قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اليوم السبت إنه لا يمكنه استبعاد اتخاذ إجراء ضد فرنسا في الخلاف الذي أعقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حول تراخيص الصيد تسبب في مزيد من التصدع في العلاقات ويمكن أن يؤدي إلى تعطيل تدفق السلع في نهاية المطاف.
وشدد جونسون، الذي سيستضيف قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ في الأسبوع المقبل، إنه لا يريد أن يتسبب الخلاف حول الصيد في خروج اجتماع مجموعة العشرين التي تحوذ أكبر 20 اقتصادا في العالم عن مساره.
وقال جونسون لقناة سكاي نيوز التلفزيونية في روما حيث يحضر قمة مجموعة العشرين "إذا كان هناك انتهاك للمعاهدة (الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) أو اعتقدنا أن هناك انتهاكا للمعاهدة فإننا حينئذ سنفعل ما هو ضروري لحماية المصالح البريطانية".
وسئل جونسون عما إذا كان يستبعد إعمال إجراءات حل النزاعات في اتفاق التجارة والتعاون في الأسبوع المقبل فقال "لا بالطبع، لا يمكنني استبعاد ذلك".
وفي وقت لاحق، قال جونسون لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن تهديدات فرنسا في الخلاف المتصاعد مع بلاده حول تراخيص الصيد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد "غير مبررة تماما".
وقال مكتب جونسون في بيان "عبر رئيس الوزراء أيضا عن قلقه إزاء لهجة الحكومة الفرنسية في الأيام القليلة الماضية حول قضية تراخيص الصيد".
وهددت لندن الجمعة، 29 أكتوبر (تشرين الأول)، بتعزيز عمليات تفتيش سفن الصيد الأوروبية في المياه البريطانية، رداً على إجراءات انتقامية أعلنتها فرنسا في غمرة الخلاف حول رخص الصيد في مرحلة ما بعد خروج "بريكست" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان، إن الأخيرة "تعتزم إطلاق آلية لتسوية الخلافات نص عليها الاتفاق التجاري لما بعد بريكست"، ويشمل ذلك "تنفيذ عمليات تفتيش دقيقة تتناول نشاطات الصيد البحري للاتحاد الأوروبي في المياه الإقليمية للمملكة المتحدة".
ماكرون: صدقية بريطانيا على المحك
وتتبادل باريس ولندن الاتهامات بانتهاك الاتفاق التجاري لما بعد "بريكست"، الذي تم التوصل إليه نهاية العام الفائت، لجهة رخص الصيد في المياه البريطانية.
وتأخذ فرنسا على بريطانيا أنها منحت عدداً محدوداً من هذه الرخص لسفنها، وهددت باتخاذ إجراءات انتقامية اعتباراً من الثلاثاء المقبل وتشديد عمليات المراقبة ومنع السفن البريطانية من الرسو في المواني الفرنسية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "صدقية" بريطانيا على المحك في ما يتعلق بالنزاعات ما بعد "بريكست"، لجهة تراخيص الصيد وبروتوكول إيرلندا الشمالية، وذلك في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" نُشرت مساء الجمعة.
وأكد ماكرون أنه ليس هناك "استفزاز" ولا "توتّر" بشأن مسألة حقوق الصيد، ولكن "علينا احترام بعضنا بعضاً" و"احترام الكلمة التي أُعطِيت" في هذا الإطار. واعتبر أن ما يحصل "اختبار لصدقية" رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وحكومته، قائلاً إنه واثق من "حسن نية" المملكة المتحدة.
ويبدو أن بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي يتخذون موقفاً حذراً في مواجهة هذا النزاع، إذ دعت الحكومة الألمانية كلا الجانبين إلى التفاوض.
استدعاء السفيرة الفرنسية في لندن
وسط هذه الأجواء، يلتقي ماكرون وجونسون نهاية الأسبوع في روما على هامش قمة مجموعة العشرين، وفق "داونينغ ستريت" (مقر رئاسة الوزراء البريطانية).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال جونسون لصحافيين خلال توجهه إلى روما، "سنفعل ما هو ضروري للدفاع عن المصالح البريطانية. فرنسا هي أحد أفضل وأقدم وأقرب حلفائنا وأصدقائنا وشركائنا، والروابط التي توحدنا أقوى بكثير من الاضطرابات الحالية التي تشهدها علاقتنا".
وفي لندن، استدعيت سفيرة فرنسا لدى المملكة المتحدة كاثرين كولونا الجمعة، في إجراء نادر جداً بين الدولتين الحليفتين. وغادرت السفيرة بلا أي تعليق بعد مقابلة في وزارة الخارجية استمرت 20 دقيقة.
وأعربت الوزيرة البريطانية لشؤون الجوار الأوروبي وندي مورتن "عن خيبة أملها من لهجة المواجهة التي تستخدمها الحكومة الفرنسية باستمرار والتي لا تجعل حل الموقف أكثر سهولة"، وفق التقرير البريطاني.
محادثات بريطانية – أوروبية
وتحذير لندن أبلغه وزير الدولة البريطاني المكلف "بريكست" ديفيد فروست إلى نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش.
والتقى الرجلان، الجمعة، في لندن، وعرضا مدى تقدم المفاوضات حول نقطة ساخنة أخرى بين لندن وبروكسل هي بروتوكول الإجراءات الجمركية لمرحلة ما بعد "بريكست" في ما يتعلق بإيرلندا الشمالية، التي لا تزال في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي.
وأورد المتحدث باسم الحكومة البريطانية أن المحادثات جرت هذا الأسبوع في إطار "روح بناءة"، لكنه أشار إلى استمرار وجود تباينات "مهمة"، خصوصاً على صعيد دور محكمة العدل الأوروبية في تسوية الخلافات.
ومن المقرر أن تتواصل المحادثات الأسبوع المقبل في بروكسل.
وكانت فرنسا أعلنت أنها ستمنع قوارب الصيد البريطانية من إفراغ حمولاتها في المواني الفرنسية، وأنها ستشدد إجراءات التفتيش الجمركية للشاحنات إن لم يحصل الصيادون الفرنسيون على مزيد من الرخص للصيد في المياه البريطانية.
ودعا وزير البيئة البريطاني جورج أوستيس إلى "الهدوء" و"وقف التصعيد"، مؤكداً أن الباب لدى حكومته "لا يزال مفتوحاً"، فيما عبر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس عن "انفتاحه لإجراء محادثات" بشرط أن تحترم لندن "تعهداتها".
لكن لندن اعتبرت أن الإجراءات الفرنسية المعلنة "غير متكافئة" وحذرت من أنها ستكون موضع "رد متناسب ومدروس".