أكثر من مئة نائب في البرلمان التونسي المعلقة أعماله، بمقتضى الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد في 25 يوليو (تموز) 2021، يعملون في القطاع العام، يواجهون مصيرهم وتتعذر عودتهم إلى وظائفهم الأصلية. وقد وضع حداً للمنح والامتيازات التي يستفيدون منها، إثر صدور الأمر الرئاسي في 22 سبتمبر (أيلول) 2021.
تقول النائبة هاجر بوهلالي، التي دخلت البرلمان لمدة أربعة أشهر بعد أن حلت في مكان النائب مبروك الخشناوي، الذي وافته المنية، إنها "تعاني مرضاً خطيراً، وفي حاجة إلى العلاج، إلا أنها باتت محرومة من ذلك بحكم الوضع الاستثنائي الذي يمر به مجلس النواب"، داعية رئيس الجمهورية إلى إيجاد حل لهذه المعضلة التي تمس عشرات النواب.
وتروي بوهلالي أن "الصندوق الوطني للتأمين على المرض رفض تمكينها من الدواء لاستكمال حصص العلاج الكيماوي".
وتضيف أنها "توجهت إلى إدارتها الأصلية، فرد عليها بأنه لا يمكنها العودة إلى وظيفتها إلا بعد أن يحل البرلمان رسمياً، وترفع عنها صفة النائب"، لافتة إلى أنها "لا تستطيع إنجاز الإجراءات الخاصة بالاستقالة في هذه الظروف، إذ يجب أن تمر تلك الإجراءات عبر رئيس مجلس النواب ومكتب البرلمان، ثم إلى الهيئة العامة"، وهو غير ممكن الآن بحكم تعليق أعمال البرلمان.
وكانت النائبة بوهلالي، التي تعمل في القطاع العام منذ 1996، قد وجهت نداء استغاثة إلى رئيس الجمهورية، مطالبة بضرورة ضمان حقها في الحياة وفي الصحة والعلاج.
لا لتسييس الملف
من جهته، يدعو النائب مصطفى بن أحمد، وزير الشؤون الاجتماعية إلى التدخل، بعد أن أوقف صندوق التأمين على المرض حقه في العلاج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت بن أحمد، على حسابه في "فيسبوك"، إلى أنه اشتغل لمدة أربعين سنة في القطاع العام، داعياً إلى عدم تسييس هذه القضية.
وفي سياق متصل، ذكر الكاتب العام لمجلس نواب الشعب المجمد، عادل الحنشي، في تصريح صحفي، أن أكثر من مئة نائب يعملون في القطاعين العام والخاص ومن المتقاعدين، وجدوا أنفسهم من دون منح منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، مشيراً إلى أن هذا الوضع "قد يتواصل في ما تبقى من الدورة النيابية".
مأزق قانوني
واعتبر النائب نبيل حجي أنه من غير الممكن للنواب تقديم استقالاتهم من المجلس، لأن الاستقالة يجب أن تمر بمسار قانوني، وهو تقديم نص الاستقالة إلى الممثل القانوني للمجلس، ثم عرضها في اجتماع مكتب البرلمان، ومعاينتها وعرضها خلال جلسة عامة، ثم تُنشر في "الرائد الرسمي" (الجريدة الرسمية).
واقترح معالجة هذا "المأزق القانوني" بطريقتين، هما إما في حال إعلان حل البرلمان، أو إصدار أمر رئاسي يقضي، بصفة استثنائية، بعودة النواب الموظفين إلى وظائفهم السابقة، إلى حين البت نهائياً في هذه المسألة.
الحسم في ملف البرلمان
في الأثناء، يرى أستاذ القانون العام، رابح الخرايفي، أن الحل يكمن في تقديم النواب استقالاتهم وعرضها على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ثم عرضها على رئيس الجمهورية، ثم تصدر في "الرائد الرسمي" للجمهورية التونسية، ويستأنف هؤلاء النواب وظائفهم الأصلية.
ويصف الخرايفي توجه عدد من النواب إلى التظلم لدى المحكمة الإدارية بـ"العبث، لأن المحكمة الإدارية سترفض هذه الشكاوي، لكون الأوامر الرئاسية لا تقبل الطعن بحكم الوضع الاستثنائي الذي تمر به تونس"، داعياً إلى الحسم في ملف البرلمان من خلال إعلان حلّه نهائياً.
ويقول أستاذ القانون الإداري، محمد العيادي، إن "الاستحالة المادية تبرر اللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية، إذ يمكن للنائب تقديم استقالته إلى رئاسة الحكومة، وهي بدورها ستنهي حالة عدم المباشرة، بالنسبة إلى الموظفين العموميين، ويمكن للنائب تقديم ما يفيد إنهاء مهمته بوصفه نائباً، لدى مؤسسته الأصلية واسترجاع مهنته وأجره الشهري".
يُذكر أن رئيس الجمهورية أصدر في 22 سبتمبر 2021، أمراً رئاسياً يتعلق بتدابير استثنائية، ينص على مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عنهم، ووضع حد للمنح والامتيازات المسندة إلى رئيس المجلس وأعضائه.