طالبت وكالة الطاقة الدولية روسيا بضخ مزيد من إمدادات الغاز، خشية حدوث أزمة مقبلة في ظل شتاء صعب متوقع.
في الوقت ذاته تزايدت المخاوف من تأجيج موسكو للأزمة في ظل عدم الاستجابة، وقالت الوكالة إن روسيا "يمكنها فعل المزيد" لزيادة إمدادات الغاز إلى القارة وإظهار أنها "مورد موثوق".
جاء ذلك في الوقت الذي حذر فيه مسؤولون إسبان الاتحاد الأوروبي أن الارتفاع الصاروخي في فواتير الوقود قد يؤدي إلى تحول الجمهور ضد الطاقة الخضراء، فيما اضطر بوريس جونسون إلى نفي احتمال حدوث انقطاع للتيار الكهربائي في أعياد الميلاد هذا العام.
وقالت وكالة الطاقة الدولية التي جرى إنشاؤها للاستجابة لانقطاع إمدادات النفط في أعقاب أزمة النفط عام 1973، إن سوق الغاز الأوروبية "يمكن أن تواجه مزيداً من اختبارات الإجهاد من الانقطاعات غير المخطط لها وموجات البرد الحادة"، بعد ارتفاع أسعار الغاز إلى ما يصل إلى خمسة أضعاف مستواها قبل عام.
40 في المئة من الغاز الروسي يذهب لأوروبا
وقال المحللون في الوكالة التي يتكون أعضاؤها من الدول الغربية الغنية بما في ذلك المملكة المتحدة، إنه بناء على المعلومات المتاحة كانت روسيا "تفي بعقودها الطويلة الأجل مع نظرائها الأوروبيين"، لكن الصادرات إلى أوروبا "أقل مما كانت عليه في 2019".
وأضافوا، بحسب ما أوردته "تليغراف"، "تعتقد وكالة الطاقة الدولية أن بإمكان روسيا بذل مزيد من الجهد لزيادة توافر الغاز في أوروبا وضمان ملء التخزين بمستويات مناسبة استعداداً لموسم التدفئة الشتوي المقبل"، مشيرين إلى أن "هذه أيضاً فرصة لروسيا لتأكيد أوراق اعتمادها كمورد موثوق للسوق الأوروبية."
وأصبح السياسيون والمحللون قلقين بشكل متزايد من أن روسيا تحجم عن إمدادات الغاز للضغط على ألمانيا، للموافقة على بدء تشغيل خط أنابيب غاز جديد "نورد ستريم 2".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ليلة الجمعة وقّع أكثر من 40 من أعضاء البرلمان الأوروبي على خطاب يتهم الدولة الروسية عملاق الغاز غازبروم بـ "التلاعب المتعمد بالسوق"، في حين نفت عملاق الطاقة الروسية هذه المزاعم.
وحصلت أوروبا على أكثر من 40 في المئة من غازها الطبيعي من روسيا عام 2019، باستخدام الوقود لتدفئة المنازل وتزويدها بالطاقة وتشغيل العمليات الصناعية في جميع أنحاء المنطقة.
تكافح كل من القارة وبريطانيا الآن مع ارتفاع أسعار الجملة للغاز والكهرباء وسط أزمة إمدادات الغاز العالمية، مما أجبر الشركات على كبح الإنتاج وتراكم الضغط على فواتير المنازل.
وتوقف العديد من شركات الطاقة البريطانية عن قبول عملاء جدد بعد أن تعرضت مواردها المالية لضغوط هائلة، كما أبرم الوزراء اتفاقاً لاستئناف إنتاج مصانع ثاني أكسيد الكربون التي أغلقت الأسبوع الماضي بسبب ارتفاع الأسعار، مما يعرض الإمدادات الغذائية للخطر.
وفي حديثه للصحافيين أثناء زيارته للولايات المتحدة، سعى جونسون إلى التقليل من شأن المخاوف من حدوث نقص خطير في إمدادات الطاقة.
وأصر على أن أعياد الميلاد ستسير على ما يرام قائلاً، "أنا واثق من أنه يمكننا الاستمرار في إمدادات الطاقة فهذه مشكلة قصيرة المدى".
