الأسواق المالية هي المرآة التي تنعكس عليها التوترات المختلفة، جيوسياسية مثل الصراع النووي الإيراني والعقوبات الاقتصادية على إيران، أو حرب تجارية مثل التي تدور رحاها بين أميركا والصين، أو توترات سياسية مثل ملف فك الارتباط بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ''البريكست''، هذه القضايا الساخنة لا تزال تؤثر على حركة الأسواق المالية عالميا منذ بداية العام 2019، وارتفعت معها حالة في الأسواق تسمى حالة عدم اليقين، عندما ترتفع درجة المخاطر تتراجع الثقة في الاتجاه الصاعد، ويبحث المستثمرون عن ملاذات آمنة يحصنون بها محافظهم الاستثمارية، ويظهر هذا جليا في زيادة الطلب على الذهب، وارتفاعه إلى مستوى قريب من 1300 دولار لكل أونصة، وأيضا احتفاظ الين الياباني بمكاسبه مقابل العملات الأخرى، وأخيراً الدولار الأميركي الذي بات يلعب دور الملاذ الآمن، وتابعنا ارتفاعه، ويستقر مؤشر الدولار فوق مستوى 97. ارتفاع الدولار خلال الـ18 شهرا الماضية أيضا ضاعف الضغوط على عملات الاقتصادات الناشئة، وتابعنا الضغوط التي تعرضت لها الليرة التركية والبيزو الأرجنتينية. بالنسبة لأداء الأسهم العالمية، مثلا الأسهم الأميركية، مؤشر داو جونز بلغت خسارته الشهرية 3.4٪، وآخر إغلاق سعري للمؤشر هو 25764.00، في المقابل مؤشر الهانغ سينغ بلغت خسارته الشهرية - 6.73٪ وآخر إغلاق سعري كان 27.946.46، هذا الأداء الشهري للمؤشرين متأثر بالحرب التجارية التي تدور بين الاقتصاد الأول والثاني عالميا. وأيضا تستمر الضغوط على مؤشر شنغهاي للأسبوع الرابع على التوالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحرب التجارية ''هواوي في قلب العاصفة''
يوم الأربعاء السابق 14 مايو (أيار) أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمرا تنفيذيا يمنع الشركات الأميركية من استخدام تكنولوجيا المعلومات والأجهزة من جهات مصنفة ذات تهديد على الأمن القومي، ووضعت وزارة التجارة الأميركية شركة هواوي الصينية و70 شركة أخرى تابعة لها ضمن القائمة السوداء بحيث يتطلب شراء أي أجهزة منها موافقة الحكومة.
معلوم أهمية البيانات في هذا العصر، وهي بمثابة الثروة الجديدة، لذا المنافسة في هذا المضمار على أشدها، تنشط شركة هواوي الصينية في قطاع البنية التحتية لقطاع الاتصالات عالميا بشقيه (core ــ Access)، فمثلا على صعيد الـcore، الذي يعد قلب تكنولوجيا الاتصالات تنافس شركة هواوي الصينية شركة سيسكو الأميركية، وتنبع أهمية أجهزة الـcore المركزية في قطاع الاتصالات بأنها مراكز رئيسية لتخزين البيانات وتوزيعها وتحليلها، وأيضا تنافس شركة هواوي كلا من نوكيا وإريكسون في أجهزة الـAccess، وهو مجال واسع من الأجهزة الموصلة والمستقبلة للبيانات، هذه المعلومات تسهل علينا استيعاب الصراع والمنافسة حول البيانات بين الشركات الأميركية والصينية حول السيطرة والتحكم وتزويد البيانات عالميا. مع ترقب العالم لتقنية الجيل الخامس 5G الذي سيُحدث تطوراً هائلاً في عالم البيانات، سيرفع سرعة تدفق البيانات من 100 ميغابايت في الثانية للجيل الرابع إلى 10 غيغابايت في الثانية للجيل الخامس مع سرعة هائلة في الاستجابة والمعالجة البيانات Latency، هذا التطور الهائل سيرفع من مخاطر أمن المعلومات في الحصول على كم هائل من البيانات في فترة زمنية محدودة، لذا يمكن أن نقول إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تأخذ التكنولوجيا نصيبا كبيرا منها في ميدان الحرب، إضافة إلى اختلال الميزان التجاري بين البلدين والدعم المستمر الذي تقدمه الحكومة الصينية لشركات القطاع الخاص.
