يتساءل الشارع العربي حول قدرة القمة العربية المقررة بالجزائر في مارس (آذار) عام 2022، على حلحلة الخلافات العربية والدخول بمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك وفق ما ترافع لصالحه الجزائر، في حين ترفض الأخيرة كل الوساطات العربية من أجل تجاوز الأزمة مع المغرب.
ويضع الخلاف الجزائري - المغربي الذي بلغ حد قطع العلاقات بين البلدين، نجاح القمة العربية المنتظرة في الجزائر على المحك لرفضها الوساطات المطروحة لتخفيف حدة التوتر مع المغرب.
وقال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، على هامش مشاركته في أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، إن "موضوع قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب لا ولن يندرج ضمن جدول أعمال الاجتماع الوزاري، وإن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية ليس قابلاً للنقاش أو التداول باعتباره قراراً سيادياً ونهائياً مؤسساً لا رجعة فيه"، مضيفاً أن "التفكير في أي مبادرة مهما كانت طبيعتها تعتبر اختزالية وسطحية لا تعي، بل تتجاهل المسؤولية التامة للمغرب في التدهور المزمن للعلاقات الثنائية وتحجب مدى الضرر السياسي والمعنوي الناجم عن الوقائع والآثام التي تؤيدها الأوساط المغربية".
غلق أبواب الوساطات
وتأتي تصريحات لعمامرة، لتغلق أبواب التحركات العربية التي سارعت إلى فتح خطوط تواصل مع مسؤولي البلدين من أجل التوسط لحل الأزمة، وكانت السعودية أول من سعى ولا تزال، لإيجاد أرضية توافق تقود إلى تخفيف حدة الاحتقان، لتختتم الكويت المحاولات، حيث أكد وزير خارجيتها أحمد ناصر المحمد الصباح، في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، تعليقاً على أزمة قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب، أن "قمة العلا أنهت الأزمة الخليجية والعربية، وأصبحت هناك روح جديدة لإصلاح ذات البين"، مشيراً إلى أن "الكويت ودولاً عربية أخرى ستقوم بدورها في تعزيز الوفاق العربي".
لا تأثير
وفي هذا السياق، يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بلال أوصيف، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن قطع العلاقات الجزائرية مع المغرب لن يؤثر لا من قريب ولا من بعيد على القمة العربية القادمة، على اعتبار أن الجانب الجزائري حضّر جدول الأعمال، وموضوع قطع العلاقات لن يتم إدراجه إطلاقاً، ولن يتم التطرق إليه، مبرزاً أن "الجانب المغربي سيعمل على تفادي الانزلاقات والأخطاء الدبلوماسية أمام الحضور العربي، غير أنه لا يمكن استبعاد تسجيل وساطات بصفة غير رسمية بعيداً عن القمة وضمن لقاءات ثنائية وثلاثية مع أحد الجانبين الجزائري أو المغربي من أجل بحث أساليب إعادة العلاقات، على الرغم من تمسك الجزائر بأن القرار لا رجعة فيه".
وشدد أوصيف على أن الوساطات الخليجية مطروحة بقوة من أجل ضمان الوحدة العربية، موضحاً أن الجزائر ستعمل على ضمان توجيه وتنظيم القمة وفق جدول الأعمال والأهداف الاستراتيجية والتكتيكية للقاء العربي، بما يجعلها محور معادلة السلام في المنطقة العربية ككل، وفي شمال أفريقيا خاصة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تلطيف الأجواء
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إدريس عطية، أن الموضوع لا يعرقل نجاح القمة العربية، لأن المغرب تواق إلى أي فرصة تجمعه بالجزائر أو على أراضيها، مضيفاً أنه من المتوقع أن يستغل المغرب فرصة القمة العربية بالجزائر من أجل تلطيف الأجواء، وشدد على أنه رغم رفض الجزائر لكل الوساطات، فإلا أن المغرب سيبذل كل جهوده الذاتية من أجل التقرب من الجزائر، وسوف يمارس الملك محمد السادس أقصى ما لديه من أجل عقد جلسات خاصة مع الرئيس عبدالمجيد تبون.
عقبات تحول دون مقاصد القمة
على العكس، يعتبر الباحث المغربي في الشؤون المغاربية، يحيى بن طاهر، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن عقد قمة عربية في الجزائر، حتى وإن كان مكان انعقادها قد تم تحديده قبل تأزم العلاقات الجزائرية - المغربية التي وصلت إلى درجة القطيعة الدبلوماسية، سيكون محفوفاً بعديد من العقبات التي ستحول، بالتأكيد، دون مقاصد القمة كما هي مدرجة على جدول الأعمال الذي أعلن عنه لعمامرة قبل نحو أسبوعين، ومنها "إحياء التضامن العربي المشترك"، والأزمة الليبية، و"مشاورات لتقريب وجهات النظر مع الفاعلين الأساسيين من أجل دعم العمل العربي المشترك خدمة للقضية الفلسطينية والتمسك بمبادرة السلام العربية".
ويواصل بن طاهر، أن جدول أعمال القمة المرتقبة يبدو بطموح كبير، لكن الواقع يبدي غير ذلك، خصوصاً مع قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب. وقال إن "الجزائر تريد من القمة استعادة وهجها الدبلوماسي، وهذا من حقها، لكن لا يمكن لقمة عربية أن تنجح بالشكل الذي تريده لها الدولة المستضيفة، لأن تعقيدات الملفات المدرجة على قدر تعقيدات صراعات الأطراف التي يرتقب أن تتداولها، وأعني بذلك الجزائر والمغرب". وختم بأن شرط نجاح أية قمة عربية هو وجود أرضية إجماع عربية، ومزاج عربي متقارب لا متنافر، وهو ما لا يبدو متوفراً في المزاج العربي الراهن.
القمة في موعدها
وأعلن وزير الخارجية لعمامرة، في لقاء صحافي مشترك مع نظيرته الليبية رجاء المنقوش، عقد في ختام أعمال مؤتمر دول جوار ليبيا بالجزائر، أن القمة العربية ستنعقد في موعدها وبتحضير جيد، وأن الجزائر مستعدة لاستضافتها ولبذل مزيد من الجهد لإنجاحها، مشدداً على أنه "يجب أن نحيي التضامن العربي ونجعله ركيزة للعمل العربي المشترك".
كما كشف الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، على هامش اجتماع وزراء خارجية العرب بالقاهرة، عن أن الدول العربية اتفقت على عقد القمة العربية في مارس المقبل بالجزائر.