في محاولة لجذب مزيد من المستثمرين إلى البورصة المصرية، وتخفيف الأثر المتوقع لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات المستثمرين الأفراد والشركات وصناديق الاستثمار، أعلنت الحكومة المصرية عن حزمة حوافز وتعديلات على المعاملات الضريبية في البورصة المصرية، بهدف تعظيم مكاسب المستثمرين ودفع السوق نحو النمو.
ومنذ إعلان بدء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية مطلع العام المقبل، شهدت البورصة المصرية موجة من النزيف، في الوقت الذي تتزايد فيه المطالب والتحركات التي انتقلت من ساحة الاقتصاد إلى أروقة مجلسي النواب والشيوخ، لمطالبة الحكومة المصرية بإعادة النظر في تطبيق هذه الضريبة.
وخلال الساعات الماضية، عقد ممثلو أطراف سوق المال في مصر، اجتماعاً بمقر البورصة المصرية، لدراسة تأثير ضريبة الأرباح الرأسمالية المزمع تطبيقها مطلع العام المقبل على تعاملات البورصة المصرية.
وناقش الاجتماع إعداد مقترحات عن بدائل تطبيق الضريبة بما لا يؤثر على الموازنة العامة للدولة، وفي الوقت نفسه لا يضر بسوق المال وبرنامج الطروحات الحكومية والخاصة المنتظرة خلال الفترة المقبلة.
وسبق أن أصدرت وزارة المالية دليلاً استرشادياً، أكدت عودة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف في الأوراق المالية والحصص وأذون الخزانة المقررة على التعامل في الأوراق المالية بداية من 1 يناير (كانون الثاني) عام 2022.
وكانت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، قد ناقشت قبل أيام، قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة، واستمعت لآراء عدد من الجمعيات الخاصة بسوق المال ورئيس شركة مصر المقاصة، وممثلين عن هيئة الرقابة المالية للتعبير عن آرائهم بشأن القانون.
وخلال الاجتماع، طالب عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، النائب أحمد سمير زكريا، بضرورة مناقشة جدوى تفعيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة المصرية بأن تدرس اللجنة كل الآراء المقدمة من ممثلي سوق المال.
مرونة وتوافق من قبل جميع الجهات الشركة
وخلال اجتماع عقده مجلس الوزراء المصري، شدد رئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، على أهمية تقديم حزمة محفزات لدعم سوق الأوراق المالية وتحسين بيئة الاستثمار والأعمال، موجهاً في هذا الصدد بتخفيض مصاريف التداول الخاصة بالبورصة، وهيئة الرقابة المالية، ومصر للمقاصة، وصندوق حماية المستثمر من المخاطر غير التجارية، وإنشاء وحدة خاصة في الهيئة العامة للاستثمار، لتوفير مسار سريع لشركات البورصة، فضلاً عن دراسة تعديل نظام الأسهم الممتازة لتصبح هناك مرونة وحرية أكبر في إصدارها.
