تعيش وزارة الصحة المصرية على وقع "أزمة فساد كبرى" تهز أركانها منذ الاثنين الماضي، وذلك بعد اكتشاف إحدى الهيئات الرقابية في البلاد تورط بعض المسؤولين الكبار القريبين من وزيرة الصحة هالة زايد في قضايا، قالت عنها النيابة العامة، إنها "تباشر فيها التحقيقات".
وبينما تتوالى التسريبات من داخل الوزارة بشأن عدد المقبوض عليهم وطبيعة التهم الموجهة إليهم في تلك القضايا المتعلقة بـ "الفساد والرشوة"، قرر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الجمعة، تكليف وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار بمهام الوزيرة هالة زايد، بعد موافقته على طلب "الإجازة المرضية" المقدم من الوزيرة، التي دخلت المستشفى أياماً بعد تعرضها لوعكة صحية، وأجرت قسطرة تشخيصية، تزامنت مع تفجر القضية.
رشاوى واختلاسات
بحسب مصادر مطلعة داخل الوزارة تحدثت إلى "اندبندنت عربية"، وطلبت عدم الكشف عن هويتها، فإن "القصة بدأت منذ الاثنين الماضي، عندما داهم أعضاء من جهاز الرقابة الإدارية مبنى الوزارة، للتحقيق مع مسؤولين كبار والقبض عليهم، في ظل وجود الوزيرة في مكتبها".
وأوضحت المصادر، أن هالة زايد فوجئت "بحجم الاتهامات والأدلة على تورط المسؤولين، وأصيبت على إثر ذلك بوعكة صحية، ونقلت لاحقاً إلى مستشفى وادي النيل التابع لجهاز المخابرات العامة المصرية في وسط القاهرة".
وفيما توقعت المصادر أن تطال التحقيقات قيادات أخرى في الوزارة وخارجها، قالت إن من بين أبرز من جرى القبض عليهم كان "مدير المكتب الفني للاتصال السياسي، وقيادات أخرى في إدارة العلاج الحر (معنية بإصدار التراخيص الخاصة بالمنشآت الصحية في مصر)، وآخرين"، موضحة أن التهم تتعلق بالأساس "بتلقي رشاوى واختلاسات مالية".
والأربعاء الماضي، قالت النيابة العامة المصرية، إنها تباشر منذ الثلاثاء التحقيقات مع مسؤولين في وزارة الصحة في ما هو منسوب إليهم، دون توضيح ماهية الاتهامات أو صفات المسؤولين ووظائفهم. موضحة أن إدارة البيان في مكتب النائب العام رصدت ما جرى تداوله في المواقع الإخبارية ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار غير صحيحة عن الوقائع التي تولت النيابة العامة التحقيقات فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإزاء ذلك فإن "النيابة العامة تهيب بالكافة الالتزام بما تعلنه وحدها من معلومات حول الواقعة، والالتفات عن أي أخبار كاذبة أو غير صحيحة قد تضع ناشريها تحت المسؤولية القانونية"، مؤكدة في الوقت ذاته حرصها على مبادئ الشفافية مع المجتمع، وعزمها إعلانها، حسبما تراه مناسباً لحسن سير التحقيقات وضمان سلامتها، ونتائج التحقيقات، وما يتاح من معلومات أو بيانات.
إقالة أم استقالة؟
وعلى ضوء الأزمة "الصحية" التي تعرضت لها زايد، استدعت معها نقلها للمستشفى، قبل أن تخرج منها الأربعاء الماضي، وقرار رئيس الوزراء المصري اليوم الجمعة، تكليف وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار القيام بمهام الوزارة، لحين شفاء زايد، تضاربت المعلومات حول ما إذا كانت الخطوة تعني إبعاد وزيرة الصحة من منصبها بشكل "لائق"، لا سيما مع اقتراب "إجراء تعديل وزاري" في الحكومة المصرية، قالت عنه المصادر التي تحدثت إلينا، إنه سيشمل عدداً من الوزارات من بينها الصحة.
وقال أحد المصادر، "في اعتقادي، عجّلت ضخامة وحجم القضايا التي كشفها الجهاز الرقابي داخل الوزارة، التي لم تكن وليدة الأسبوع الماضي، بإطاحة وزيرة الصحة وإبعادها تدريجاً من المشهد، لا سيما أن هناك شبهات لتورط أشخاص آخرين من خارج الوزارة قد يكونون قريبي الصلة بالوزيرة زايد"، وتابع، "قد تسرّع قضية وزارة الصحة بإجراء التعديل الوزاري المرتقب في الحكومة المصرية".
وفيما خلت بيانات وزارة الصحة اليومية خلال اليومين الأخيرين على صفحات التواصل الاجتماعي من ذكر اسم الوزيرة أو نشر صورتها، ذكرت مصادر إعلامية، أمس الخميس، أن مسؤولين كباراً في الحكومة المصرية طلبوا من زايد تقديم استقالتها، ووضعها تحت تصرف رئيس الوزراء لدواع "صحية"، تفادياً للإقالة من المنصب، وذلك بالتزامن مع نقل صلاحيات أبرز ملفات الوزارة وإسنادها لمسؤولين آخرين داخل الوزارة وشخصيات رقابية.