في الوقت الذي تحث فيه دول عديدة رعاياها لمغادرة أديس أبابا، ولا سيما بعد سيطرة جبهة تحرير "تيغراي" على عدد من المدن الرئيسة شمال البلاد، وتهديدها العاصمة، أتت زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى إثيوبيا وسط تساؤلات عن دلالات هذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات؟
ثقة الصين
ووصف وزير الخارجية الصيني الزيارة التي قام بها أخيراً إلى أديس أبابا، الأربعاء، في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، أنها تظهر ثقة الصين في إثيوبيا ودعمها حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد.
وتزامنت زيارة وزير الخارجية الصيني وسط الحرب الدائرة في البلاد، وفي ظل الأزمة بين إثيوبيا ودول غربية عدة في مقدمها الولايات المتحدة، إذ اتهمت أديس أبابا واشنطن وجهات غربية عدة باستهداف البلاد.
حماية السيادة الوطنية
وأكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية دمقي مكونن أن "الصين تدعم جهود إثيوبيا لحماية السيادة الوطنية والاستقلال بكل قوة"، وستواصل "الالتزام بـموقفها الثابت بمعارضة تدخل أي قوى خارجية في الشؤون الداخلية لإثيوبيا". وأضاف أن "لديه ثقة في قدرة البلاد على التعامل مع شؤونها الداخلية بشكل صحيح"، مشدداً على أن بلاده "ستواصل دعم الشعب الإثيوبي لتحقيق السلام والاستقرار".
وكانت كل من روسيا والصين منعتا إصدار بيان لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى إنهاء العنف في منطقة "تيغراي"، وبقي الموقف الصيني داعماً لأديس أبابا في المنظمة الدولية، للحيلولة دون اتخاذ أي قرارات أو عقوبات ضد البلاد في حيثيات حرب "تيغراي". وكان تشانغ جون، مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، قال في جلسة مجلس الأمن، في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن "الصين تدعم دائماً الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، وترحب بالمساعي الحميدة للممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي لمنطقة القرن الأفريقي أوليسيغون أوباسانجو"، رافضاً التدخلات في الشأن الإثيوبي "واستخدام القيود التجارية أو قطع المساعدات كوسيلة لممارسة ضغط على إثيوبيا."
تنافس
ويربط مراقبون بين الموقف الصيني الداعم لإثيوبيا وحيثيات التنافس على منطقة القرن الأفريقي التي تشهد حالياً صراعاً بين قوى دولية، في مقدمها الولايات المتحدة التي تمثل لها المنطقة أهمية كبيرة، ويصف المراقبون النجاح الصيني في خلق الوجود المنافس بالقارة الأفريقية وشرق أفريقيا بخاصة، نسبة إلى السياسة الصينية القائمة على الود في التعامل لكسب الانظمة الأفريقية عبر المساعدات الإنمائية متبادلة المنافع.
ويقول عادل عبد العزيز حامد، الباحث في الشؤون الدولية، "العلاقات الصينية الإثيوبية تعود في نقلتها الحالية إلى عام 1971، فالصين تعتبر أديس أبابا حليفة استراتيجية، ومدخلاً رئيساً للسوق الأفريقية، وتنامى التبادل التجاري الصيني - الإثيوبي خلال الأعوام الأخيرة ليصل إلى نسبة 22 في المئة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أضاف، "تأتي أهم العوامل كذلك في ما تمثله البلاد للصين كسوق خارجية مهمة بعدد سكان يتجاوز 110 ملايين نسمة، لتصريف فائض الإنتاج الصيني الضخم، بالإضافة إلى أنها تمثل دوراً بارزاً في السياسة الأفريقية لموقعها الاستراتيجي وكونها مقر الاتحاد الأفريقي". وتابع عادل، "شهد عام 2000 تطوراً مهماً في العلاقات الصينية - الأفريقية من خلال إطلاق منتدى التعاون الصيني - الأفريقي، وقد استضافت أديس أبابا المنتدى عام 2003 كأول دولة أفريقية. وقال أيضاً، "خلال السنوات الماضية أوجدت الصين روابط تجارية واستثمارية قوية مع إثيوبيا، تركز الجزء الأكبر منها في قطاع التصنيع (المجمعات الصناعية) مثل صناعة الملابس والجلود".
أضاف عبد العزيز حامد، "مولت الصين الطريق السريع الرابط بين العاصمة أديس أبابا وميناء جيبوتي الذي يبلغ طوله 805 كيلومترات، ويعمل في البلاد حالياً أكثر من 500 شركة صينية، وأنجزت الصين كذلك بناء الخط الحديدي بين العاصمة الإثيوبية وميناء جيبوتي الذي يبلغ طوله 756 كيلومتراً بتكلفة أربعة مليارات دولار".
انتصارات ومؤازرة
وواكبت الزيارة التحول الذي جرى أخيراً لصالح الحكومة على جبهات القتال بعد التقدم الذي أحرزه الجيش الإثيوبي بقيادة رئيس الوزراء، واسترداده بعض المدن.
وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت عن سلسلة انتصارات ضد جبهة تحرير "تيغراي" في إقليم "عفر"، حيث حرر الجيش الإثيوبي وقوات "عفر" الخاصة منطقة "كاساغيتا" بالإقليم، وأعلنت أيضاً، سيطرتها على مدينة "شيفر"، الواقعة غرب مدينة "ميللي" على الحدود بين إقليمي "عفر" وأمهرة" شمال البلاد، وتعتبر "ميللي" ذات أهمية استراتيجية لوقوعها على الطريق السريع الرابط بين إثيوبيا وميناء جيبوتي، وهي المدينة التي ظلت مستهدفة من جبهة "تيغراي" طيلة الأشهر الماضية.
وأفاد مكتب الاتصال الحكومي الإثيوبي في بيان بأن الجيش الإثيوبي تمكن من تحرير مناطق عدة تقوده، بالتالي، نحو مدينة "كومبلشا" بإقليم "أمهرة"، كما أكدت الحكومة تحريرها مدينة "لاليبيلا"، أقصى شمال إقليم "أمهرة".