الأول من أكتوبر (تشرين الأول) حددته وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، موعداً رسمياً لانطلاق عملية إعادة إعمار غزة، عقب الدمار الذي حل بها أثناء العملية العسكرية الأخيرة التي دارت بين الفصائل الفلسطينية وجيش إسرائيل.
ويقول وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ناجي سرحان إن غزة بحاجة إلى 1.1 مليار دولار أميركي، لإعادة بناء ما دمرته إسرائيل في العملية العسكرية الأخيرة، والحروب الثلاثة السابقة، موزعة على قطاع الإسكان والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي قتال مايو (أيار) الماضي دمرت الضربات الجوية الإسرائيلية نحو 2200 منزلاً بشكل كلي، وألحقت أضراراً في 880 وحدة سكنية بشكل بليغ غير صالح للعيش، فيما تضرر نحو 37 ألف وحدة أخرى بشكل جزئي وطفيف. وبحسب سرحان فإن قطاع الإسكان بحاجة إلى 350 مليون دولار لإتمام إعادة إعماره.
إصلاح 1800 وحدة سكنية
ويضاف إلى هذه الأضرار تدمير 2134 منشأة اقتصادية وتجارية وخدماتية وسياحية، وبكلفة إعادة إعمار تفوق 322 مليون دولار، فيما ألحقت الهجمة العسكرية أضراراً بالبنية التحتية بقيمة تزيد على 50 مليون دولار أخرى.
ولإعادة تأهيل غزة تبنت عملية الإعمار مصر (تبرعت بـ 500 مليون دولار) وعدد من الدول العربية، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية (للمرة الأولى وتعمل عبر مؤسسات الأمم المتحدة)، ويقول المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي إن إعمال التشييد والبناء في قطاع غزة ستبدأ خلال الأيام المقبلة ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السياسي.
وجاء هذا التصريح عقب لقاء الأخير مع مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان في القاهرة للتباحث في قضايا عدة منها إعادة إعمار غزة.
ويؤكد سرحان ذلك بأن العملية ستبدأ في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) على أن تكون المرحلة الأولى مخصصة لإعادة بناء المباني وتأهيل وإصلاح جميع المساكن المتضررة وتليها القطاعات الأخرى.
وبحسب سرحان فإن وزارة الأشغال العامة والإسكان أعدت قوائم للمستفيدين من المرحلة الأولى، وسيجري توزيع مبالغ نقدية عليهم في شكل دفعات مالية، والمستفيدون سيتولون بأنفسهم عملية إعمار وإصلاح الأضرار التي لحقت بهم.
وفي عمليات إعمار غزة نتيجة الحروب السابقة، كانت الأمم المتحدة إلى جانب السلطة الفلسطينية وإسرائيل المشرفين على عملية الإعمار، إذ حددوا اتفاقاً مؤقتاً يعرف بـ "آلية إعادة إعمار غزة"، وهو اتفاق مؤقت لمعالجة مخاوف تل أبيب الأمنية، لتسمح بإدخال مواد البناء إلى غزة، لكن هذه المرة تغيرت القاعدة على أن ينفذ هذه العملية أصحاب الأضرار بأنفسهم ومن دون رقابة الأمم المتحدة، وفق الآلية السابقة.
وتشمل المرحلة الأولى إصلاح 1800 منزل تضرر جزئياً، ويشير سرحان إلى أن إسرائيل رفعت بعض القيود على دخول حديد التسليح والأسمنت إلى القطاع خلال الأيام الماضية. وبدأت مصر الأسبوع الماضي في إصلاح الطريق الساحلي الرئيس في غزة.
وبحسب سرحان ستبدأ القاهرة تنفيذ المرحلة الأولى التي تشمل أيضاً إجراء ترتيبات خاصة لدخول معدات البناء إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، فيما يشير إلى أن الكويت تعهدت ببناء الأبراج التي تعرضت للقصف.
