نفت فرنسا مزاعم تقارير إعلامية سويسرية، الأحد 19 سبتمبر (أيلول)، تفيد بإلغاء لقاء كان مقرراً منذ مدة طويلة بين رئيسي البلدين، وذلك بسبب غضب باريس من قرار برن شراء طائرات مقاتلة أميركية.
وذكرت صحيفتا "لوماتان ديمانش" و"سونتاغ تسايتونغ" السويسريتان، أن قصر الإليزيه ألغى اللقاء المقرر عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السويسري غي بارمولان.
وأضافت الصحيفتان نقلاً عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، أن فرنسا اختارت إلغاء اللقاء لغضبها من الطريقة التي أدار بها السويسريون المفاوضات معهم قبل اتخاذهم القرار، في يونيو (حزيران) الماضي، بشراء 36 طائرة من طراز "أف-35 آي" من صناعة "لوكهيد مارتن" الأميركية.
وبحسب المصادر، اتهمت باريس وزارة الدفاع السويسرية بمواصلة التفاوض مع الشركات الأخرى، بما فيها "داسو" الفرنسية المصنعة لطائرة "رافال"، بعد أن كانت توصلت بالفعل إلى قرار شراء المقاتلات الأميركية.
لكن الحكومة الفرنسية ومكتب بارمولان نفيا إلغاء الاجتماع رسمياً، مؤكدين أنه لم يتم الانتهاء بعد من جدولة المواعيد.
وقال قصر الإليزيه في باريس، "لم يتم إلغاء الاجتماع أبداً، ولا سيما للأسباب المذكورة". وأوضح أن ماكرون وافق من حيث المبدأ في بداية العام على لقاء نظيره السويسري، وأن برن اقترحت موعداً في نوفمبر.
أستراليا: نتفهم خيبة أمل فرنسا
وتأتي هذه التقارير في وقت تشهد فيه العلاقات بين باريس وكل من واشنطن ولندن وكانبيرا، توتراً بسبب تراجع أستراليا عن إتمام صفقة لشراء غواصات فرنسية وإبرام صفقة بديلة مع الولايات المتحدة وبريطانيا. وفي هذا السياق، قال رئيس وزراء أستراليا، سكوت موريسون، الأحد، إنه يتفهم خيبة أمل فرنسا.
وأضاف موريسون في إفادة صحافية، "الأمر ينطوي بالطبع على شعور قوي بخيبة الأمل للحكومة الفرنسية لذلك أتفهم خيبة أملهم. لكن في الوقت نفسه يجب على أستراليا مثل أي دولة ذات سيادة أن تتخذ دائماً القرارات التي تصب في مصلحتنا السيادية في ما يتعلق بالدفاع الوطني".
والأحد، أعلنت باريس أن الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن سيجريان "مكالمة هاتفية" في الأيام المقبلة على وقع أزمة الغواصات
وكانت فرنسا استدعت، الجمعة، سفيريها من الولايات المتحدة وأستراليا احتجاجاً على اتفاق أمني ثلاثي ضم بريطانيا أيضاً، تسبب في إلغاء عقد الغواصات مع باريس.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان "بناءً على طلب رئيس الجمهورية، قررتُ أن أستدعي فوراً إلى باريس للتشاور سفيرينا لدى الولايات المتحدة وأستراليا". وأضاف أن "هذا القرار الاستثنائي تُبرره الخطورة الاستثنائية لما أعلنته أستراليا والولايات المتحدة في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي".
وفي حديث عبر قناة "فرانس 2"، لم يُبدِ وزير الخارجية الفرنسي أي مؤشر إلى اتجاه فرنسي نحو تهدئة للأزمة، مستخدماً لغة غير دبلوماسية واضحة تجاه أستراليا والولايات المتحدة وكذلك بريطانيا.
وبرر لودريان استدعاء سفيري فرنسا في كانبيرا وواشنطن بـ"وجود أزمة خطرة بيننا".
وقال إن هذا الإجراء غير المسبوق في تاريخ العلاقات بين باريس وواشنطن "هو رمزي جداً. لقد حصل كذب، حصلت ازدواجية، حصل تقويض كبير للثقة، حصل ازدراء، لذا فإن الأمور بيننا ليست على ما يرام".
وأضاف "استدعينا سفيرَينا لمحاولة الفهم ولنظهر لبلداننا الشريكة منذ وقت طويل أننا نشعر باستياء كبير، وأن هناك فعلاً أزمة خطرة بيننا".
في المقابل، لم يُعر لودريان أهمية لإمكان استدعاء السفير في لندن، قائلاً "نعلم انتهازيتهم الدائمة"، في إشارة إلى البريطانيين بعد بضعة أشهر على بريكست، مضيفاً ما معناه أن بريطانيا ليست الطرف الأول المعني بهذه القضية.
أزمة دبلوماسية متعددة الجنسية
وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع الأسترالي، الأحد، إن بلاده كانت "صريحة ومنفتحة وصادقة" مع فرنسا بشأن مخاوفها من صفقة لشراء غواصات فرنسية وذلك في الوقت الذي ما زالت فيه صفقة جديدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا تثير أزمة دبلوماسية متعددة الجنسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتخلت أستراليا عن اتفاق 2016 مع مجموعة "نافال" الفرنسية لبناء أسطول من الغواصات التقليدية، وأعلنت يوم الخميس عن خطة لبناء ما لا يقل عن ثماني غواصات تعمل بالطاقة النووية باستخدام التكنولوجيا الأميركية والبريطانية في شراكة أمنية ثلاثية.
وفي وقت أثارت هذه الخطوة حفيظة الصين، القوة الكبرى الناشئة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وضعت واشنطن في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع فرنسا يقول محللون إنها قد تلحق ضرراً دائماً بالتحالف الأميركي مع فرنسا وأوروبا، ما يثير شكوكاً بشأن الجبهة الموحدة التي تسعى إدارة بايدن لتشكيلها ضد القوة المتنامية للصين.
وصرح وزير الدفاع الأسترالي بيتر دوتون، الأحد، أن بلاده أثارت مخاوف مع فرنسا بشأن الطلبية لعامين. وبلغت قيمة هذه الصفقة 40 مليار دولار في عام 2016، ويعتقد أن قيمتها أصبحت أكثر بكثير اليوم.
وقال وزير المالية سيمون برمنجهام، إن أستراليا أبلغت فرنسا بالاتفاق، لكنه أقر الأحد بأن المفاوضات كانت سرية نظراً "للحساسيات الكبيرة". وامتنع دوتون وبرمنجهام عن الكشف عن تكاليف الاتفاقية الجديدة، على الرغم من أن دوتون قال "لن يكون مشروعاً رخيصاً".
واشنطن تأمل مواصلة النقاش
وكان الرئيس الأميركي بايدن أعلن الأربعاء الماضي 15 سبتمبر عن تحالف دفاعي جديد بين بلاده وأستراليا وبريطانيا، موسعاً نطاق تقنية الغواصات الأميركية العاملة بالدفع النووي لتشمل أستراليا، إضافة إلى تقنيات الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والقدرات البحرية تحت الماء.
وفي الإطار ذاته، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان بأن "فرنسا شريك حيوي وأقدم حليف لنا، ونحن نولي أعلى قيمة لعلاقتنا". وأضاف أن واشنطن تأمل مواصلة النقاش حول هذه القضية على مستوى رفيع في الأيام المقبلة، بما في ذلك خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع المقبل.