أجرى وزراء الاتحاد الأوروبي محادثات طارئة ركزت على الطاقة، ولم تسفر عن نتائج فورية، وسط خلافات عميقة بين الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة حول كيفية معالجة الأزمة التي أدت إلى ارتفاع فواتير المستهلكين هذا العام، بحسب ما أوردته وكالة "أسوشييتد برس"، حيث إنه من غير المقرر أن تنحسر موجة ارتفاع الأسعار قبل الربيع المقبل. وناقش الوزراء مجموعة من الإجراءات القصيرة الأجل التي قدمتها المفوضية الأوروبية لمساعدة المستهلكين والشركات على تجاوز الصدمة.
والسبب الرئيس وراء الارتفاع الحاد هو زيادة الطلب العالمي على الطاقة والغاز على وجه الخصوص. ووفقاً لمسؤولي الاتحاد الأوروبي، ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بأكثر من 170 في المئة منذ بداية العام.
سلوك موردي الغاز
وعلى الرغم من أن معظم الدول الأعضاء توافق على التخفيضات الضريبية ومساعدات الدولة وغيرها من الإجراءات التي قدمتها الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، لمساعدة الأسر والشركات على تحقيق إعفاء فوري، فإنها تختلف في النهج طويل الأجل.
وجرى رسم خط بين الدول الداعية إلى إصلاح شامل وهيكلي لسوق الطاقة في الكتلة، من بينها فرنسا وإسبانيا، وأولئك الذين يعتقدون أن الأزمة مؤقتة فقط، ولا تتطلب تغييرات جذرية في السوق.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للطاقة قادري سيمسون، بعد الاجتماع، "من جانبنا، نراقب ما يحدث في سوق الغاز". وأضاف: "بدأ قسم المنافسة بالعمولة في جمع الأدلة حول سلوك السوق لموردي الغاز الرئيسين بهدف الكشف عن أي سلوك غير تنافسي في سوق الطاقة".
وإضافة إلى ذلك، طلبت دول الاتحاد الأوروبي من المفوضية النظر في برنامج تداول الانبعاثات الخاص بالاتحاد، الذي يدفع الشركات مقابل ثاني أكسيد الكربون الذي تنبعث منه. والهدف هو التحقق مما إذا كان التلاعب بالسوق قد أثر في زيادة أسعار الكربون.
وعلى المدى الطويل، تريد المفوضية أن يستعد الاتحاد الأوروبي لتكرار مثل هذه الصدمات السعرية من خلال تسريع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتطوير سعة تخزين الطاقة.
الجدل حول تعزيز مشاريع الطاقة النووية
وقال وزير البنية التحتية في سلوفينيا، جيرني فرتوفيتش، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس الأوروبي، إن الأزمة فرصة لتعزيز الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة واقتصاد منخفض الكربون.
وأشار إلى أن عديداً من الدول الأعضاء ترى الطاقة النووية كأداة لتحقيق مزيد من الاستقلال في مجال الطاقة وتحقيق أهداف المناخ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعاد شح الطاقة إشعال الجدل حول ما إذا كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي تعزيز مشاريع الطاقة النووية كوسيلة ليصبح أكثر استقلالية في مجال الطاقة. ولا يزال يتعين على الكتلة أن تقرر ما إذا كان يمكن إدراج الطاقة النووية في ما يسمى التصنيف، وهو نظام تصنيف يحاول تحديد الأنشطة الاقتصادية التي يمكن أن تكون مؤهلة للاستثمار المستدام مع تجنب "الغسل الأخضر".
وطالبت فرنسا أخيراً بإدراج الطاقة النووية في الإطار بحلول نهاية العام، حيث قادت المهمة مع تسع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي. وتواجه المجموعة معارضة قوية من ألمانيا والدول الأخرى التي تريد أن تكون الطاقة النووية غير مؤهلة للتمويل الأخضر.
وقالت مجموعة أصدقاء الأرض في أوروبا بعد الاجتماع إن الوزراء أظهروا "افتقاراً تاماً للإلحاح" من خلال عدم الاتفاق على إجراءات مشتركة.
ألمانيا لن تدعم إصلاح سوق الكهرباء
وتعاونت تسع دول من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا ذات الوزن الثقيل، لتقول إنها لن تدعم إصلاح سوق الكهرباء.
وقالت لوكسمبورغ والنمسا وألمانيا والدنمارك وإستونيا وفنلندا وإيرلندا ولاتفيا وهولندا، إن الأسواق الشفافة والتنافسية هي التي تضمن أسعاراً أفضل للمستخدمين. ودعوا إلى نشر مصادر الطاقة المتجددة و"مزيد من الترابط".
وفي غضون ذلك، تضغط إسبانيا لتغيير طريقة حساب أسعار الكهرباء بالجملة، بينما دعت فرنسا، التي تستمد نحو 70 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية، إلى فصل أسعار الكهرباء والغاز. ويجادل الفرنسيون بأن تأثير الغاز في تحديد أسعار الكهرباء بالجملة غير متناسب.
وقال إيمانويل وارغون، الوزيرة المنتدبة لوزير التحول البيئي الفرنسي، "لقد وصل الأداء الحالي لسوق الكهرباء في أوروبا لأسعار التجزئة إلى حدوده". وأضاف: "من الضروري للغاية أن تعكس الأسعار التي يواجهها المستهلكون مزيج الطاقة".
كما اقترحت إسبانيا وضع برنامج مشترك للحصول على احتياطيات الغاز، لكن الفكرة لم تحظَ بتأييد كبير حتى الآن. وتعتمد أوروبا بشكل كبير على الغاز المستورد، بخاصة من روسيا.
وأشارت بولندا إلى أن روسيا حاولت استخدام الغاز كسلاح سياسي من خلال كبح الإمدادات. وتقول المفوضية الأوروبية، إن شركة "غازبروم" الروسية احترمت عقودها طويلة الأجل، لكنها لم تستجب للطلب المتزايد على الإمدادات الإضافية، كما فعلت في السنوات السابقة.
مقترحات فصل الطاقة الكهربائية الأوروبية
وتقول إسبانيا وفرنسا وتشيكيا واليونان، إن الخطة ستؤدي إلى تغيير أكبر في طريقة عمل أسواق الطاقة في الاتحاد الأوروبي، حيث تضغط هذه الدول من أجل مقترحات تجسد فصل الطاقة الكهربائية الأوروبية وتكاليف الوقود والتسوق المشترك للوقود بين البلدان لإنشاء احتياطيات طارئة.
وفي الوقت نفسه، تصر تسع دول جنباً إلى جنب مع ألمانيا على طرح أسرع لمصادر الطاقة المتجددة لفطم الكتلة عن الغاز الطبيعي، والمزيد من التوصيلات الكهربائية بين البلدان، وزيادة التجديدات بحيث تستهلك المباني طاقة أقل.
وفي بيان مشترك صدر، الاثنين، من قبل النمسا، ألمانيا، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، إيرلندا، لوكسمبورغ قالت فيه هذه الدول، "لا يمكننا دعم أي إجراء يتعارض مع سوق الغاز والكهرباء الداخلية، على سبيل المثال إصلاح مخصص لسوق الكهرباء بالجملة". وأضاف البيان، "لن يكون هذا علاجاً للتخفيف من ارتفاع أسعار الطاقة الحالية المرتبطة بأسواق الوقود الأحفوري".