توقف أكبر ميناء لاستقبال ناقلات الحاويات في بريطانيا عن تلقي شحنات بضائع هدايا أعياد الميلاد المستوردة ومواد تستخدم في صناعات مختلفة. وأعلنت شركة "مايرسك"، أكبر شركات نقل الحاويات بحراً في العالم عن تحويل سفن كانت متجهة إلى ميناء "فليكستو" البريطاني إلى موانئ في دول شمال أوروبا، "لأن الميناء ممتلئ عن آخره"، كما ذكرت صحيفة "التايمز". ويستقبل ميناء "فليكستو"، على سواحل مقاطعة "سافولك"، 36 في المئة من ناقلات الحاويات القادمة إلى بريطانيا. وقال الاتحاد البريطاني للشحن الدولي، إن الوقت الذي تبقى فيه الحاويات في الميناء قبل نقلها منه إلى وجهتها تضاعف ليصل إلى 10 أيام. وتضافرت عدة عوامل أدت إلى تكدس الموانئ وعدم قدرتها على استقبال سفن البضائع، أولها عدم توفر سائقي الشاحنات الذين ينقلون الحاويات من الموانئ إلى وجهتها النهائية. ثانياً، زيادة تعقيدات الإجراءات بسبب وباء كورونا، بالإضافة إلى زيادة الطلب على البضائع، بالتالي زيادة الاستيراد عبر الشحن البحري.
أزمات متتالية
تضاف هذه الأزمة الجديدة إلى أزمات متتالية يعاني البريطانيون تبعاتها حتى الآن، ويتوقع أن يستمروا في معاناتها حتى أعياد الميلاد (الكريسماس) ورأس السنة. وكان النقص الشديد في سائقي الشاحنات والصهاريج قد أدى إلى أزمة وقود، حيث لا يتوفر السائقون لنقل الوقود إلى محطات البنزين. واضطرت الحكومة البريطانية إلى الاستعانة بسائقين من الجيش البريطاني لقايدة صهاريج الوقود إلى محطات البنزين لتخفيف الأزمة، لكن المشكلة لم تنتهِ بعد.
وتعاني بريطانيا نقصاً يصل إلى 100 ألف سائق من سائقي الشاحنات والنقل الثقيل. وبحسب مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، رحل عن بريطانيا نحو 14 ألف سائق من دول أوروبا في العام الأخير مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية بقيادة رئيس الوزراء بوريس جونسون عدّلت قوانين الهجرة والجنسية لتصدر تأشيرات مؤقتة للأوروبيين من سائقين وعمال، فإنه لم يتقدم للحصول عليها سوى عدد قليل جداً لا يتجاوز أصابع اليدين إلا قليلاً.
ومع قرب موسم الأعياد، الذي يشهد إقبال البريطانيين على شراء الطعام والهدايا، تواجه الأسر البريطانية احتمالات النقص في تلك السلع أو ارتفاع أسعارها بشدة. على سبيل المثال، تقول رابطة أصحاب مزارع الديك الرومي (الطبق الرئيس في الكريسماس)، إنها شهدت زيادة في الطلبيات بنسبة 400 في المئة، هذا في الوقت الذي تعانيه تلك المزارع من نقص العمالة الموسمية التي كانت في الأغلب من الأوروبيين.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة عن استعدادها لإصدار 4700 تأشيرة للعمال الموسميين من أوروبا بعقود مؤقتة لمدة 3 أشهر، فإن الإقبال على ذلك العرض لا يذكر حتى الآن. ويضاعف من تلك الأزمات الأزمة الشديدة المتمثلة في ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء في بريطانيا. وعلى الرغم من أن تلك الأسعار ترتفع في أوروبا نتيجة ارتفاع الغاز الطبيعي عالمياً، فإن بريطانيا مشكلتها معقدة أكثر. فهناك نقص في احتياطي شبكة الكهرباء الوطنية، وخط الكابل البحري الذي يربط الشبكة البريطانية بالشبكة الفرنسية لاستيراد الكهرباء من القارة الأوروبية تعطل بسبب حريق هائل فيه في يوليو (تموز) الماضي. وعلى الرغم من إصلاحه جزئياً، فإن نصف طاقته ستظل معطلة ربما حتى شهر مارس (آذار) من العام المقبل.
تضخم وضغط
تتزامن مع تلك الأزمات، من ارتفاع أسعار الطاقة إلى أزمة محطات البنزين ونقص السائقين والعمالة الموسمية، إجراءات فرضتها وزارة الخزانة، وتتمثل في زيادة أقساط تأمينات الضمان الاجتماعي التي تخصم من العاملين وأصحاب الأعمال على السواء، لكن تلك الضريبة لن تكفي لسد العجز في الإنفاق على الصحة والرعاية الاجتماعية، كما أعلنت الحكومة. وهناك توقعات بزيادة كبيرة في ضريبة الحي التي تدفعها الأسر البريطانية للسلطات المحلية في كل منطقة. وتعد ضريبة الحي من أعلى الفواتير الأساسية في الإنفاق الشهري الضروري للأسر البريطانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء للبيوت بالفعل بنسبة 12 في المئة منذ مطلع الشهر الحالي، يتوقع أغلب المحللين أن ترتفع أكثر في الأشهر المقبلة. وهناك شبه إجماع على أن فواتير الطاقة للأسر البريطانية سترتفع بنسبة 30 في المئة على الأقل.
وتواجه الأسر البريطانية موجة ارتفاع في الأسعار وزيادة في المدفوعات المستقطعة منها وفواتير استهلاك الضروريات. في الوقت نفسه قد تواجه نقصاً في سلع وبضائع لم تعد كمالية، بخاصة في مواسم عطلات الأعياد، ما سيجعل الكريسماس هذا العام كئيباً على البريطانيين.
ونتيجة ارتفاع التضخم بمعدلات أعلى من المتوقع، كما قال بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، الأسبوع الماضي، يتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة في بريطانيا قبل نظيراتها من الدول المتقدمة في أوروبا وأميركا الشمالية. ويقدر كثيرون أن يبدأ البنك في رفع الفائدة ربما من شهر فبراير (شباط) المقبل.
ومن شأن ذلك أن يضغط نزولاً على أسعار العقارات في بريطانيا. وبما أن أكثر من 70 في المئة من البريطانيين يملكون البيوت التي يسكنونها، فإن هبوط أسعار العقار سيعني تآكل ثروة الأسر البريطانية أكثر فأكثر.