في مأرب اليمنية تشهد مخيمات النازحين اكتظاظاً كبيراً بهاربين جدد، بسبب تصاعد هجمات الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وتوغلها في المناطق الجنوبية للمحافظة.
وأدت الهجمات المستمرة إلى عملية نزوح داخلية كبيرة وتفاقم الوضع الإنساني، كما يقول سيف مثنى، مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، "التصعيد العسكري للحوثيين أدى إلى تهجير أكثر من عشرين ألف نسمة من المديريات الواقعة جنوب مأرب".
مخيمات القش
وتفتقر المخيمات المتناثرة على أطراف المدينة إلى أبسط مقومات الحياة، ويعيش النازحون الجدد في المخيمات حياة صعبة لا يمكن وصفها، نظراً إلى عدم قدرة المخيمات استيعاب أي موجة نزوح جديدة.
وبالنظر إلى حال علي جبلي، وهو واحد من بين أكثر من 20 ألف نازح في موجة نزوح جديدة إلى داخل مأرب، يعيش مع أبنائه وأحفاده في خيمتين يحيط بهما سور من أغصان الأشجار وأقمشة خيام متهالكة، ويقول إن الرحال حطت به قبل 15 عاماً تقريباً في مديرية حريب، إحدى المديريات الجنوبية لمحافظة مأرب، وإنه عاش فيها حياة هادئة ومستقرة طوال تلك السنوات في منزله مع عائلته.
وأضاف جبلي، "مع وصول الحوثيين إلى المنطقة حل الدمار على كل شيء، مما اضطرنا إلى النزوح". وبحسرة وألم يمسك بقميص يرتديه، ويقول، "في النزوح لم نتمكن من اصطحاب أي شيء من ممتلكاتنا، لم نأخذ من البيوت إلا ملابسنا التي نرتديها".
ومضى قائلاً، "اليوم، نحن في المخيم، لكن الوضع صعب، والحياة متوقفة". وأوضح أن اثنين من أبنائه يقومان ببيع الخضراوات ليأتيا لهم بالطعام.
النزوح الثاني
ولا يختلف حال الحاج السبعيني أحمد يحيى بسيل وأسرته عن حال جبلي، فهو يعيش نفس المعاناة في المخيم ذاته، في رحلة النزوح الثانية بعد رحلة نزوح أولى من مدينة الحديدة صوب حريب قبل خمسة أعوام. يقول عن هذا، "الحياة بدأت تتشكل من جديد في المناطق التي نزحنا إليها، لكنها لم تستمر طويلاً، فقد اضطررنا إلى النزوح مجدداً من حريب بعد أن طاولتها الحرب".
أضاف، "نزحنا باتجاه مخيم الرميلة، وأخذنا بعضاً من ملابسنا، لكن بعد أسبوع من نزوحنا إلى المخيم نشب حريق في الخيمة، التهم كل شيء كنا نملكه، بما فيها النقود".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول أحمد إن المنظمات الإغاثية تأتي لتسجل أسماءهم واحتياجاتهم، لكن لا شيء يأتيهم. ويتساءل الحاج السبعيني الذي أثقل التعب ملامحه، "أين نروح من الحوثي؟ أين نذهب؟ نزوح وراء نزوح، الحياة في المخيم جحيم، وأنا مريض بالسكر، ولا أستطيع العمل، والأبناء لا يزالون صغاراً، لله الأمر من قبل ومن بعد".
لا استجابة دولية
وقال مسؤول مخيم الرميلة، إنهم استقبلوا موجة نزوح جديدة من عدة مناطق جنوب مأرب. أضاف، "إدارة المخيمات تعاني مشكلة في عدم الاستجابة من قبل المنظمات والجهات الإغاثية، والنازحون يعيشون أوضاعاً صعبة، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء والبرد".
من جانبه، قال خالد الشجني، مدير إدارة المخيمات في الوحدة التنفيذية بمحافظة مأرب، إن "عدد المخيمات في محافظة مأرب بلغ 160 مخيماً للنازحين، وتسكن هذه المخيمات أسر من كل المحافظات اليمنية".
أضاف أن التدخلات والدعم المقدم من قبل المنظمات لا يزال قليلاً، وأنها لم تعمل على ردم الفجوة الحاصلة في المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية المنقذة للحياة.
وأوضح الشجني، أن الأيام الماضية "شهدت موجة نزوح داخلية كبيرة من المديريات الجنوبية لمأرب بعد وصول المعارك إليها، وهناك ضغط كبير حدث على الخدمات نتيجة زيادة حركة النزوح، في ظل انعدام التدخلات من المنظمات الدولية، وانعدام الخدمات الأساسية التي تحفظ للناس بقاءهم في الحياة".
وأشار إلى أن الوحدة التنفيذية سجلت منذ بداية سبتمبر (أيلول) من العام الحالي نزوح نحو ثلاثة آلاف أسرة من جنوب مأرب باتجاه عاصمة المحافظة.