حض قادة أعمال بريطانيون حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون على عدم تعليق العمل بالاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي في شأن بريكست، وحذروا من أن يؤدي ذلك إلى إطلاق حرب تجارية "مدمرة" في الأسابيع المقبلة.
وفي الأسبوع الماضي، ذكر وزير بريكست اللورد فروست إن خيار تفعيل المادة 16 المتعلقة بتعليق العمل بالبروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية، يظل مطروحاً ما لم تُجَسَّر "فجوات مهمة" مع الاتحاد الأوروبي، لكنه بدا ساعياً إلى تهدئة الضجة في الوقت الحالي.
وفي المقابل، رحب ماروس سيفكوفيتش، المفاوض باسم المفوضية الأوروبية، بـ"تغير اللهجة" البريطانية [بشأن المادة 16]، فيما نقل خبراء قانونيون ومحللون إلى "اندبندنت" أن بروكسل تستعد لإجراءات انتقامية فورية ضد المملكة المتحدة إذا مضت رئاسة الوزراء البريطانية وعلقت العمل بالبروتوكول.
وكذلك ذكر قادة قطاعيون في المملكة المتحدة أنهم يخشون وقوع سلسلة من إجراءات "مضرة" قد تصيب الصادرات البريطانية، ما يعطل أكثر سلاسل الإمداد ويؤدي إلى تجميد للاستثمار.
واتصالاً بذلك، أشارت كاثرين برنارد، أستاذة القانون الأوروبي بـ"كلية ترينيتي" في "جامعة كامبريدج"، إلى "إن الحرب التجارية احتمال جدي. إذ ينظر الاتحاد الأوروبي في نطاق من الخيارات. إنهم يستكشفون مسارات في اتخاذ إجراءات انتقامية سريعة".
ويُعتقَد بأن قادة الاتحاد الأوروبي يفكرون في خيار "نووي" يتمثل في وقف العمل بـ"معاهدة التجارة والتعاون" [وقعتها لندن وبروكسل لضمان تنفيذ بريكست بطريقة سلسلة] إذا أطلقت رئاسة الوزراء البريطانية العمل بالمادة 16.
ومن شأن ذلك إمهال المملكة المتحدة 12 شهراً قبل انتهاء العمل بالمعاهدة فتضطر بريطانيا إلى المتاجرة مع أوروبا وفق شروط "منظمة التجارة العالمية"، ويشكّل ذلك أساساً تنفيذاً لسيناريو بريكست "من دون اتفاق".
في المقابل، ينظر الاتحاد الأوروبي أيضاً في احتمال إطلاق جزء أقل شهرة من "معاهدة التجارة والتعاون"، هو المادة 506، بغرض اتخاذ إجراء فوري، وفق الأستاذة برنارد.
وأوضحت، "هذا يعني أن في وسع الاتحاد الأوروبي إطلاق انتقامه بسرعة قبل الاضطرار إلى اللجوء إلى التحكيم. ويتراوح الانتقام بين وقف صيد الأسماك في مياه [الاتحاد الأوروبي] وفرض رسوم جمركية على الأسماك البريطانية الواردة إلى الاتحاد الأوروبي ومن ثم رسوم جمركية على بضائع أخرى. ويمكن أيضاً أن تفرض فرنسا وبلدان أخرى ضوابط أكثر صرامة على البضائع الآتية من المملكة المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يعرقل الأمور بسرعة كبيرة عند الحدود".
وفي ذلك الصدد، أعرب ديفيد هينيغ، مدير الشؤون البريطانية في "المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي"، عن قناعته بأن قراراً من بروكسل بإطلاق إجراءات انتقامية سيكون له "أثر سلبي جداً" في الاقتصاد البريطاني.
ووفق رأيه، "إذا أطلقت المملكة المتحدة العمل بالمادة 16، أعتقد بأن [الاتحاد الأوروبي] سيبدأ بإجراءات كالضوابط المادية الكاملة على البضائع البريطانية، وبعض الرسوم الجمركية الانتقامية على بضائع معينة، قبل توجيه الضربة "النووية" الكاملة المتمثلة بوقف العمل بـ"معاهدة التجارة والتعاون" أو إنهائها".
وأضاف، "إذا فعلوا ذلك، قد نعود إلى بريكست من دون اتفاق، وسيلوح هذا التهديد في أفق الاقتصاد البريطاني عام 2022. وقد يؤدي إلى تجميد للاستثمار".
