اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الاثنين 20 سبتمبر (أيلول) الحالي، أن الطريقة التي تمّ التعامل بها مع فرنسا بشأن صفقة الغواصات مع أستراليا في إطار الشراكة الأمنية الأميركية الأسترالية البريطانية، "غير مقبولة".
وقالت فون دير لاين في حديث عبر شبكة "سي أن أن" الأميركية، إن "أحد أعضاء الاتحاد الأوروبي جرى التعامل معه بطريقة غير مقبولة... نريد أن نعرف ما الذي حصل ولماذا؟".
إلغاء اجتماع
وكان اجتماع يُفترض أن يُعقد هذا الأسبوع بين وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي ونظيرها البريطاني بن والاس، أُلغي بناءً على طلب باريس، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من الوزارة الفرنسية الأحد (19 سبتمبر) وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المصدر إن "المملكة المتحدة على تواصل مستمر مع فرنسا بشأن هذه الاجتماعات"، مؤكداً الحرص على "علاقات دفاعية وثيقة ومثمرة مع فرنسا" التي وصفها بأنها "حليف موثوق به".
ويأتي إلغاء الاجتماع في خضم أزمة بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، بعدما أعلنت الدول الثلاث الأربعاء إطلاق شراكة استراتيجية لمواجهة الصين تتضمن تزويد كانبيرا غواصات تعمل بالدفع النووي، وبالتالي انسحاب الجانب الاسترالي من اتفاق لشراء غواصات فرنسية.
وذكر مصدران مطلعان لوكالة "رويترز" أن فرنسا ألغت اجتماعاً بين فلورنس بارلي ونظيرها البريطاني والذي كان مقرراً انعقاده هذا الأسبوع بعد أن ألغت أستراليا طلبية غواصات من باريس من أجل اتفاق مع واشنطن ولندن.
وقال المصدران إن بارلي نفسها هي من اتخذ قرار إلغاء الاجتماع الثنائي مع وزير الدفاع البريطاني. ولم يتسن بعد الوصول إلى وزارة الدفاع الفرنسية للحصول على تعليق أما وزارة الدفاع البريطانية فرفضت أن تعلق، بحسب ما ذكرت "رويترز".
وأكد المصدران تقريراً سابقاً ورد في صحيفة "الغارديان" البريطانية كان قد أفاد بأن الاجتماع قد أُلغي.
جونسون: حب بريطانيا لفرنسا راسخ
وفي ما يبدو أنه محاولة لتهدئة الأجواء مع فرنسا، شدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد على العلاقة "البالغة الأهمية" بين بلاده وفرنسا.
وقال جونسون لصحافيين على متن طائرة تُقله إلى نيويورك، إن لندن وباريس تربطهما "علاقة ودية جداً" و"بالغة الأهمية"، مشدداً على أن "حب بريطانيا لفرنسا" راسخ، حسبما نقلت عنه وكالة "برس أسوسييشن" البريطانية.
وتوجّه جونسون إلى الولايات المتحدة، حيث من المقرّر أن يشارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة ويلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض.
موريسون يتوجه إلى واشنطن
وعلى وقع التوترات مع باريس، توجه رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، الاثنين، إلى واشنطن للقاء زعماء مجموعة الحوار الأمني الرباعية التي تضمّ أيضاً الهند واليابان والولايات المتحدة.
ويخاطر اجتماع موريسون مع جونسون وبايدن بإثارة غضب فرنسا. وقال هايدون مانينغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "فليندرز" بولاية جنوب أستراليا، إن "الفرنسيين غير مرتاحين جداً ومشهد موريسون وبايدن وجونسون معاً لن يفعل شيئاً يذكر لإصلاح العلاقات".
وسيحضر أيضاً رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا اجتماع زعماء المجموعة الرباعية في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وقال مصدران مطلعان إن المجموعة الرباعية ستناقش "كوفيد-19" وتغير المناخ والأمن الإقليمي.
كما قال وزير التجارة الأسترالي دان تيهان، الاثنين، إنه سيطلب مقابلة نظيره الفرنسي لتخفيف حدة التوتر بين البلدين. وأضاف لهيئة الإذاعة الأسترالية أنه يثق في أن الأزمة لن تؤثر على التجارة، لكنه أوضح أنه سيطلب الاجتماع مع نظيره الفرنسي أثناء وجوده في باريس لحضور اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أكتوبر (تشرين الأول).
