من المعروف أن لبنان مثقلٌ بأحد أضخم أعباء الدين العام في العالم عند حدود 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في وقت أكد مجلس الوزراء أن الميزانية التي توصل إليها أخيراً ستخفض العجز إلى 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من 11.2 في المئة في العام الماضي.
في هذا الوقت، أكد معهد التمويل الدولي أن "اقتصاد لبنان يمر بمرحلة حرجة، وهناك حاجة إلى اتخاذ تدابير مؤلمة لمواجهة الأوضاع الصعبة هناك، وهو ما يقتضي من السلطات اللبنانية تنفيذ تدابير جادة لتعزيز الإيرادات مصحوبة بخطوات لخفض بعض أوجه الإنفاق".
180 في المئة؟
أضاف المعهد في تقرير له أنه "في حال غياب إجراءات الضبط المالي الفعّالة، سيبقى العجز المالي أعلى من 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيرتفع معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بصورة أكبر ليصل إلى 180 في المئة بحلول عام 2023"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر من شأنه أن يحرم الدولة من الدعم المالي الذي تحتاجه بشكل ملح من المجتمع الدولي ومن شأنه أن يهدّد استقرار أسعار الصرف".
الإصلاحات ستزيد الثقة
وذكر التقرير أن التدابير المالية التي اقترحتها الحكومة لن تكون لها أية تأثيرات سلبية في الفقراء ومتوسطي الدخل، علاوة على ذلك، يرى التقرير أن الإصلاحات ستزيد الثقة في القطاعين العام والخاص، وهو ما سيحفّز النشاط الاقتصادي، ويعوّض التأثير السلبي من خفض الإنفاق العام غير المنتج. ويتوقّع معهد التمويل الدولي أن تبدأ السلطات بتنفيذ معظم التدابير المتعلقة بتعزيز الإيرادات وضبط النفقات التي جرى الاتفاق عليها في الأيام الأخيرة، كما يتوقّع أن تتخذ السلطات إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد وتحسين الالتزام الضريبي.
تراجع العجز المالي
ويتوقّع التقرير أن يتراجع العجز المالي في لبنان من 11.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي إلى 8.4 في المئة عام 2019، على أن يواصل تراجعه خلال السنوات المقبلة ليصل إلى 1.2 في المئة بحلول 2023.
وذكر التقرير أنه نتيجة ذلك سيتّخذ معدل الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي مساراً مخفّضاً مستقراً من 152 في المئة عام 2019 إلى 130 في المئة بحلول 2023. وأكد أن هذا التراجع من شأنه أن يساعد في إعادة الثقة ودعم ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي، وسيؤدي أيضاً إلى تقليص الحاجة إلى تطبيق أسعار فائدة مرتفعة لجذب الودائع إلى الجهاز المصرفي. وتوقّع أيضاً أن ينخفض هامش عقود التأمين ضد مخاطر الائتمان على السندات السيادية اللبنانية من حوالي 800 نقطة أساس إلى حوالي 600 نقطة أساس قبل نهاية عام 2019.
مكافحة الفساد... والإصلاحات
وذكر التقرير أن مكافحة الفساد وتحسين الحوكمة جزءين أساسيين من الإصلاحات المالية والهيكلية في لبنان، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيكون تدريجاً وسيتطلب إرادة سياسية قوية لخلق مؤسسات فعالة وترويج مفاهيم النزاهة والمساءلة على مستوى القطاع العام، وأكد أن مكافحة الفساد ستسهم في دعم الإيرادات وهدر الإنفاق وتحسين البنية التحتية.