في العام 2012 كانت شركة هواوي تستحوذ على 25٪ من الحصة السوقية لمعدات البنية التحتية للموبايل، وكانت تحتل المرتبة الثانية خلف إريكسون، في 2017 ارتفعت حصتها السوقية إلى 28٪ وأصبحت الأولى. وفي آخر تطور لموضوع حظر شركة هواوي أعلنت شركة غوغل بالأمس أنها تمتثل لقرار الحكومة الأميركية، وهذا يعني أن التحديث الجديد لنظام التشغيل أندرويد (في وقت لاحق هذا العام) قد لا يتوفر للهواتف الذكية الخاصة بشركة هواوي، وكما هو معلوم أن هواوي تستخدم نظام التشغيل أندرويد في هواتفها، هذا التطور أضاف مزيدا من التوتر بشأن الحرب التجارية.
عامل آخر سيعقد من الحرب التجارية هو سعر صرف اليوان الصيني الذي تراجع الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 6 أشهر، كل دولار أميركي واحد يعادل 6.92 رينمبي، وتراجعت العملة الصينية بحوالي 2.7٪ مقابل الدولار الأميركي هذا الشهر، موضوع سعر الصرف حاضر كقضية في الحرب التجارية بين البلدين، حيث يتهم الرئيس ترمب الصين بتعمد إضعاف العملة لتأخذ صادراتها ميزات تنافسية. كما هو معلوم أن الإدارة الأميركية ضاعفت من الرسوم الجمركية على بضائع واردة من الصين يبلغ حجمها حوالي 200 مليار دولار من 10٪ إلى 25٪ وردت الصين بفرض رسوم جمركية على واردات أميركية تقدر قيمتها بـ60 مليار دولار، بينما تترقب الأسواق لقاء الرئيس الأميركي والصيني في نهاية يونيو (حزيران).
الجنيه الإسترليني يتراجع لأدنى مستوى خلال 4 أشهر
تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى له خلال أربعة أشهر إلى دون مستوى 1.28 مقابل العملة الأميركية، وخسر 2٪ خلال الأسبوع الماضي، وذلك لارتفاع حالة عدم اليقين بشأن البريكست، وارتفاع مخاوف الأسواق بشأن الخروج غير المنظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي يعني خروجا بلا اتفاق.
في العاشر من شهر أبريل (نيسان) اتفق الطرفان البريطاني والأوروبي على تأجيل الخروج حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وإعطاء فرص إضافية لأعضاء البرلمان البريطاني للتصويت على خطة الخروج.
وفي 3 يونيو (حزيران) سيكون هناك تصويت في البرلمان، وإذا تم تمرير خطة الخروج ستخرج بريطانيا قبل 31 أكتوبر، بينما وعدت رئيسة الوزراء بالتنحي، إذا تم قبول خطتها، ولكن ستستمر حتى ديسمبر (كانون الأول) وفقا لضوابط حزب المحافظين بعد كسبها معركة داخلية لسحب الثقة في وقت سابق من هذا العام، وعلى ضوء ضبابية مسار البريكست ارتفعت الضغوط على الجنيه الإسترليني أخيراً.
أسعار النفط تتلقى دعما من تصريحات أوبك
ارتفعت أسعار النفط أمس الاثنين بعد تأكيدات من أوبك بألا حاجة لزيادة الإنتاج، وخلال الاجتماع الرابع عشر للجنة الوزارية المشتركة لمنظمة أوبك والمنتجين خارجها الذي انعقد في مدينة جدة بالسعودية، صرح خالد الفالح، وزير النفط السعودي، بأن المخزونات ممتلئة، ولا أحد يرغب في ذلك.
وخلال المؤتمر الصحافي طمأن الفالح الأسواق بأن السعودية قادرة على ضخ 550 ألف برميل فورا، ولديها القدرة على ذلك في حال حدوث نقص في الإمداد، وجدد التزامه بما ستوافق عليه المنظمة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 عزمت المنظمة على اتخاذ قرارات من شأنها أن تعيد التوازن للأسعار، كان سعر النفط 45 دولارا للبرميل، وعندها أعلنت أوبك عن خفضها للإنتاج بحوالي 1.200 مليون برميل، وفي صيف 2017 تم تمديد الاتفاق لـ9 أشهر إضافية، وفي صيف 2018 ارتفعت أسعار النفط إلى 75دولارا للبرميل، وتعاود الهبوط مع نهاية نفس العام في مايو 2019، إذ بلغت الأسعار فوق مستوى 73 دولارا للبرميل.