ومن المقرر أن يعقد مسؤولون من أستراليا والاتحاد الأوروبي الدورة التالية من محادثاتهم حول اتفاق تجاري في 12 أكتوبر.
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يناقشون النزاع
وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون الاثنين تخلي أستراليا عن طلبية غواصات من فرنسا.
وأضاف المتحدث للصحفايين في بروكسل، أن من المقرر أن يعقد الاجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وذلك رداً على سؤاله عن تبعات محتملة للنزاع المتعلق بصفقة الغواصات على محادثات تجارية بين التكتل وأستراليا.
وقال متحدث آخر باسم المفوضية، "نحلل أثر إعلان الصفقة وما قد يكون لهذا الأثر من نتائج على جدول الأعمال"، في إشارة للجولة المقبلة من المفاوضات مع أستراليا.
"صفقة العصر"
وتسبب إلغاء عقد الغواصات، الذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات ووُقع عام 2016، في أزمة دبلوماسية استدعت على أثرها باريس سفيريها من واشنطن وكانبيرا.
وكانت قيمة صفقة تزويد فرنسا أستراليا غواصات تقليدية 50 مليار دولار أسترالي (أي ما يعادل 36,5 مليار دولار أميركي أو 31 مليار يورو) عند توقيعها في العام 2016.
ووصف هذا الاتفاق مراراً بـ"صفقة العصر" بسبب ضخامته وأهميته الاستراتيجية. وتقول فرنسا إن حلفاءها لم يستشيروها، بينما تقول أستراليا إنها أوضحت لباريس منذ شهور مخاوفها بشأن العقد.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية الأحد إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأميركي جو بايدن سيتحدثان عبر الهاتف في الأيام المقبلة لمناقشة الأزمة.
وكان الرئيس الأميركي أعلن الأربعاء الماضي 15 سبتمبر عن تحالف دفاعي جديد بين بلاده وأستراليا وبريطانيا، موسعاً نطاق تقنية الغواصات الأميركية العاملة بالدفع النووي لتشمل أستراليا، إضافة إلى تقنيات الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والقدرات البحرية تحت الماء.
الأزمة تتجدد مع سويسرا
وكانت فرنسا قد نفت، الأحد 19 سبتمبر (أيلول)، مزاعم تقارير إعلامية سويسرية تفيد بإلغاء لقاء كان مقرراً منذ مدة طويلة بين رئيسي البلدين، وذلك بسبب غضب باريس من قرار برن شراء طائرات مقاتلة أميركية.
وذكرت صحيفتا "لوماتان ديمانش" و"سونتاغ تسايتونغ" السويسريتان، أن قصر الإليزيه ألغى اللقاء المقرر عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السويسري غي بارمولان.
وأضافت الصحيفتان نقلاً عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، أن فرنسا اختارت إلغاء اللقاء لغضبها من الطريقة التي أدار بها السويسريون المفاوضات معهم قبل اتخاذهم القرار، في يونيو (حزيران) الماضي، بشراء 36 طائرة من طراز "أف-35 آي" من صناعة "لوكهيد مارتن" الأميركية.
وبحسب المصادر، اتهمت باريس وزارة الدفاع السويسرية بمواصلة التفاوض مع الشركات الأخرى، بما فيها "داسو" الفرنسية المصنعة لطائرة "رافال"، بعد أن كانت توصلت بالفعل إلى قرار شراء المقاتلات الأميركية.
لكن الحكومة الفرنسية ومكتب بارمولان نفيا إلغاء الاجتماع رسمياً، مؤكدين أنه لم يتم الانتهاء بعد من جدولة المواعيد.
وقال قصر الإليزيه في باريس، "لم يتم إلغاء الاجتماع أبداً، ولا سيما للأسباب المذكورة". وأوضح أن ماكرون وافق من حيث المبدأ في بداية العام على لقاء نظيره السويسري، وأن برن اقترحت موعداً في نوفمبر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أستراليا: نتفهم خيبة أمل فرنسا
من جانبه، قال رئيس وزراء أستراليا، سكوت موريسون، الأحد، إنه يتفهم خيبة أمل فرنسا.
