أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أن النزاع في إثيوبيا إذا تطور إلى أعمال عنف طائفية يمكن أن "يفكك" نسيج المجتمع، وأن يؤدي إلى نزوح يذكر بمشاهد الفوضى التي عمت مطار كابول في أغسطس (آب)، في وقت طلب الاتحاد الأوروبي الخميس، الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، من موظفيه غير الأساسيين مغادرة أديس أبابا.
وقال غريفيث في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن الحرب المستمرة منذ أكثر من سنة شمال إثيوبيا قد تكون تسببت بالأزمة الإنسانية التي تثير أشد القلق، وحذر من أن معارك في العاصمة أديس أبابا وتزايد العنف الطائفي قد يؤديان إلى "تفاقم" الوضع بشكل كبير.
وتابع، "الأسوأ من وجهة نظر إنسانية سيكون أن تحصل معركة من أجل السيطرة على أديس أبابا أو اضطرابات حول هذه المدينة، مما يؤدي إلى تزايد أعمال العنف الطائفية في كل أنحاء البلاد".
وأضاف، "إذا حصل ذلك فسنكون في مواجهة أمر لم نشهده سابقاً منذ عدة سنوات، سنكون في مواجهة تفكك" للنسيج الاجتماعي الإثيوبي.
استمرار القتال
مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى انهيار نظام أعد بعناية لضمان التماسك الوطني بين أكثر من 80 مجموعة إثنية في هذا البلد الذي يبلغ إلى 115 مليون نسمة، ويمكن أن يؤدي إلى فوضى تتجاوز ما عرفته إثيوبيا في الأشهر الـ 13 الماضية.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن الحرب أوقعت آلاف القتلى وتسببت بنزوح مليوني شخص وأغرقت آلاف الأشخاص الآخرين في ظروف قريبة من المجاعة منذ أن اندلع النزاع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أرسل في ذلك التاريخ قوات إلى منطقة تيغراي لإطاحة سلطات جبهة تحرير شعب تيغراي، رداً بحسب قوله، على هجمات للمتمردين ضد معسكرات للجيش.
وفي يونيو (حزيران) استعاد المتمردون السيطرة على معظم تيغراي ثم تقدموا باتجاه منطقتي عفر وأمهرة، وأعلنوا مطلع نوفمبر أنهم استولوا على بلدتي ديسي وكومبولتشا، المحور الاستراتيجي على الطريق المؤدي إلى العاصمة. ويدور القتال حالياً على ثلاث جبهات من بينها واحدة بالقرب من ديبري سينا.
وأعلنت إثيوبيا الأربعاء أن القوات الموالية للحكومة استعادت السيطرة على موقع لاليبيلا المدرج على قائمة "يونيسكو" للتراث العالمي، الذي سقط في أغسطس بين أيدي متمردي إقليم تيغراي، في حين تسعى إدارة رئيس الوزراء إلى استعادة الأراضي التي لا تزال تحت سيطرتهم.
حرب ومجاعة
ودعا غريفيث إلى وقف أعمال العنف، وحذر في الوقت نفسه من أنه إذا وصل القتال إلى العاصمة الإثيوبية "فيجب تجنب الأهداف الرئيسة"، لا سيما المطار والمدينة نفسها التي تحوي أكثر من 5 ملايين نسمة، و"حيث لا يمكن تصور التفكير في مثل هذه المعركة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن الدبلوماسيين ومغتربين آخرين في أديس أبابا يخشون أن تكون البلاد مسرحاً لمشاهد تذكر بعمليات الإجلاء الفوضوية التي عمت مطار كابول بعد استيلاء "طالبان" على حكم أفغانستان في أغسطس.
ورداً على سؤال لمعرفة ما إذا كان يتوقع مثل هذا السيناريو، قال "أعتقد أنه ممكن لكنني آمل بألا يحدث".
وبشأن الدعوة العالمية السنوية لمساعدة إنسانية طارئة، أكد غريفيث أن مبلغ الـ 3 مليارات دولار المطلوب لإثيوبيا للسنة المقبلة يعتبر أعلى مما كان سابقاً "بسبب احتمال تزايد الحاجات".
وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية في شمال إثيوبيا ارتفع إلى أكثر من 9 ملايين، فيما أدى الجفاف إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في مناطق أخرى.
وهناك حوالى 400 ألف شخص في شمال البلاد مهددون بالمجاعة، وهو رقم أقل من الواقع بالتأكيد بحسب غريفيث، بسبب صعوبات التوجه إلى المكان ميدانياً، لكن الظروف تحسنت حيث باتت وكالات الأمم المتحدة قادرة على تقويم الوضع خلال الأسابيع المقبلة.
ورداً على سؤال حول أخطار العودة إلى المجاعة التي أودت بحوالى مليون شخص في إثيوبيا منتصف الثمانينات، قال غريفيث، "آمل أمام الله ألا نرى مثل هذا النوع من المحنة".
الاتحاد الاوروبي يسحب موظفيه غير الأساسيين
في غضون ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي الخميس أنه طلب من موظفيه غير الأساسيين مغادرة إثيوبيا.
وقالت المتحدثة باسم الاتحاد نبيلة مصرالي إنه سيتم تعزيز الإجراءات الأمنية بالنسبة إلى موظفي الاتحاد الأوروبي والموظفين المحليين الباقين في بعثات الاتحاد في إثيوبيا والاتحاد الأفريقي.
وأضافت، "بالتنسيق وبموجب التوجيهات التي صدرت إلى الدول الأعضاء، طلبنا من موظفينا غير الأساسيين وعائلاتهم مغادرة البلاد".
وتابعت، "لقد شددنا أيضاً الإجراءات الأمنية لموظفي الاتحاد الأوروبي والموظفين المحليين".
وحضت دول أوروبية عدة رعاياها على مغادرة إثيوبيا إذا كانت قادرة على ذلك، كما دعت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي المسافرين إلى الالتزام بتوجيهات حكوماتهم.