في الوقت الذي تعتزم فيه الحكومة المصرية تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة مطلع عام 2022، تتواصل الضغوط، سواء من خلال الهبوط الذي تواجهه البورصة المصرية في تعاملاتها، أو على الصعيد الرسمي، إذ انتقلت الأزمة إلى أروقة مجلس النواب المصري عبر تقديم عدد من طلبات الإحاطة للمطالبة إما بتأجيل تطبيقها أو إلغائها.
ويرى متخصصون في أسواق المال أن العائد من فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية لا يوازي حجم الخسائر التي تتكبدها البورصة المصرية، سواء على صعيد تعاملات الأسهم والأوراق المالية المدرجة التي واجهت نزيفاً حاداً منذ إعلان وزارة المالية بدء تطبيقها مطلع عام 2022، أو على صعيد الاستثمارات الخارجية التي من المتوقع أن تتخوف من دخول السوق خلال الفترة المقبلة تحسباً لفرض مزيد من الضرائب.
ويقول المتخصص في أسواق المال، نادي عزام، إن هذه الضريبة وراء الخسائر العنيفة التي واجهت الأسهم المصرية خلال الفترة الماضية، متوقعاً أن تواصل السوق هذه التراجعات حال إصرار وزارة المالية على تطبيقها مطلع عام 2022. ويشير إلى أن السوق لا تتحمل أي ضغوط خارجية في الوقت الحالي، خصوصاً أن الحكومة تستعد لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية، بالتالي يجب ألا تفتح مثل هذه الملفات الشائكة في الوقت الحالي.
وخلال الأيام الماضية، قدم أمين سر لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، عبدالمنعم إمام، طلب إحاطة إلى رئيس المجلس في محاولة لإبعاد المشرعين عن إعادة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات في البورصة المصرية. وقال إن هذه الضريبة ستكون بمثابة ضريبة مزدوجة لأن مستثمري البورصة المصرية هم أيضاً مساهمون وأصحاب شركات يدفعون ضرائب على الشركات.
ومن المقرر أن يعرض طلب الإحاطة على جدول أعمال اللجنة خلال الأسبوع المقبل لتحديد موعد للمناقشات التي قد تؤدي إلى تشريع لإلغاء الضريبة.
التطبيق مطلع العام المقبل
وقبل أيام، أعلن وزير المالية المصري، محمد معيط، أنه من المقرر بدء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 10 في المئة على تعاملات البورصة المصرية اعتباراً من 1 يناير (كانون الثاني) 2022، لينهي بذلك الجدل بشأن إذا ما كان سيتم تنفيذ الضريبة المخطط لها أو تأجيلها أو إلغاؤها بحلول عام 2022.
وتعتزم الحكومة المصرية تطبيق الضريبة بنسبة 10 في المئة على صافي أرباح محفظة الأسهم بنهاية كل سنة ضريبية، وذلك بعد خصم رسوم السمسرة. ولن يدفع المستثمرون الأجانب شيئاً نظراً لأن القواعد الجديدة تلك لن تنطبق إلا على الشركات والأشخاص المقيمين في مصر. وقالت مصلحة الضرائب، إن المستثمرين ممن لديهم محافظ بقيمة تتجاوز 5 ملايين جنيه (0.319 مليون دولار) قد يتعين عليهم فتح ملف ضريبي لسداد الضرائب.
أما في ما يخص المستثمرين الأفراد الصغار، الذين يمثلون نحو 80 في المئة من إجمالي المتداولين بالبورصة، فلن يتعين عليهم القيام بذلك، حيث سيجري خصم الضريبة من خلال شركة مصر للمقاصة والإيداع والحفظ المركزي. ووفق دليل قواعد المعالجة الضريبية للأرباح الرأسمالية، فإنه يتم تحديد الأرباح الرأسمالية الخاضعة للضريبة على أساس قيمة صافي الأرباح الرأسمالية لمحفظة الأوراق المالية المحققة في نهاية السنة الضريبية.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت عن هذه الضريبة في عام 2015، وتم تأجيلها للمرة الأولى حتى عام 2017 وسط مخاوف من ابتعاد المستثمرين عن البورصة المصرية، قبل أن يتم استبدالها بضريبة الدمغة بنسبة 0.125 في المئة وتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة ثلاث سنوات.
وأجريت مفاوضات بين وزارة المالية والبورصة في عام 2019 بشأن إعداد تعديلات على ضريبة الأرباح الرأسمالية لبدء تطبيقها في عام 2020، إلا أنه ومع بدء جائحة "كوفيد-19" قررت الحكومة تأجيل الضريبة لمدة عامين على أن يعاد تطبيقها اعتباراً من 1 يناير 2022، وذلك كجزء من حزمة من الإجراءات لدعم الاستثمار في الأسهم المصرية.