وأضاف موريسون في إفادة صحافية، "الأمر ينطوي بالطبع على شعور قوي بخيبة الأمل للحكومة الفرنسية لذلك أتفهم خيبة أملهم. لكن في الوقت نفسه يجب على أستراليا مثل أي دولة ذات سيادة أن تتخذ دائماً القرارات التي تصب في مصلحتنا السيادية في ما يتعلق بالدفاع الوطني".
وأعلن وزير الدفاع الأسترالي أن بلاده كانت "صريحة ومنفتحة وصادقة" مع فرنسا بشأن مخاوفها من صفقة لشراء غواصات فرنسية وذلك في الوقت الذي ما زالت فيه صفقة جديدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا تثير أزمة دبلوماسية متعددة الجنسية.
استدعاء السفراء
وكانت فرنسا استدعت، الجمعة، سفيريها من الولايات المتحدة وأستراليا. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان "بناءً على طلب رئيس الجمهورية، قررتُ أن أستدعي فوراً إلى باريس للتشاور سفيرينا لدى الولايات المتحدة وأستراليا".
وأضاف أن "هذا القرار الاستثنائي تُبرره الخطورة الاستثنائية لما أعلنته أستراليا والولايات المتحدة في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي".
وفي حديث عبر قناة "فرانس 2"، لم يُبدِ وزير الخارجية الفرنسي أي مؤشر إلى اتجاه فرنسي نحو تهدئة للأزمة، مستخدماً لغة غير دبلوماسية واضحة تجاه أستراليا والولايات المتحدة وكذلك بريطانيا.
وبرر لودريان استدعاء سفيري فرنسا في كانبيرا وواشنطن بـ"وجود أزمة خطرة بيننا". وقال إن هذا الإجراء غير المسبوق في تاريخ العلاقات بين باريس وواشنطن "هو رمزي جداً. لقد حصل كذب، حصلت ازدواجية، حصل تقويض كبير للثقة، حصل ازدراء، لذا فإن الأمور بيننا ليست على ما يرام".
وأضاف "استدعينا سفيرَينا لمحاولة الفهم ولنظهر لبلداننا الشريكة منذ وقت طويل أننا نشعر باستياء كبير، وأن هناك فعلاً أزمة خطرة بيننا". في المقابل، لم يُعر لودريان أهمية لإمكان استدعاء السفير في لندن، قائلاً "نعلم انتهازيتهم الدائمة"، في إشارة إلى البريطانيين بعد بضعة أشهر على بريكست، مضيفاً ما معناه أن بريطانيا ليست الطرف الأول المعني بهذه القضية.
بيونغ يانغ: الاتفاق قد يؤدي إلى "سباق تسلح نووي"
اعتبرت كوريا الشمالية، اليوم الإثنين، أن التحالف الأميركي الجديد في آسيا والمحيط الهادئ والصفقة الأميركية لتزويد أستراليا غواصات، قد يؤديان إلى "سباق تسلح نووي" في المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن "هذه أعمال غير مرغوب فيها وخطرة جداً ستخلّ بالتوازن الاستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتطلق سلسلة من سباق التسلح النووي".
وأضاف "هذا يظهر أن الولايات المتحدة هي المسؤول الرئيسي الذي يعرض للخطر النظام الدولي لمنع الانتشار النووي".
وأجرت سيول تجربة إطلاق ناجحة لصاروخ بالستي من غواصة الأربعاء، لتصبح سابع دولة في العالم تمتلك هذه التكنولوجيا. وقبل ساعات على ذلك أطلقت كوريا الشمالية المسلّحة نووياً صاروخَين باتجاه البحر.
وسلطت سلسلة التجارب الصواريخ هذه والصفقات الدفاعية في المحيط الهادئ، الضوء على سباق تسلح إقليمي متصاعد، مع تزايد التنافس بين الصين والولايات المتحدة.
وقال المسؤول الكوري الشمالي "من الطبيعي تماماً أن تدين الدول المجاورة بما في ذلك الصين هذه الأعمال باعتبارها تصرفات غير مسؤولة لتدمير السلام والاستقرار في المنطقة".
وأضاف أن كوريا الشمالية "ستتخذ بالتأكيد رد فعل مضاداً" في حال كان لذلك "تأثير سلبي ولو طفيف على أمن بلادنا".