وقال بيان لمجلس الوزراء المصري، إن جهود التنسيق التي بذلتها وزارة المالية مع إدارة البورصة المصرية، وهيئة الرقابة المالية، وأطراف صناعة الأوراق المالية، أسفرت عن التوصل إلى حزمة محفزات من شأنها الإسهام في دعم قدرات وتنافسية سوق الأوراق المالية المصرية، ومساعدتها على النمو على كل المستويات لتلعب دوراً أكبر في دعم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحسن من وضع السوق في المؤشرات العالمية، ومن ثم زيادة قدرتها على اجتذاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وشهدت الاجتماعات مرونة وتوافقاً من قبل جميع الأطراف، واستجابت وزارة المالية للمطالب الفنية والمشروعة التي تقدمت بها إدارة البورصة نيابة عن أطراف السوق المختلفة، بشأن بعض الأمور المرتبطة بتطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية، والتي تضمنت إلغاء ضريبة الدمغة على تعاملات سوق الأوراق المالية بالنسبة للمستثمر المقيم لضمان عدالة عدم دفع ضريبة في حالة الخسارة، وخصم جميع المصاريف الخاصة بالتداول وحفظ الأسهم وغيرها من الوعاء الضريبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا إضافة إلى احتساب حافز للأموال المستثمرة في البورصة وخصمها من الوعاء الضريبي في حال تحقيق أرباح، وهذا الأمر من شأنه المساهمة في تعظيم عائد المستثمرين وتحقيق العدالة بين الأوعية الادخارية المختلفة، فضلاً عن احتساب الربح من خلال مقارنة سعر الاقتناء أو سعر إغلاق الأسهم قبل بدء التطبيق أيهما أعلى مقارنة بسعر البيع لزيادة عوائد المستثمرين، وتخفيض الضريبة على الربح المحقق في الطروحات الجديدة بنسبة 50 في المئة أول عامين من صدور القانون، وتأجيل دفع الضريبة لحين تحقيق عملية البيع النقدية في عمليات مبادلة الأسهم متى كان الطرف المستحوذ مقيداً بالبورصة المصرية، بما يشجع الشركات المقيدة على الاستحواذ على شركات غير مقيدة وخلق كيانات كبيرة تساعد في نمو السوق.
كما جرى التوافق على أنه لن يتم فتح ملفات ضريبية للأفراد المستثمرين في البورصة، وستقوم المقاصة باحتساب وتحصيل الضريبة بعد خصم كل المصاريف التي طلب أن يتم إدخالها والحافز ويكون ذلك في نهاية كل عام وعلى إجمالي تعاملات محفظة الاستثمار، مع اعتماد طريقة الطروحات من خلال زيادات رؤوس الأموال باعتبارها واقعة غير منشأة للضريبة.
وأيضاً، جرى التوافق على تخفيض نسبة الضريبة على المستثمرين الأفراد من خلال صناديق الأسهم إلى 5 في المئة على الربح المحقق وإعفاء صناديق الاستثمار في الأسهم من جميع الضرائب على الأسهم وتكليف الصندوق باحتسابها وتوريدها من دون فتح ملفات ضريبية للمستثمرين في الوثائق، وتحفيز صناديق استثمار رأس المال المخاطر من خلال إعفاءات لتعاملاتهم في الأسهم غير المقيدة للشركات الناشئة وتخفيض الضريبة لحملة الوثائق إلى 5 في المئة في حال تحقيق أرباح.
وشدد مجلس الوزراء على استمرار كل الإعفاءات المنصوص عليها لصالح حملة وثائق صناديق النقد وأدوات الدخل الثابت، كما سيتم إنشاء وحدة جديدة لحل كل المشكلات المرتبطة بالشركات المقيدة تتبع رئيس الهيئة العامة للاستثمار مباشرة لإنجاز أية أمور مرتبطة بهذه الشركات، مع تشكيل لجنة مشتركة بين الهيئة العامة للاستثمار، والبورصة المصرية، والهيئة العامة للرقابة المالية تابعة لرئيس مجلس الوزراء للتنسيق والإسراع بحل كل مشكلات الشركات المقيدة، فضلاً عن قيام الهيئة العامة للاستثمار بتعديل متطلبات النموذج الاسترشادي لإصدار الأسهم الممتازة بما يعود بالنفع على الشركات الناشئة وريادة الأعمال بصفة عامة.
خصم جميع المصاريف الخاصة بالتداول
المحفزات التي أعلنتها الحكومة المصرية شملت خصم جميع المصاريف الخاصة بالتداول وحفظ الأسهم وغيرها من الوعاء الضريبي الذي سيحتسب على أساسه ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة. ولتخفيف أثر الضريبة أيضاً على حملة الأسهم منذ وقت طويل، سيحتسب الربح من بيع السهم مخصوماً منه سعر السهم عند الاقتناء أو سعر إغلاق السهم قبل يوم بدء تطبيق التعديلات الجديدة، أيهما أعلى، وذلك لزيادة عوائد المستثمرين.