وفي ما يتعلق بقطاعات الصناعة والتنمية، يوضح سرحان أنه دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي سيسهمون في إصلاح وتأهيل وتطوير هذه المجالات، فيما ما زالت الاتصالات مستمرة ليجري التقاعد معهم بشكل رسمي.
من الأجدر السلطة أم حماس؟
عقب العملية العسكرية الأخيرة قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنهم سيشاركون مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لإعادة بناء غزة بطريقة لا تستفيد منها حركة حماس بأي شيء، وأن هذه العملية ستجري بإشراف وتنفيذ مع الجهات المحلية المعترف بها دولياً، أي السلطة الفلسطينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى إثر ذلك دار خلاف بين السلطة الفلسطينية وحماس التي اتهمت الأولى أنها تتقاعس عن عملية إعادة الإعمار، وأنها غير مؤهلة لذلك، إذ لم تنجح في إعادة تأهيل غزة عقب قتال صيف 2014، وما زال هناك كثير من المباني والمصانع والمحال التجارية لم يتم تشييدها أو تصليحها.
وبحسب رغبة حماس فإنها الأجدر للإشراف على إعادة تشييد غزة، لكن الحكومة الفلسطينية ترى أنها ذات الشرعية وجميع دول العالم تتعاون معها، وأن هذه العملية مهمتها كون القطاع جزء من الأراضي الفلسطينية.
وبعد خمسة أشهر من انتهاء الصراع بات من الواضح أنه تم استثناء الأمم المتحدة، واقتصر إعمار غزة على السلطة الفلسطينية وحماس والمانحين العرب، لكن الظاهر أن دور حكومة رام الله اختفى، إذ يعمل وكلاء الوزارات المشرفة عليها حماس فعلياً على الأرض، ويباشرون التنفيذ.
الحكومة على خط الإعمار
لكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك، إذ يشرف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ووزير الأشغال العامة والإسكان محمد زيادة على الإعمار، والتنسيق مع المانحين الدوليين والعرب.
ويؤكد اشتية ذلك بالقول إن عملية بناء غزة ستتم عبر العنوان الفلسطيني الرسمي والممثل عنه حكومته، وذلك بناء على اتفاق جرى مع جميع الدول المعنية، وفي ضوء ذلك عمل على تشكيل فريق لمتابعة عملية الإعمار في القطاع.
ولحشد تمويل لغزة التقى اشتية مع المبعوث الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط سفين كوبمانز، وكذلك مع المبعوث الأميركي هادي عمرو، وبناء على ذلك شكل فريق يضم أشخاصاً من حكومة غزة (تسيطر عليها حماس) لتولي مهمة إعداد ملفات الإعمار.
وتطبيقاً لذلك وصل أكثر من مرة عدد من الوزراء إلى غزة، وأشرفوا على عملية حصر الأضرار التي أصابت البنية التحتية والمباني السكنية والأبراج وقطاعات الصحة والكهرباء والمرافق الاقتصادية والزراعية ومؤسسات الحكم المحلي.
غير أن أمن حماس عرقل ذلك، إذ اعترض في وقت سابق طريق وزير الأشغال العامة والإسكان محمد زيادة واحتجزه ثلاث ساعات، وأبلغوه أنه غير مصرح له بالعمل في غزة، ويقول إن ما جرى معه رسالة واضحة بأن حماس لا تريدهم شركاء في تعمير القطاع بعد العدوان الإسرائيلي، لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية بغزة إياد البزم نفى ذلك، وقال إنهم استقبلوه وقدموا له واجب الضيافة، ولم يتم احتجازه. على أي حال ما زالت السلطة الفلسطينية تواصل عملها مع الجهات الحكومية في غزة في عملية إعادة الإعمار، إذ تشرف اللجنة العليا لإعمار فلسطين على ملف بناء القطاع، ويؤكد ذلك رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف بأنهم أعدوا مع اللجنة العليا لإعادة الإعمار في فلسطين وثيقة لبناء غزة، حددوا فيها مسار توجيه المنح والمساعدات.