تسود العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حال من الهدوء في ظل قانون الطوارئ الذي فرضته الحكومة في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعدما أعلنت جبهة تحرير "تيغراي" المتمردة تقدمها نحو العاصمة، عقب استيلائها على عدد من المدن الاستراتيجية شمال البلاد. وفيما تحذر أوساط دولية وإقليمية من حدوث حرب أهلية، قال رئيس الوزراء آبي أحمد إن بلاده تشهد مؤامرة خارجية.
أديس أبابا آمنة
وفي بيان أمس الثلاثاء، قال مكتب الاتصال الحكومي "يحق لأي دولة طلب مغادرة رعاياها، لكن أديس أبابا آمنة"، تعليقاً على مسارعة دول عدة في مقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، إلى إجلاء رعاياها. وكان المكتب انتقد في بيان سابق دولاً أوروبية لنشرها الذعر بما تتداوله من أخبار.
وشهدت أديس أبابا، الأحد الماضي، تجمع أعداد كبيرة من المواطنين في تحرك دعت إليه الحكومة، كما شهدت مدن أخرى مسيرات دعم للحكومة في وجه ما اعتبرته ضغوطاً يمارسها عليها المجتمع الدولي جراء أزمة "تيغراي".
محاولات تركيع
وقال رئيس الوزراء آبي أحمد، أمس الثلاثاء، في حفل أقامته إدارة العاصمة بهدف جمع تبرعات لدعم قوات الجيش، إن "بلاده تتعرض لمحاولات تركيع متعددة من قوى أجنبية"، مستغرباً "هذا العداء الذي تواجهه البلاد في الوقت الراهن".
وأضاف، "نتعرض لمحاولات إخضاع وتركيع وسلب لحريتنا من قبل قوى أجنبية متعددة تدعم أعداءنا على أرض المعارك الجارية وبالحملات الإعلامية الكاذبة والدعاية الدبلوماسية وضرب اقتصادنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت الذي تؤكد فيه المصادر توسع القتال بين قوات الجيش الإثيوبي وقوات التحالف (الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية) بقيادة جبهة تحرير "تيغراي" في مناطق عدة بإقليمي عفار وأمهرا، تضيق فرص الوساطات وفق تأكيدات أممية وأفريقية نقلها كل من الرئيس النيجيري السابق ومبعوث الاتحاد الأفريقي أولوسيجون أوباسانجو، ومنسقة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة روزماري ديكارلو، في إحاطتهما لمجلس الأمن الدولي الإثنين الماضي.
وتطابق قول مبعوث الاتحاد الأفريقي بأن "الفرصة التي لدينا ضئيلة والوقت قصير" مع رأي وزارة الخارجية الأميركية التي أشارت إلى أن "هناك نافذة صغيرة للعمل مع الاتحاد الأفريقي لإحراز تقدم في إنهاء الصراع".
وكانت ديكارلو قالت إن "الصراع المستمر منذ عام في إقليم تيغراي بلغ مستويات كارثية"، مشيرة إلى أن "خطر انزلاق إثيوبيا إلى حرب أهلية متنامية حقيقي تماماً".
مصالح الدولة
وقال المؤرخ الإثيوبي آدم كامل إن "الحروب باختلاف أشكالها خطر على الدول في التأثيرات المترتبة اقتصادياً وسياسياً، وفي ما يواجهه الشعب من معاناة وتتسبب فيه من خسائر بشرية".
وأضاف، "لكن الحرب الحالية بين جبهة تحرير تيغراي والحكومة الإثيوبية هي حرب بين قومية لا يزيد تعدادها على سبعة ملايين، ومصالح دولة وشعوب تتجاوز الـ 100 مليون نسمة، ولذلك نرى أنها حرب محدودة يمكن الوصول فيها إلى حل وطني"، موضحاً أن "إثيوبيا شهدت أنظمة ملكية ودكتاتورية ورئاسية، وعلى الرغم مما تخلل أزمانها من ظروف لم تصل إلى درجة التفكك أو الانهيار".
وقال إن "بعض القوى الدولية لا تريد استقرار إثيوبيا، وهي تحاول من خلال الحرب أن تفرض هيمنتها عليها وأن تحقق مصالح خاصة بها، لذلك تجد الإعلام الغربي يخلق واقعاً ليس حقيقياً عما يجري".
وأشار إلى أن "أكبر دليل على وحدة إثيوبيا وتماسك شعبها بمختلف قومياته هو التفافه على الدولة والحكومة ودعمه الجيش بمليار بر إثيوبي (21.1 مليون دولار) في أقل من ساعتين، جُمعت من تجار ورجال أعمال من مختلف القوميات".
من جهته، قال الصحافي محمد حسين الشيخ إن "الحرب الحالية مهدد حقيقي لوحدة إثيوبيا التي تجمع قوميات مختلفة في الثقافة والعدد والتوزع الجغرافي".
وأضاف، "خلال الأنظمة السابقة عانت هذه الشعوب من ظلم اجتماعي مورس على كثير منها، لكنها في النظام الفيدرالي الحالي وجدت بعض الحريات واستطاعت تحقيق بعض غاياتها"، مستدركاً "لكن إذا ضعف مركز الدولة نتيجة الحرب ربما يتسبب ذلك في نزاع بينها".
وأكد يشير الشيخ أن "عدم استقرار إثيوبيا سينعكس على القرن الأفريقي باعتبارها قطب المنطقة".
وعن خيارات السلام والحلول، قال الأكاديمي يوهانس أمين ساهيد إن "السلام يأتي عبر تفاوض بين الأطراف، سواء كان مباشراً أم عبر وساطات تطرح أصل المشكلة وأسبابها، وعبر إبداء نيات صادقة في الوصول إلى توافق يقدم فيه طرفا الصراع تنازلات تساعد في الحل".