهم التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية، وحركة التجارة عبر الحدود هي البنية التحتية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن حجم الصادرات والواردات الأفريقية من وإلى العالم بلغ نحو 1016 مليار دولار، منها 564 مليار دولار واردات من 231 دولة خلال عام 2020، بينما يقدر حجم الصادرات الأفريقية بنحو 452 مليار دولار يتم تصديرها إلى 223 دولة. ووفق هذه الأرقام، فإن حركة التجارة البينية بين دول القارة أقل من 7 في المئة من إجمالي حركة التجارة. وتبلغ قيمة التجارة البينية بين دول القارة قرابة 70 مليار دولار سنوياً، أي ما يمثل نحو 6.8 في المئة من قيمة التجارة البينية مع باقي دول العالم.
في المقابل، تمتلك دول القارة السمراء نحو 30 في المئة من الثروات المعدنية في العالم و12 في المئة من الاحتياطي العالمي للنفط و43 في المئة من مصادر الذهب العالمي و50 في المئة من مصادر الماس في العالم و67 في المئة من الأراضي الزراعية غير المستغلة.
وقال المشاركون في الجلسة التي أدارتها مالين بلومبيرغ، نائبة المدير العام لشؤون شمال أفريقيا والممثلة المقيمة في مصر لمجموعة بنك التنمية الأفريقي، وشارك في تنظيمها المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، إنه من المهم أن تتعاون الدول من أجل تعزيز بنيتها التحتية فيما يتعلق باللوجستيات والتشريعات والتكنولوجيا للاستفادة بشكل حقيقي من اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.
وفي كلمته، قال إبراهيم باتل، وزير الصناعة والتجارة بدولة جنوب أفريقيا، إن أفريقيا تمثل 17 في المئة من سكان العالم، ونحو 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وإن دول القارة في حاجة إلى التركيز على دعم الصناعة والإنتاج وفتح الحدود أمام حركة التجارة.
وأكد أهمية دعم التكنولوجيا الرقمية من أجل تعزيز التجارة الإلكترونية، حيث يشهد الاقتصاد الرقمي انتعاشة كبيرة، والذي ظهر بوضوح أثناء جائحة كورونا مع القيود التي فرضت على الحركة، وهو ما خلق فرصة كبيرة أمام المنصات الإلكترونية، موضحاً أن هناك حاجة لحشد التمويل والاستثمار لدعم ركائز التجارة الإلكترونية والاستراتيجيات المتعلقة بها.
وذكر أنه من المهم أن يكون هناك جدول أعمال متعلق بالتجارة الإلكترونية، يشمل حماية المعلومات الشخصية، وتسهيل الأمور الإدارية، والاستخدام الأمثل لكل هذه الأنظمة، مشيراً إلى أنه حتى الآن لا توجد اتفاقية عالمية متعلقة بالتجارة الإلكترونية، وأنه من المهم أن تتوصل الدول الأفريقية إلى تفاهمات تتعلق بتدعيم التجارة الإلكترونية بما يسمح بزيادة حركة التجارة. وعليه، سيتمكن عديد من هذه الحكومات من انتهاز هذه الفرصة.
تعزيز مهارات التجارة الصناعية
وقالت زينب شمسنا أحمد، وزيرة المالية والموازنة والتخطيط القومي في نيجيريا، إن بلادها لديها مجموعة من المناطق الصناعية الزراعية الحرة، وإن الحكومة مهتمة بدعمها. وأكدت أهمية المنصات الإلكترونية عبر الإنترنت، فيما يتعلق بتحويلات الأموال والبيع، من أجل تعزيز الإنتاج والتصنيع في البلاد. وأضافت أن تعزيز التجارة سيدعم أفريقيا ونيجيريا، مع بيع مزيد من السلع والمنتجات، وتحقيق قيمة مضافة عالية لاقتصادات المنطقة.
وقال أحمد مغاوري، رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، التابع لوزارة التجارة والصناعة، إن هناك اهتماماً كبيراً بتحسين البنية التحتية ودعم وتعزيز المهارات في قطاعات التجارة والصناعة، من أجل مواكبة التطورات الكبيرة في هذا المجال. وأشار إلى أهمية التجارة الإلكترونية وضرورة تضمينها في المباحثات المتعلقة بحركة التجارة بين الدول الأفريقية، لزيادة حجم التبادل التجاري الأفريقي.
وأوضح سيدي ولد التاه، المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، تمثل النسبة الأكبر من اقتصادات الدول الأفريقية، وهي مشروعات هشة جداً أمام الصدمات، وتحتاج إلى الدعم من كل شركاء التنمية.
وأضاف أن المشروعات الصغيرة تعد إحدى الدعائم الأساسية لاستراتيجية المصرف العربي للتنمية الاقتصادية، وأنه لا بد أن يكون هناك تعاون بين الحكومات والبنوك والقطاع الخاص، وأيضاً القطاع المدني من أجل دعم هذه المشروعات وتوفير المناخ المناسب لها. وأشار إلى الجهود المتعلقة بتدعيم البنية التحتية اللازمة لدفع حركة التجارة، ومن بينها إنشاء 200 طريق في دول جنوب الصحراء، والعمل على تطوير كابلات الإنترنت الدولية من أجل تعزيز الاتصال والترابط التكنولوجي على مستوى القارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ستيف لوتس، نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية لشؤون منطقة الشرق الأوسط، إن غرفة التجارة تقوم بمشروعات كثيرة مع مصر والدول الأفريقية، وإنها تعمل على توضيح كل الفرص المتاحة للشراكة مع الولايات المتحدة. وأضاف أن أميركا ملتزمة بتشجيع الإصلاحات الاقتصادية التي تحدث في مصر وأفريقيا، ودعم عمليات التحول الرقمي. وقال إن منتدى مصر للتعاون الدولي يوضح مدى التزام القاهرة بدعم الاقتصاد الأفريقي والاستفادة من منطقة التجارة الحرة الأفريقية.
