من بين 300 تأشيرة مؤقتة عرضتها بريطانيا لاستقدام سائقي الصهاريج من أوروبا لحل أزمة توصيل الوقود إلى محطات البنزين في البلاد، لم يتقدم سوى 27 سائقاً فقط بطلب القدوم إلى بريطانيا، بحسب ما ذكرت صحيفة الـ"تايمز". وإن كان رئيس الوزراء بوريس جونسون قال في تصريحات صحافية، إنه عندما طلبت حكومته رقماً من رابطة سائقي النقل الثقيل، قالوا إن هناك حوالى 120 سائقاً يرغبون في الحصول على التأشيرة الموسمية المؤقتة.
وتسعى بريطانيا لاستقدام 4 آلاف و700 سائق من أوروبا لقيادة الشاحنات والصهاريج، وعدلت قوانين الهجرة والجنسية لمنح الراغبين في العمل في بريطانيا تأشيرةً لمدة ثلاثة أشهر. وتعاني بريطانيا من نقص في سائقي النقل الثقيل لتوصيل البضائع، مقدر في حدود 100 ألف سائق. وكان مكتب الإحصاء الوطني البريطاني ذكر أن أكثر من 14 ألف سائق شاحنة من دول الاتحاد الأوروبي غادروا بريطانيا خلال العام المنصرم.
وعلى الرغم من أن الحكومة استقدمت الجيش ليقود الجنود المؤهلون شاحنات الصهاريج التي تنقل الوقود من المصافي وحاويات التخزين إلى محطات البنزين عبر البلاد، فإن الأزمة لم تنفرج تماماً في بعض المناطق، خاصة في جنوب شرق إنجلترا.
مشكلة السائقين في أوروبا
ويقول المتابعون لقطاع النقل الثقيل، إن مشكلة نقص السائقين قد تنتقل بسرعة إلى دول الاتحاد الأوروبي ولا تقتصر على بريطانيا. وذكرت شبكة "سي أن بي سي" أن دول أوروبا تتحسب لاختناق سلاسل التوريد مع نقص السائقين، ليس فقط في قطاعات النقل بل في قطاعات أخرى مثل الزراعة والخدمات الصحية.
ونشرت مجلة "ليبراسيون" الفرنسية في عددها الأخير عنوانها الرئيس عن كيف أن أزمة نقص السائقين والعمالة في بريطانيا بعد "بريكست" سترتد على دول أوروبا أيضاً. ونشرت شركة الاستشارات "ترانسبورت إنتليجنس" أن أوروبا تواجه نقصاً في عدد سائقي النقل الثقيل قد يصل إلى 400 ألف سائق. وفي ظل التنافس بين طرفَي "بريكست" (بريطانيا وأوروبا) على الظفر بخدمات السائقين والعمالة الموسمية، ستزداد مشاكل سلاسل التوريد بما يؤثر على النشاط الاقتصادي إجمالاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنشر وسائل الإعلام الألمانية تحقيقات موسعة عن احتمالات أن يتردد صدى أزمة سائقي الشاحنات في بريطانيا عبر القنال الإنجليزي وفي القارة الأوروبية.
السائقون غير متفائلين
ومشكلة سائقي الشاحنات في بريطانيا وأوروبا وأماكن أخرى، أنهم غالباً ما يكونون في سن فوق المتوسطة لحاجة المهنة إلى تراكم الخبرة. وعلى الرغم من اضطرارهم للعمل لساعات طويلة في أغلب الأحيان فإن رواتبهم ليست جيدة. وهذا ما يجعل فترة عملهم قصيرة، ويرغب كثيرون منهم في التقاعد من المهنة ولا يدخل محلهم سائقون جدد. وهذا من أهم أسباب نقص أعدادهم.
ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية تقريراً يعكس حالة التشاؤم لدى سائقي الشاحنات في بريطانيا. وتنقل عن أحد السائقين أنه بعد 40 عاماً خلف المقود، لا يرى أي مغريات قد تدفع آخرين إلى امتهان وظيفته، مؤكداً أثناء توقفه بين لندن ونفق المانش إنها مهنة "لا تستحق العناء". وأوضح للوكالة "سألني ابني عن العمل كسائق وقلت له: لا، الأمر لا يستحق العناء"، وسرد ظروف عمل شاقة وحياة أسرية صعبة ومردود ضئيل لقاء الجهد.
وأمام النقص الحاد في عدد سائقي الشاحنات الثقيلة الذي تسبب في نقص إمدادات الوقود ومخاوف من فقدان سلع في متاجر السوبرماركت خلال فترة أعياد الميلاد، عرضت الحكومة البريطانية تقديم آلاف التأشيرات الموقتة لسائقي شاحنات أجانب. وفي قطاع يبلغ متوسط عمر السائقين فيه نحو 58 عاماً، لم يكن العرض الحكومي كافياً لجذب موظفين جدد على الرغم من الحاجة الماسة إليهم.
وقال ستيفن إيفانس، مسؤول شركة نقل مقرها ليفربول في شمال غربي إنجلترا، للوكالة الفرنسية، "كنت أدفع للسائقين نحو 1350 دولاراً (ألف جنيه إسترليني أو 1200 يورو) أسبوعياً عادةً، لكن مع العمل ساعات إضافية أصبحت 1900 دولار (1400 جنيه إسترليني أو 1650 يورو) أسبوعياً". وأضاف أن الأجور يمكن أن ترتفع أكثر.
أما السائق، فكان أقل تفاؤلاً إزاء آفاق المستقبل، وقال إنه كان في التسعينيات يكسب أكثر مقارنة بما يكسبه اليوم. وأضاف "ندفع الرسوم وفي كثير من محطات توقف الشاحنات، تصل إلى هنا وفي الصباح تجد الستارة ممزقة والبضاعة مسروقة والديزل مسروق. هذا يحصل في أوروبا لكنه هنا يطرح مشكلة".