تسارعت وتيرة التحرك السياسي في ألمانيا، حيث أعلن الاشتراكيون الديمقراطيون الذين تصدروا نتائج الانتخابات، والخضر والليبراليون الجمعة 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، عن اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة سيترأسها مبدئياً أولاف شولتز.
وبدأت الأحزاب الثلاثة الفائزة في انتخابات 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، التي طوت صفحة المستشارة أنغيلا ميركل، رسم السياسة التي تعتزم انتهاجها، فهي لا تعتزم رفع الضرائب مع احترام قواعد المديونية وتسريع تخلي ألمانيا عن الكربون.
اختلاف في البرامج
وبحسب الوثيقة التي قُدمت الجمعة، فإن الأحزاب الثلاثة التي لديها برامج مختلفة جداً، ستعمق محادثاتها وستفتح مفاوضات رسمية تتطرق نقطة بعد نقطة إلى كل تفاصيل التحالف المستقبلي.
كما أن قرار إضفاء طابع رسمي على المفاوضات معلق على مشاورات كوادر الأحزاب المعنية مع عقد مؤتمر مصغر للخضر في نهاية الأسبوع، لكن النتيجة لا تخضع لأي شك. إذا أدت هذه المشاورات إلى نتيجة، فإن تحالفاً بين هذه الأحزاب الثلاثة سيقود ألمانيا حتى نهاية السنة.
والتحالف المحافظ بقيادة ميركل قد ينضم إلى المعارضة بعد 16 سنة في السلطة، وقد يشهد أشهراً صعبة بين تصفية حسابات وتحديد نهج سياسي جديد.
الاتفاق على نص
وأعلن الاشتراكي الديمقراطي شولتز، المرشح الأبرز لخلافة أنغيلا ميركل في المستشارية، "اتفقنا على نص. هذه نتيجة جيدة جداً وتظهر بوضوح بأنه يمكن تشكيل حكومة في ألمانيا تهدف إلى ضمان تحقيق تقدم".
وقالت أنالينا بيربوك التي تشارك في رئاسة حزب الخضر "نجحنا في إجراء مناقشات مكثفة حتى الساعات الأولى من أجل طرح اقتراح على الطاولة لتحالف الإصلاح والتقدم حتى نتمكن حقاً من الاستفادة من العقد المقبل ليكون عقد التجديد".
من جهته، قال رئيس الحزب الليبرالي كريستيان ليندنر الذي يُرجَح أن يكون وزير المالية الجديد في الحكومة المقبلة، "بعد هذه المحادثات، اقتنعنا بأنه لم تكن هناك فرصة مماثلة لفترة طويلة، لتحديث المجتمع والاقتصاد والدولة".
تعهد بعدم زيادة الضرائب
الأحزاب الثلاثة التي ستشكل تحالفاً غير مسبوق على رأس ألمانيا، أعدت وثيقة من 12 صفحة تعرض فيها نقاط الاتفاق والإصلاحات التي تعتزم القيام بها في السنوات الأربع المقبلة.
وينص مشروع الحكومة الجديدة خصوصاً على الحفاظ على حدود الدَين التي يتمسك بها الليبراليون بشكل خاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانب آخر، وعد هذا التحالف بعدم زيادة الضرائب، وهو "خط أحمر" آخر رسمه الليبراليون الذين حلوا في المرتبة الرابعة، لكنهم في موقع "صانعي الملوك" خلال المحادثات الجارية لتشكيل الحكومة.
وأخيراً يؤكد نص الاتفاق على أن يسعى التحالف إلى "تسريع" تخلي ألمانيا عن الفحم والتقدم صوب تحقيق ذلك في عام 2030 بدلاً من عام 2038.
وأكد التحالف في الوثيقة المشتركة أنه "لتحقيق أهداف حماية المناخ، من الضروري تسريع التخلي عن الفحم لإنتاج الكهرباء".
هذا التحالف يرغب به حوالى ثلثي الألمان (62 في المئة) بحسب استطلاع للرأي نُشر الجمعة.
وهامش شعبية شولتز مرتفع، إذ قال ثلاثة أشخاص من أصل أربعة، إنه سيكون مستشاراً "جيداً" في حال عُيِّن في هذا المنصب.
التغلب على الاختلافات
وإذا وصل التحالف إلى السلطة فستكون في انتظاره عدة مهمات في إطار حساس للاقتصاد الألماني الذي أُضِعف جراء النقص في المواد الأولية والمكونات.
وسيتطلب هدف خفض الانبعاثات بشكل جذري، استثمارات هائلة في قطاعَي البناء والنقل.
وسيرى حزبا "الخضر" و"الديمقراطي الحر"، وهما ليسا حليفين طبيعيين، ما إذا كان بإمكانهما التغلب على خلافاتهما بشأن قضايا مثل حماية المناخ والضرائب والإنفاق العام. لكن كلا الحزبين قالا إنهما يريدان "مد جسور" من أجل الحكم.
وتريد الأحزاب الثلاثة بأي ثمن تجنب تكرار ما حدث في عام 2017، عندما انسحب الحزب الديمقراطي الحر بشكل مدو من مفاوضات التحالف مع المحافظين والخضر، ما أدى إلى أشهر من المشاورات والشلل في أوروبا.
وقال شولتز "بشكل عام، يمكن أن نشعر بانطلاقة جديدة ممكنة، بدعم من الأحزاب الثلاثة التي تجتمع هنا".