بعد أيام من سقوط عدد من مديريات المحافظة النفطية بيد ميليشيات الحوثي، وصل رئيس الوزراء اليمني، معين عبدالملك، إلى مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة (شرق البلاد)، للاطلاع ميدانياً على الأوضاع العسكرية والأمنية في مسعى حثيث للشرعية لتدارك الفجوة العسكرية ومنع مزيد من الانهيارات في جبهات القتال غرباً.
وأشارت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، إلى أن "الزيارة تأتي بهدف تفقد أحوال المواطنين والوضع القتالي بعدد من الجبهات".
وتأتي زيارة رئيس الوزراء المفاجئة لشبوة، بالتزامن مع ما تشهده مديريات بيحان وعين وعسيلان، شمال غربي المحافظة، من معارك عنيفة بين الجيش اليمني وميليشيات الحوثي، عقب نجاح الأخيرة في إحكام قبضتها على المديريات الغنية بالنفط والغاز الخميس الماضي.
الحوثي يكمن في الشقوق
فور وصوله، عقد رئيس الحكومة اجتماعاً مع السلطة المحلية بحضور المحافظ، محمد صالح بن عديو، والقيادات العسكرية والأمنية وقيادات السلطة المحلية والتنفيذية وعدد من المشايخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية "لبحث ترتيبات معركة دحر ميليشيات الحوثي من شبوة".
وفي الاجتماع قال عبدالملك بلهجة تحذيرية، "يتمدد الحوثي في مساحة الشقاق داخل القوى المقاومة لهم، وينتشر داخل مساحات الأوهام التي تغري البعض بخوض معارك صغيرة وجانبية"، في إشارة للخلافات القائمة داخل صف الشرعية اليمنية بين الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي الذي يتزعمه عيدروس الزبيدي بدعم من الإمارات.
أضاف، "يجب أن يعي الجميع أن هناك قضايا لا يجوز أن تكون مساحة للابتزاز أو المماحكات السياسية، فالميليشيات العنصرية والمشروع الإيراني هي العدو، ولا خيار أمامنا إلا النصر، وأي امتداد لهذا المشروع ستكون كارثة للأجيال القادمة، وسنقاتل للحفاظ على هوية وعروبة بلادنا، ولن نستسلم مهما كانت التضحيات".
توحيد الصفوف
وإزاء حالة التوهان والتباين الحاد الذي يعصف بـ"الشرعية اليمنية"، شدد رئيس الحكومة على "أهمية توحيد الصفوف، لأن مصير هذه المعركة سيحدد مستقبل اليمن لعشرات السنين، فإما حرية ومساواة، وإما نظام عبودية، وهو ما لن يقبل به اليمنيون". ولفت إلى أن "الغاية هي استعادة صنعاء وكل شبر في أرض الوطن لا يزال تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، ولا مجال أمامنا إلا الانتصار فقط في هذه المعركة المصيرية".
وفي ظل ما تردد عن انسحابات للجيش اليمني، وبروز الرفض الشعبي المقاوم للتمدد الحوثي، أشاد رئيس الحكومة اليمنية "بدور القبائل والمقاومة الشعبية والشعب اليمني وتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية في معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي العنصري والدموي".
صرخة للتحالف
وجددت الحكومة اليمنية على لسان رئيس وزرائها طلبها للتحالف العربي بقيادة السعودية المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال، "لإخوتنا في قيادة تحالف دعم الشرعية نعرف عظمة التضحيات التي قدمتموها، ونقدر وفاءكم وصبركم وكرمكم، ونقول لكم نحن إخوتكم اليمنيون بأمسّ الحاجة لمزيد من الدعم والإسناد في الجانب العسكري والاقتصادي، فأنتم كنتم وستظلون السند الأصيل للشعب اليمني، وتعيدون للناس الأمل كما حدث عقب انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015".
وكان رئيس الحكومة وعدد من الوزراء قد غادروا العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، أواخر مارس (آذار) الماضي، بعد أيام من اقتحام قصر المعاشيق الرئاسي من قبل عناصر موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتبنى خيار فصل جنوب اليمن عن شماله، حيث تقيم الحكومة المشكلة التي يشارك فيها وفقاً لـ"اتفاق الرياض".
تعزيزات عسكرية
يأتي ذلك في أعقاب وصول تعزيزات عسكرية كبيرة لإسناد الجيش، الذي يخوض معارك استعادة المناطق التي تسللت إليها الميليشيات في مديريتي بيحان وعسيلان، غرب شبوة، ونجاح قوات الجيش في دحر الحوثيين من عدة مواقع في مناطق الصفراء والسويداء والسليم والعلم، فيما لا تزال المعارك مستمرة وسط تقدم الجيش وفرار جماعي لعناصر الميليشيات باتجاه محافظة البيضاء.
شبوة ومأرب بضربة واحدة
وكانت ميليشيات الحوثي قد تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية من سيطرتها على أربع مديريات في كل من شبوة ومأرب بعد أن أحكمت سيطرتها على محافظة البيضاء التي أضحت مركز انطلاق للعمليات الحوثية الجديدة شرقاً، عقب مواجهات محدودة مع القوات الحكومية التي انسحبت من المعركة تاركة وراءها نحو 80 كيلومتراً مربعاً من مساحة المديريات الأربع للحوثي، التي عاد لها مجدداً بعد ثلاث سنوات من دحره منها.
التقدم الحوثي الذي كان مفاجئاً، سعى إلى ضرب عصفوري مأرب وشبوة بحجر هجوم مباغت واحد في محاولة للسيطرة على الحقول النفطية في مديرية عسيلان بشبوة، وحقول صافر بمأرب، وخنق الأخيرة من جهاتها الشرقية والجنوبية، وقطع الطريق الرابط بين المحافظتين المتجاورتين والمحافظات الجنوبية، إضافة إلى الطريق القادم من السعودية قائدة التحالف الداعم للشرعية.
من منظور استراتيجي
مراقبون يرون أن الدوافع الرئيسة لإعادة سيطرة الحوثي على محافظة شبوة، لأجل السيطرة على حقول النفط كمورد اقتصادي ضخم، واستخدامها نقطة انطلاق لوجستي نحو المحافظات الجنوبية، باعتبار شبوة منطقة تتوسط المحافظات الجنوبية، بالتالي سيتخذها الحوثي مقراً لإعداد وتجهيز قواته بكل الأسلحة والإمكانات المادية والبشرية للسيطرة على محافظات أبين وعدن جنوباً، وحضرموت والمهرة شرقاً.
كما تعد واحدة من ضمن ثلاث محافظات يمنية منتجة للنفط، إذ تضم حقول وادي "جنة" في مديرية عسيلان، وتنتج عشرات الآلاف من براميل النفط يومياً، إضافة إلى حقول العقلة وعياذ، شرق مدينة عتق مركز محافظة شبوة، كما يوجد بالمحافظة مشروع ميناء بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل البحر العربي جنوباً.
وتتمتع شبوة بحدود واسعة مع عدد من المحافظات اليمنية، وتشرف على ساحل بحري يمتد لأكثر من 250 كلم، ناهيك بمساحتها الجغرافية الكبيرة، إذ تعد ثالث أكبر محافظات الجمهورية اليمنية في المساحة.