والثلاثاء، أنهى الغاز الطبيعي في بريطانيا اليوم عند 186.1 بنساً للحرارة، بانخفاض طفيف عن 189.6 بنساً لكل حرارة يوم الإثنين، لكنه لا يزال أعلى بخمس مرات من أسعار سبتمبر (أيلول) الماضي بنحو 30 بنساً للحرارة.
وسجلت أسعار الكهرباء في بريطانيا 160.13 جنيه استرليني (218.6 دولار أميركي) لكل ميغاواط/ساعة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف متوسطها خلال العقد الماضي. وكانت أسعار الطاقة الألمانية والإسبانية أعلى بثلاث أو أربع مرات مما كانت عليه في 2019 و2020.
تحذير أميركي من التلاعب بالأسعار
إلى ذلك حذرت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم من "التلاعب" بأسعار الغاز في أوروبا من خلال "التخزين أو الفشل في إنتاج إمدادات كافية" أثناء اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي لمناقشة النقص في الغاز.
وقالت غرانهولم للصحافيين خلال زيارة إلى وارسو: "لقد كانت الولايات المتحدة واضحة في أننا وشركاءنا يجب أن نكون مستعدين لمواصلة الدفاع "عن مصالحنا" عندما تكون هناك أطراف ربما يتلاعبون بالإمدادات من أجل مصلحتهم".
بريطانيا تدرس دعم شركات الغاز
في الوقت ذاته كان التأثير المباشر في بريطانيا تهديداً لإمدادات ثاني أكسيد الكربون المستخدم في صناعة اللحوم وتغليف المواد الغذائية وغيرها من المجالات الرئيسة، مع تحذير الصناعة من أخطار غير مباشرة على الإمدادات الغذائية.
والليلة الماضية تدخل الوزراء للموافقة على الدعم المالي لشركة "سي إف اندستريز" المدرجة في الولايات المتحدة، حتى تتمكن من إعادة فتح مصنعين للأسمدة في المملكة المتحدة يوفران نحو 60 في المئة من ثاني أكسيد الكربون في المملكة المتحدة كمنتج ثانوي، وأغلقت الشركة المواقع الأسبوع الماضي في مواجهة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.
وتدرس الحكومة تقديم دعم مالي لشركات الطاقة التي تتعامل مع العملاء من الموردين الفاشلين، وسط مخاوف من انهيار العشرات في الأسابيع المقبلة. وأفادت "بلومبيرغ" أن ثلاث شركات صغيرة للطاقة في المملكة المتحدة توقفت عن قبول عملاء جدد يوم الثلاثاء.
في غضون ذلك، حذرت الحكومة الإسبانية المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، من أنها بحاجة إلى تطوير إجراءات للمساعدة في حماية المستهلكين، مضيفة أن الدعم العام للدفع نحو الطاقة منخفضة الكربون قد "لا يتحمل فترة طويلة من أسعار الكهرباء المسيئة".
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن أسعار الغاز الأوروبية تعكس ديناميكيات العرض والطلب العالمية الناجمة عن عوامل مثل موجات البرد في الولايات المتحدة والجفاف في البرازيل، مع خروج بعض حقول الغاز الرئيسة للصيانة.
ويعني الطقس الهادئ أن إنتاج توربينات الرياح كان أيضاً منخفضاً، مما يزيد الطلب على الغاز لتوليد الطاقة.
وتحصل بريطانيا على نحو نصف غازها من بحر الشمال، والثلث من النرويج، والباقي عبر أنابيب من القارة، أو شحنات من روسيا والولايات المتحدة وأماكن أخرى، وترتبط أسعار الغاز البريطاني ارتباطاً وثيقاً بالقارة نظراً إلى أن الأسواق متصلة.
وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول "إن وضع اليوم هو تذكير للحكومات، بخاصة أننا نسعى إلى تسريع تحولات الطاقة النظيفة، بأهمية إمدادات الطاقة الآمنة والميسورة الكلفة، بخاصة للأشخاص الأكثر ضعفاً في مجتمعاتنا".
وأضاف، "التحولات الجيدة في مجال الطاقة النظيفة هي حل للقضايا التي نراها في أسواق الغاز والكهرباء اليوم وليست سببها".