انطلقت الاثنين الماضي، 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، الجولة السابعة لمباحثات فيينا بين إيران والقوى الدولية الموقِّعة على الاتفاق النووي، وبات السؤال المطروح هنا هو: هل تمثل الجولة السابعة للمباحثات فرصةً لإعادة إحياء الاتفاق النووي بعودة الولايات المتحدة إليه والتزام إيران بتعهداتها به؟ أي هل يشكل استئناف المباحثات فرصة جيدة لكل الأطراف أم أنه مجرد استعراض قوة من جانب إيران؟
منشأة "كرج"
واقع الأمر أن الجولة السابعة تجرى الآن في أجواء أكثر تشاؤمية من الجولات السابقة والتي توقفت فى يونيو (حزيران) الماضي وذلك لأسباب عدة أبرزها، أن الجولات الست الأولى لمفاوضات فيينا تمت في أواخر ولاية حكومة الرئيس السابق حسن روحاني ووزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف وفريقه التفاوضي الذي أراد أن يكون إحياء الاتفاق النووي أهم منجزات روحاني. كذلك كانت بدايات إدارة جو بايدن الذي جاء ببرنامج سياسي يريد من خلاله حل المسألة الإيرانية، بهدف الالتفات إلى القضايا الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وكان لتوقف المباحثات بطلب إيراني إلى حين تسلم الحكومة الجديدة بقيادة إبراهيم رئيسي، وعملت إيران خلال تلك المهلة على تسريع تطوير أنشطتها النووية، التي ترافقت مع الإخلال باتفاقها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن "منشأة كرج" وغيرها نتيجة تعطيل كاميرات ومعدات المراقبة التابعة للوكالة.
الجولة السابعة
ومن ثم تجرى الجولة السابعة وسط تحديات جديدة على طريق إعادة الاتفاق، ليس فقط من ضمنها كمية اليورانيوم المخصَّب بدرجة نقاء عالية وزيادة أجهزة الطرد المركزي، لكن انطلاقاً من الواقع النووي لإيران اليوم، حيث تعمد إيران إلى تغيير نمط علاقتها بالغرب وواشنطن. فوفقاً لتقليل المدة الزمنية التي تفصل إيران عن القدرة على تصنيع سلاح نووي، والمماطلة في تسيير عمل المفتشين الدوليين، صعّدت طهران مطالبها لإحياء الاتفاق النووي. وتطلب إيران رفعاً كاملاً للعقوبات التي فُرضت حتى خلال ولاية باراك أوباما أي رفع العقوبات المرتبطة بالملف النووي، وحقوق الإنسان والإرهاب، إلى جانب الحصول على ضمانات أميركية بعدم انسحاب أي إدارة من الاتفاق مسبقاً، فضلاً عن اقتصار أي مباحثات على الملف النووي من دون غيره.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خيارات دبلوماسية
في مقابل الوضع الجديد، تبحث واشنطن وحلفاؤها من الدول الغربية عن خيارات دبلوماسية تتمحور بدءاً من اللجوء إلى مساعدة حلفاء طهران الروس والصينيين، للوصول إلى اتفاق مؤقت يقتضي أن تعلّق إيران كل الاستثناءات من الاتفاقية التي نفذتها ومنها تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية، واستخدام اليورانيوم المعدني، والتخصيب باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة. وفي المقابل، ستسمح الولايات المتحدة بتصدير النفط الإيراني وستعود بعض الأموال الإيرانية المجمَّدة المحفوظة خارج إيران، ومع ذلك أشارت وسائل الاعلام الإيرانية إلى رفض المقترح المؤقت.
وفي ظل هذه التطورات يمكن القول إن الجولة السابعة من مباحثات فيينا تشكل فرصة لاستعراض قدرة إيران على تغيير علاقتها بالغرب من خلال إبراز مزيد من النفوذ والضغط في سبيل تحقيق مطالبها. ومن ثم هناك تشكيك من قبل واشنطن والقوى الدولية الأخرى، في مدى صدق ورغبة إيران في العودة إلى المباحثات بغرض التوصل إلى اتفاق أو لإثبات أن واشنطن مسؤولة عن الفشل في تحقيق ذلك.
فرص فشل المحادثات
لذا فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو عدم اتخاذ قرار خلال هذه الجولة من فيينا مع الحفاظ على الإطار الدبلوماسي للمحادثات، ومن ثم فإن فرص فشل المحادثات أكبر من التوصل إلى تفاهم.
وأشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الانتهاكات الإيرانية للاتفاق النووي، واستمرار تكديس المواد المخصَّبة إلى مستويات عالية، ورفضها السماح بالإشراف ومراقبة الصور التي يتم جمعها من المواقع النووية. فضلاً عن عدم تقديم توضيحات بشأن المواد والأنشطة التي تم الكشف عنها في أربعة مواقع لم يتم الإعلان عنها للوكالة الدولية.
وعلى إثر تكرار مماطلة إيران في تعاملها مع الوكالة الدولية وإطالة أمد المباحثات، فإنها استهدفت تأجيل عرض الوكالة تقرير على مجلس محافظي الوكالة بإصدار إدانة لإيران، الأمر الذي سيكون بمثابة أساس لإحالة القضية من جديد إلى مجلس الأمن ونسف إمكانية استئناف المحادثات، وتصاعد احتمالات إعادة فرض العقوبات الأممية مرة أخرى على إيران.
وبشكل عام فإن إيران قادمة إلى المحادثات لتوضح أنها نجحت في خلق نفوذ حتى تكسب مزيد من الوقت ورسم أمر واقع جديد لصالحها يصعب معه حتى تأسيس بيئة إقليمية قائمة على التنافس وليس الصراع.