وفي سياق متصل، أفادت "الرابطة البريطانية لمُعدِّيْ اللحوم" بأنها تشعر بقلق متزايد من احتمال حصول ضرر قريب الأجل وفرض رسوم جمركية أعلى على الصادرات، إذ أُلغِيَ الاتفاق التجاري في نهاية المطاف.
وبحسب ما صرح به إلى "اندبندنت" الرئيس التنفيذي للهيئة، نيك ألن، "ستكون المتاجرة [إذا أُلغي الاتفاق بعد تفعيل المادة 16] وفق قواعد "منظمة التجارة العالمية" رهيبة بالنسبة إلى قطاع اللحوم. إن فكرة عودتنا إلى القلق من المتاجرة وفق شروط تلك المنظمة مجدداً فكرة محبطة بشكل لا يُصدَّق".
وأضاف، "نعاني بما فيه الكفاية مع تضخم أسعار الأغذية من دون حرب تجارية مضرة وإجراءات عقابية. وستكون سنة أخرى من الغموض مدمرة لقطاعنا ومجمل قطاع الأغذية، وستعني أن الاستثمار كله الذي يحتاجه اقتصادنا قد يُجمَّد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى نحوٍ مماثل، تخشى "جمعية النقل البري" من احتمال أن يصر الاتحاد الأوروبي على ضوابط أكثر صرامة في ميناء "كاليه" [المُطل على المانش] ونقاط حدودية أخرى، ما يتسبّب في تأخيرات بالنسبة إلى سائقي الشاحنات البريطانيين، مع تعطل غير مباشر.
وبحسب رود ماكنزي، مدير السياسات في الجمعية، "لن تكون الحرب التجارية أمراً بهيجاً. إنها مصدر قلق كبير لنا جميعاً في قطاع الخدمات اللوجستية".
وأضاف ذلك المسؤول في قطاع النقل البري، "إذا أُطلِق العمل بالمادة 16، نعرف أن الاتحاد الأوروبي سيكون فظاً وسيرغبون على الأرجح في الرد. ويتعلق قلقي الأكبر دائماً بسلاسل الإمداد. فإذا انتقم الاتحاد الأوروبي، من شأن ذلك أن يتسبب بتعطل إضافي في سلاسل الإمداد المعرضة إلى ضغط شديد في الوقت الحالي".
وكذلك أشار باري ديس، الرئيس التنفيذي لـ"الاتحاد الوطني لمنظمات صيادي الأسماك"، إلى أنه من غير الواضح بعد أي الاتفاقات المتعلقة بصيد الأسماك ستُعلَّق في حال اندلاع حرب تجارية، لكنه حذر الجانبين من مخاطر التصعيد.
وبحسب كلماته، "ستضر الحرب التجارية بالجميع. وقد تكون لها تداعيات على فرنسا وهولندا وبلجيكا والدنمارك وإيرلندا، أي البلدان كلها التي تصطاد الأسماك في المياه البريطانية بشكل مكثف جداً. من المحتمل أن نتكبد جميعنا خسائر".
وإذا فعّلَتْ رئاسة الوزراء البريطانية المادة 16، سيعتمد نطاق رد الاتحاد الأوروبي على كيفية تفسير رئيس الوزراء ووزيره لشؤون بريكست اللورد فروست، أفعالهما، وكذلك المدى التي تصل إليه إجراءاتهما "الضامنة".
في ذلك الصدد، قد تقرر الحكومة من جانب واحد وقف العمل بالضوابط المفروضة على بعض البضائع التي تُرسَل عبر البحر الإيرلندي، أو أن تعلق بدلاً من ذلك العمل بأجزاء كبيرة من اتفاق البروتوكول التي تشمل الضوابط والمعايير الجمركية وقواعد ضريبة القيمة المضافة كلها.
وتذكيراً، لقد عرض الاتحاد الأوروبي سلسلة من التغييرات في البروتوكول، وزعم أنه سيزيل 80 في المئة من الضوابط المفروضة على البضائع بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية.
لكن اللورد فروست يواصل المطالبة بأن توافق بروكسل أيضاً على سحب قضاة "محكمة العدل الأوروبية" من عملية التحكيم في شأن البروتوكول. وفي ذلك الصدد، ذكر السيد سيفكوفيتش الجمعة الماضي أنه "بالنسبة إلى المحكمة الأوروبية، لم يتغير بالتأكيد أي شيء في موقفنا".
وكذلك نقل ناطق باسم المفوضية الأوروبية إلى "اندبندنت" إن السيد سيفكوفيتش لا يزال "يركز في شكل كامل على إيجاد حلول عملية" كي تنال إيرلندا الشمالية "الاستقرار واليقين".
© The Independent