وأشار إلى أن الغرفة تدعم كل التحول الرقمي في القارة حتى من قبل جائحة كورونا. وأكد أهمية دعم التحول الرقمي في الصناعة، وتمكين الدول الأفريقية من الوصول إلى الأسواق الخارجية، وتدعيم عملية المدفوعات الرقمية، مع التركيز أيضاً على حماية الملكية الفكرية والخصوصية.
وحول حجم التعاون مع مصر، قال إن هناك تعاوناً كبيراً بين مصر والولايات المتحدة، مشيراً إلى التقدم الكبير الذي أحرزته الحكومة المصرية في قطاع التكنولوجيا والمعلومات، وأيضاً برامج الإصلاح الاقتصادي.
وقال إن مصر تقوم بجهود كبيرة بالتعاون مع الشركات العالمية من أجل تحقيق استراتيجيتها للتحول الرقمي، وإن القاهرة قادرة في الوقت الحالي على جذب الشركات الدولية الكبرى في مجال التجارة الإلكترونية، وهو ما ظهر بشكل واضح مع افتتاح مركز لشركة "أمازون" فيها أخيراً.
نجاحات في التحول الرقمي
في كلمته، أكد جيمي ماكلود، زميل السياسات التجارية في المركز الأفريقي للسياسات التجارية التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، أن هناك الكثير من الدول الأفريقية التي أحرزت نجاحات في التحول الرقمي، ومن بينها مصر التي لديها اتصال كبير بشبكة الإنترنت.
وقال إن هناك الكثير من الدول التي ليس لديها الدعم التكنولوجي الكافي من أجل تعزيز التجارة الإلكترونية، وتحتاج إلى العمل بقوة على هذا الأمر. وأضاف أن جائحة كورونا أثرت كثيراً على الإنتاج، وأن هذه المشكلة كانت ستتفاقم لولا وجود التجارة الإلكترونية، ومن هنا كانت الحاجة الملحة لتعزيز البنية التحتية الداعمة للتجارة الإلكترونية.
وأشار جيمس هاوي، كبير مستشاري مركز التجارة العالمية، إلى أن هناك الكثير من التحديات في الدول الأفريقية التي تحتاج إلى حلول من أجل تعزيز حركة التجارة العابرة للحدود. وأوضح أن الدفع النقدي من الأمور التي لا تسهل حركة التجارة، وأنه من المهم العمل على وجود منصات دفع إلكتروني بما يسمح بزيادة حركة التبادل التجاري بين دول القارة.
وأوضح أن قضية تيسير التجارة لا بد أن تكون إحدى أولويات الدول الأفريقية، وأيضاً تسهيل عملية التجارة الإلكترونية بين البلدان، وأن تكون هناك شفافية في التعامل، وتخفيض ضرائب القيمة المضافة المفروضة على السلع من أجل تعزيز حركة التجارة عبر الحدود.
وكشف أيمن وجيه قاسم، مدير قسم تنمية التجارة في المنظمة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، عن أن المؤسسة معنية بتمويل التجارة ودعمها، وتعمل كحافز لها في المنطقة. وأشار إلى أن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية من الممكن أن تغير الوضع التجاري بالكامل في المنطقة، وأنه من المهم التركيز على عمليات التحول الرقمي، وتطوير التشريعات واللوجستيات والبنية التحتية الداعمة لها. وأكد دعم المؤسسة للقارة الأفريقية لتمكينها من الوصول للأسواق، مشيراً إلى التعاون في هذا الشأن، على سبيل المثال، مع هيئة تنمية الصادرات في مصر، لدعم التحول الرقمي فيها. وأوضح أن التمويل الذي تقدمه المؤسسة لأول مرة لبوركينا فاسو يهدف إلى تطوير منصات رقمية تسمح بالتعاملات والمدفوعات الرقمية، بما يقلل من الوقت اللازم لإنجاز المعاملات المالية والتجارية.
دعم حركة التجارة البينية
وقال أحمد مختار، المتخصص في المجال الاقتصادي في المكتب الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا لدى منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، إن البنية التحتية والتواصل التكنولوجي أساسيان لدعم حركة التجارة. وأشار إلى أن الدول الأفريقية في حاجة إلى مزيد من التعاون من أجل الربط المالي والتكنولوجي من أجل تسهيل عمليات التصدير والاستيراد والدفع الإلكتروني، موضحاً أن المحاصيل الزراعية من الممكن أن تزدهر بشكل أكبر إذا جرى استخدام التكنولوجيا والرقمنة.
وكشفت أحمد رزق، نائب المدير والممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية الـ"يونيدو" في مصر، عن أن هناك تعاوناً كبيراً مع مصر في عملية التحول الرقمي في الصناعة، من أجل تعزيز الإبداع وتحسين البنية التحتية لهذا القطاع. وأضاف أن الهدف من هذا التعاون هو أن تكون الدول مستعدة للثورة الصناعية الجديدة.
وأشار إلى تأسيس مركز رصد رقمي، من أجل فهم كيفية عمل التكنولوجيا واعتمادها في قطاعات الأعمال، وتعزيز المهارات المستقبلية مثل استخدام "الروبوت" على سبيل المثال. وأضاف أن أحد الموضوعات المهمة أيضاً هي عملية التحول الرقمي في قطاع الزراعة من أجل تقليل سلاسل الإمدادات ومساعدة المزارعين.