قُتل 100 مقاتل على الأقل من القوات الموالية للحكومة اليمنية وميليشيات الحوثي في معارك جديدة حول مدينة مأرب الاستراتيجية شمال اليمن.
وقال مصدر عسكري في القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً، إنه "في الساعات الـ 48 الماضية قتل 68 من المتمردين الحوثيين و32 من القوات الحكومية في مواجهات وغارات جوية في جبهات مأرب".
وبحسب المصادر العسكرية فإن المتمردين الحوثيين يقومون باستقدام تعزيزات عسكرية تتدفق يومياً لدعمهم في جبهات مأرب.
غارات التحالف
وعلى الرغم من أن الحوثيين لا يعلنون الخسائر في صفوفهم، إلا أن قناة المسيرة الناطقة باسم الميليشيات قد تحدثت عن شن 59 غارة جوية في مناطق مختلفة في محافظة مأرب خلال اليومين الماضيين.
وصعّد الحوثيون منذ فبراير (شباط) عملياتهم العسكرية للسيطرة على المحافظة الاستراتيجية، وأوقعت المعارك مئات القتلى من الجانبين.
ومن شأن السيطرة على هذه المنطقة الغنية بالنفط أن تعزز الموقف التفاوضي للحوثيين في محادثات السلام.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف بينهم العديد من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.
وما زال نحو 3.3 ملايين شخص نازحين بينما يحتاج 24.1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة وفق الأمم المتحدة التي أكدت مراراً أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حالياً.
لماذا مأرب؟
ويستميت الحوثيون لانتزاع مأرب من الحكومة الشرعية، وقدموا في هذه المعركة التي بدأت منذ مطلع العام الحالي عدداً كبيراً من القتلى، لأهميتها الاستراتيجية للطرفين، حيث تعد مأرب آخر معقل للحكومة اليمنية في شمال اليمن، ومن شأن سيطرتهم عليها أن تسهل امتدادهم إلى محافظات أخرى.
ويقول الباحث أحمد ناجي، من مركز "مالكوم كير كارنيغي" الشرق الأوسط، إن مأرب "مركز الثقل العسكري" للحكومة في الشمال، وهي تحمل "رمزية محورية في مسار الصراع في اليمن، فهي المنطقة التي لم يتمكن أنصار الحوثيون من السيطرة عليها على الرغم من محاولاتهم الحثيثة منذ ست سنوات، حتى قبل تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية".
وأكد محافظ مأرب سلطان العرادة في لقاء مع صحافيين في الثامن من مارس (آذار) الماضي أن "التحالف يقف إلى جانب الجيش الوطني في الطيران والدعم اللوجستي"، مشدداً على أنه "لولا وجود الطيران لربما كان الأمر مختلفاً".
ويضاف إلى ذلك قربها من العاصمة اليمنية صنعاء، التي تخضع لسيطرة الميليشيات، حيث تبعد مأرب نحو 120 كيلومتراً شرق العاصمة، وتتصل بها عبر طريق سريع، كما أنها تقع على طريق سريع آخر يؤدي إلى جنوب السعودية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر موقع المدينة الصغيرة مهماً ليس فقط لقربها من صنعاء، بل لأنها تعتبر منطلقاً نحو مناطق الجنوب والشمال على حد سواء، بفضل مفترق الطرق الرئيس الذي تتوزع منازلها على جوانبه.
وكان عدد سكان مأرب بين 20 و30 ألف شخص قبل اندلاع النزاع عام 2014، لكنه ارتفع إلى مئات الآلاف بعدما لجأ إليها نازحون من مناطق عدة في اليمن.
وتشير الحكومة إلى وجود نحو 139 مخيماً في مدينة مأرب والمحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وقد استقبلت نحو 2.2 مليون نازح.
القيمة الاقتصادية
وتعد المحافظة غنية بالنفط إضافة إلى الغاز المسال، ما يضيف بعداً اقتصادياً مهماً للصراع.
وتوجد في مأرب مصفاة "صافر"، وهي واحدة من أصل اثنتين في اليمن، وأنشئت المصفاة عام 1986 بطاقة إنتاجية قدرها 10 آلاف برميل يومياً في حينه، بحسب موقع وزارة النفط والمعادن اليمنية.
وفي تقرير صادر أواخر العام 2019، قالت الوزارة إن انتاجها يصل إلى 20 ألف برميل يومياً.
وتقوم مأرب بتزويد كل محافظات اليمن بالغاز، حتى تلك الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.
ويؤكد ناجي وجود "بعد اقتصادي للمعركة"، قائلاً "يهاجم الحوثيون بقوة سعياً إلى السيطرة على موارد مأرب المتمثلة بحقول النفط خصوصاً على منشأة صافر النفطية التي تمد مناطق كثيرة في اليمن بحاجتها من الوقود".
ويتابع، "السيطرة عليها تعني الحصول على مورد اقتصادي إضافي".
ويرى خبراء أن معركة مأرب ستحدد مستقبل البلد الفقير، وهو ما أكده رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك في جولة أجراها أمس، قائلاً إن "هذه المعركة ليست معركة شبوة ومأرب فقط، بل هي معركة كل اليمنيين، ومصير هذه المعركة سيحدد مستقبل اليمن لعشرات السنين".