نواب يطالبون بتأجيل تطبيقها لمدة عام
في الوقت نفسه، أعلن عدد كبير من أعضاء مجلس النواب المصري، أنهم يعملون على مشروع قانون يهدف إلى تأجيل الضريبة عاماً إضافياً. وأضافت المجموعة التي تزعمها رجل الأعمال ووكيل لجنة الصناعة في البرلمان محمد السلاب، أن ضريبة الـ10 في المئة المقترحة على تعاملات البورصة يمكن أن تشكل ضربة قاتلة لحركة التداولات، لا سيما أن السوق لا تزال في طور التعافي من تداعيات الجائحة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى المنوال نفسه، تراجعت صناعة التمويل عن المقترح، معللة ذلك بأن التطبيق يأتي في "وقت غير مناسب". وقلل وزير قطاع الأعمال العام في الحكومة المصرية، هشام توفيق، في تصريحات قبل أيام، من التأثير السلبي المحتمل للضريبة على برنامج الطروحات الحكومية، قائلاً إن البرنامج لن يتأثر بتطبيق هذه الضريبة.
فيما اقترح أعضاء مجلس النواب بدائل لضريبة الأرباح الرأسمالية، إذ قدم أحد النواب اقتراحاً بفرض الحكومة رسوم تطوير على معاملات السوق بدلاً من ذلك، بينما يريد آخر استبدالها بضريبة دمغة. ولم يوضح مجلس النواب بعد كيف ستكون الضرائب البديلة أكثر قبولاً للمستثمرين المحليين مما يضغط معيط لتطبيقه، بينما لم يتفوق أداء البورصة المصرية إلا بصعوبة منذ أعلنت وزارة المالية عن إعادة فرض هذه الضريبة في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد انخفض المؤشر العام "إيجي إكس 30" بنسبة 2.9 في المئة منذ بداية العام، وحتى تاريخه. ومن المحتمل أن يكون مستثمرو التجزئة والمؤسسات المحلية على حد سواء، قد شرعوا في تسييل جزء من محافظهم لتوفير سيولة للاكتتاب في الطرح العام لشركة "إي فاينانس"، وهو أمر متوقع.
تحركات مكثفة داخل مجلس النواب
وأعلن أمين سر لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، عبدالمنعم إمام، في بيان، أنه تقدم بطلب إحاطة إلى رئيس المجلس بشأن تطبيق قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية مع بداية انعقاد جلسات البرلمان الأسبوع الماضي، وسيحال الطلب إلى لجنة الخطة والموازنة خلال الأسبوع الحالي، لتحديد موعد لمناقشته.
وأشار إلى اقتراحات تشريعية وتعديلات عدة سيتقدم بها في وقت لاحق قبل حلول موعد تطبيق القانون، مشدداً على ضرورة إلغاء الضريبة بنص تشريعي يلغي النص الذي أضيف على قانون الضرائب في عام 2014.
وأوضح إمام أن هناك ضرورة لإلغاء الضريبة، لكونها مقيدة لحركة الاستثمار في سوق الأوراق المالية، وكذلك من شأنها تقويض فرص طرح شركات جديدة في سوق الأوراق المالية، لافتاً إلى تناقض النص التشريعي مع الهدف المتعلق بمكافحة الازدواج الضريبي، إذ إن الضرائب تخصم فعلياً من أرباح الشركات قبل إجراء أي توزيعات، ما يعني تحمل المستثمر الضريبة باعتباره مساهماً في الشركة، وكذلك تفرض على توزيعات أرباحها، إلى جانب أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تفرض من دون خصم أي تكاليف أو مصروفات.
في الوقت نفسه، بدأت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب المصري مناقشة حجم الحصيلة المتوقعة من تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة المصرية، بالمقارنة مع التأثير المتوقع على أداء السوق ومعدلات تدفق الاستثمارات. وكشفت مصادر مطلعة عن أن خيارات التأجيل والإلغاء مطروحة ضمن البدائل المتاحة لمنع أي تأثير سلبي على السوق، خصوصاً مع انطلاقة برنامج الطروحات الحكومية وتعويل الحكومة على هذا البرنامج لإنعاش أداء الأسهم المدرجة، التي واجهت موجة حادة من الخسائر منذ الإعلان عن بدء فرض هذه الضريبة مطلع العام المقبل.