للمرة الأولى منذ أكثر من 15 سنة، افتتحت المقبرة الجنوبية للملك زوسر بمنطقة سقارة للجمهور بعد انتهاء مشروع ترميمها الذي بدأ عام 2006، وتعد منطقة سقارة واحدة من أهم المناطق الأثرية ليس في مصر وحدها بل في العالم، بما تضمه من أثار تعود إلى كل العصور، مما جعلها واحدة ضمن المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي لـ "يونسكو".
ويعرف هرم زوسر بأنه أقدم بناء حجري في التاريخ والمجموعة الجنائزية الملحقة به ومن ضمنها المقبرة التي افتتحت أخيراً، تعد من أهم وأشهر المواقع الأثرية في المنطقة.
وكان الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار صرح في بيان صحافي بأن المقبرة الجنوبية للملك زوسر تقع في الركن الجنوبي لمجموعته الجنائزية بمنطقة آثار سقارة، وتتكون من جزأين، العلوي عبارة عن مبنى كالمصطبة مشيد من الحجر الجيري وبه إفريز مزين بحيات الكوبرا، والسفلى منحوت في الصخر على عمق يصل حوالى 30 متراً ويمكن الوصول إليه بسلم حجري يؤدي إلى باب منحوت في الصخر، وممر المدخل به سلم حجري يؤدي بدوره إلى باب المقبرة المؤدي للممرات الداخلية.
وأضاف أنه يوجد بالمقبرة بئر في نهايته غرفة دفن، فيها تابوت ضخم من الغرانيت الوردي شبيهة بغرفة الدفن في الهرم المدرج، كما توجد ممرات ودهاليز طويلة عديدة زُينّت جدرانها بأبواب وهمية تحمل صورة الملك وألقابه، كما زينت الجدران بقطع من الفيانس الأزرق.
مشروع الترميم
يشير العميد المهندس هشام سمير مساعد وزير الآثار للشؤون الهندسية أن مشروع ترميم المقبرة بدأ عام 2006، وشملت الدراسات الهندسية والجيوتقنية والجيوبيئية والأثرية للمقبرة، حيث نفذت أعمال ترميم الممرات السفلية وتدعيم الجدران والأسقف وإزالة الشروخ وتثبيت بلاطات الفيانس لاستكمال العناصر الداخلية للمقبرة، وتمت إعادة تجميع وترميم التابوت الغرانيتي الموجود في قاع بئر الدفن، إضافة إلى تأهيل المكان للزيارة من خلال تمهيد الأرضيات وتركيب سلم يؤدي إلى البئر والمقبرة وإضاءتها بشكل كامل.
آثار من كل العصور
وعن أهمية منطقة سقارة وقيمتها التاريخية يقول خالد غريب أستاذ الآثار في جامعة القاهرة، "سقارة هي بانوراما متكاملة لحضارة مصر فلا يوجد عصر ليس له آثار ترجع إليه في هذه المنطقة مما يكسبها أهمية كبرى كونها تعكس مراحل التطور في الحضارة المصرية من كافة الجوانب وعلى رأسها العمارة والفنون المختلفة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف، "على الرغم من أن هرم زوسر يعد الأثر الأشهر في المنطقة، ويصنف بأنه واحد من أهم الآثار في العالم باعتباره يعكس عبقرية البناء والمهندس والزمان والمكان إلا أنها تضم كثير من الآثار ذات الأهمية الكبرى من بينها مقابر ملوك بداية الأسرات، هرم ونيس الذي ظهرت فيه البدايات الأولى لنصوص الأهرام، وجبانة الدولة الحديثة ومن بينها مقبرة حور محب، كما تضم آثاراً تعود للعصر البطلمي والروماني وأخرى مسيحية، فالمنطقة كانت ذات أهمية كبرى في كل العصور، ومن يريد التعرف على تاريخ مصر فعليه زيارة آثار سقارة".
الملك زوسر
والمقبرة جزء من المجموعة الجنائزية للملك زوسر، وعنه يقول غريب، "هو واحد من أشهر ملوك مصر القديمة وأول من بنى مقبرته بالحجر وله عديد من الإنجازات منها كثير من الحملات خارج مصر، ومن المفارقات أن دائماً ما ينسب الوزير إلى عهد الملك، إلا أن الملك زوسر هو الوحيد الذي يقال عنه عاش في عهد الوزير إمحتب الذي كان من أعظم المهندسين، وإنشاءاته التي على رأسها هرم زوسر تعد من أهم الأبنية في التاريخ، فكان له دور كبير في تطوير العمارة في مصر القديمة، كما عرف ببراعته الشديدة في الطب وعلومه فاعتبره المصريون إلهاً للطب ويقع متحفه في المنطقة نفسها".
ويضيف، "المقبرة التي افتتحت هي جزء من مجموعة زوسر الجنائزية وتقع في أقصى الجنوب منها، وقد ترجع فكرة إنشاء امتداد للمقبرة الأساسية إلى أسباب متعددة قد يكون من بينها أنها قبر مؤقت للملك في حال موته قبل اكتمال المقبرة الأساسية، وقد تكون لدفن تمثال الملك، وبشكل عام فان فكرة المجموعة الجنائزية المكونة من أبنية عدة هي شائعة في الحضارة المصرية القديمة، ولم تقتصر على مجموعة زوسر الجنائزية".