وتحتسب ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة البالغة 10 في المئة من خلال الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء، ولتخفيف أثر الضريبة ستكون المحاسبة كالآتي: على سبيل المثال قمت بشراء سهم منذ 10 سنوات بجنيه واحد، وقمت ببيعه هذا العام بـ15 جنيهاً، في تلك الحالة سيكون ربحك 14 جنيهاً، تسدد عليه ضريبة 140 قرشاً. وإذا كان سعر السهم يوم تطبيق الضريبة 10 جنيهات، في تلك الحالة سيكون ربحك كما هو (15-1) = 14 جنيهاً، ولكن سيكون حساب الضريبة بناءً على سعر السهم عند 10 جنيهات، أي ستكون الضريبة (15-10) =5 جنيهات، مضروبة في 10 في المئة، أي ستسدد 50 قرشاً فقط.
لكن حتى الآن، فإن مسار التعديلات لا يزال غير واضح، فقد تجنب بيان مجلس الوزراء المصري الإشارة إلى كلمات "ضريبة الأرباح الرأسمالية"، ربما لأن مجرد ذكرها يثير قلق مستثمري البورصة. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت الحوافز الجديدة ستستلزم تعديلات تشريعية أم لا.
معارضة شديدة من صناع السوق
ووفق نشرة "إنتربرايز"، تشهد خطة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة اعتباراً من أول 2022 معارضة شديدة من العاملين بمجال الأوراق المالية ومستثمري البورصة، وحاولوا الضغط بشتى الطرق، محذرين من أن فرض الضريبة سيضعف من أحجام التداول ويعوق الاستثمار الأجنبي في البورصة، ووصلت محاولات إرجاء تطبيق الضريبة إلى البرلمان بغرفتيه.
وستشهد الضرائب المفروضة على معاملات مبادلة الأسهم أيضاً انخفاضاً كبيراً، حيث ستنخفض الضرائب على الأرباح المحققة من صفقات مبادلة الأسهم إلى 10 في المئة من 22 في المئة، ولن تستحق الضريبة حتى يتحقق بيع السهم نقدياً وتحقيق ربح منه. وأيضاً ستنخفض الضريبة على الأفراد من أرباح صناديق الاستثمار في الأسهم إلى 5 في المئة.
في الوقت نفسه، تعمل الجهات التنظيمية أيضاً على وضع معادلة تحتسب "تكلفة الفرصة البديلة" للأموال التي ضخها المستثمر في البورصة (أي الربح الذي كان يمكن للمستثمر تحقيقه من خلال استثمار تلك الأموال خارج البورصة)، وبناءً عليه سيحتسب حافز يخصم من الوعاء الضريبي، ما يعني أن طريقة حساب الضريبة في تلك الحالة ستخفض المبلغ الذي سيسدده المستثمر.
كما تعمل الجهات التنظيمية على إيجاد حل لمشكلة الازدواج الضريبي في توزيعات الأرباح للشركة الأم وشركاتها التابعة المدرجة في البورصة. ومن المتوقع أن تنشئ الحكومة وحدة داخل الهيئة العامة للاستثمار لحل أي مشاكل تواجه الشركات المدرجة. وستعمل أيضاً على تشجيع إدراج الأسهم الممتازة في محاولة لجذب الشركات الناشئة إلى البورصة.
وسوف تخفض القرارات الجديدة الضريبة على الأرباح المحققة من التداول في الشركات التي طرحت أخيراً لمدة عامين بعد تنفيذ القرار، إلى النصف، إلى جانب تأجيل دفع الضريبة لحين تحقيق عملية البيع النقدية في عمليات مبادلة الأسهم متى كان الطرف المستحوذ مقيداً بالبورصة المصرية، وذلك لتشجيع الشركات المدرجة على الاستحواذ على شركات غير مدرجة.