توقفت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران حول إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الجمعة 3 ديسمبر (كانون الأول)، حتى الأسبوع المقبل، بعد أن أبدى مسؤولون أوروبيون استياءهم إزاء مطالب الإدارة الإيرانية المحافِظة الجديدة.
وأعرب الأوروبيون عن "خيبة أملهم وقلقهم" بعد أيام قليلة من استئناف المفاوضات في فيينا بشأن الطاقة النووية الإيرانية، بحسب دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وقال الدبلوماسيون إن "طهران تتراجع عن كل التسويات التي جرى التوصل إليها بصعوبة" خلال الجولة الأولى من المفاوضات بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) الماضيين. وأضافوا أن المحادثات ستُستأنف "الأسبوع المقبل لمعرفة ما إذا كانت هذه الخلافات يمكن التغلب عليها أم لا".
كذلك صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن "إيران لا تبدو الآن جادة في اتخاذ ما يلزم لمعاودة الامتثال، ولهذا السبب أنهينا جولة المحادثات في فيينا". وأضاف "إذا تبيّن أن الطريق مسدود أمام عودة الامتثال للاتفاق، فسنسعى لخيارات أخرى"، من دون توضيح طبيعة هذه الخيارات.
تغييرات جذرية
وأفاد دبلوماسيون بأن الوفد الإيراني اقترح تغييرات جذرية على نص اتفاق تم التفاوض بشأنه في جولات سابقة. ورفض المسؤولون الأوروبيون إجراء التعديلات المقترحة على نص تمّت صياغته بشق الأنفس، وقالوا إنه تم الانتهاء منه بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المئة.
وقال مسؤولون بارزون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان "قبل أكثر من خمسة أشهر، أوقفت إيران المفاوضات. ومنذ ذلك الحين، تمضي قدماً في برنامجها النووي بسرعة، ثم تراجعت هذا الأسبوع عن التقدم الدبلوماسي الذي تم إحرازه". وأوضحوا أن طهران تطالب بإدخال "تعديلات كبيرة" على النص. وأضافوا "من غير الواضح كيف يمكن سد الثغرات الجديدة في إطار زمني واقعي".
وعبرت القوى الأوروبية الثلاث عن "الإحباط والقلق"، موضحة أن بعض التعديلات المقترحة لا تتفق مع الاتفاق النووي لعام 2015.
ماكرون: نحتاج إلى ديناميكية أوسع
وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحفظاً حيال إمكانية استئناف المفاوضات، داعياً إلى "ديناميكية أوسع" مع دول المنطقة.
وقال ماكرون، في دبي خلال زيارة للإمارات تشمل دولتين خليجيتين أخريين هما قطر والسعودية، إنه "لا يجب استبعاد احتمال عدم إعادة فتح باب المفاوضات سريعاً".
وذكرت مصادر دبلوماسية أن هذه المفاوضات التي تستضيفها فيينا، توقفت للسماح للدول الأوروبية بتقييم المقترحات التي قدمتها طهران.
وعلق ماكرون، "أعتقد أن الجميع يدرك حقيقة أن عدم المناقشة وعدم محاولة إيجاد إطار عمل، سواء في القضايا النووية أو الإقليمية، يضعف الجميع، ويشكل عاملاً من عوامل تأجيج الصراع".
استئناف المباحثات
وشدد على أهمية "إشراك جميع أعضاء الدول الخمس الدائمة العضوية في هذه المناقشة" (الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، وكذلك ألمانيا)، مشيراً إلى الصين على وجه الخصوص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن "المهم" حسب قوله إعادة الانخراط في "ديناميكية أوسع" إلى حد ما، وإشراك القوى الإقليمية فيها، "لأنه من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق إذا لم تكن دول الخليج وإسرائيل وكل من هم معنيون في أمنهم، جزءاً منه".
وتابع، "الكل يعلم أنهم (الإيرانيين) استأنفوا أعمال التخصيب. لذلك وضعهم غير جيد، وهذا ليس جيداً للأمن الإقليمي أيضاً"، مشدداً على ضرورة السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ مهامهم في إيران.
وقال منسق المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة وكبير مبعوثي الصين للمحادثات للصحافيين، إن المحادثات حول إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 أُرجئت اليوم الجمعة وستُستأنف في منتصف الأسبوع المقبل.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت المحادثات ستستأنف يوم الأربعاء، قال منسق المحادثات، مسؤول الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، "تقريباً".
والاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى انهار منذ الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة عام 2018 وإعادة فرض العقوبات، ما دفع طهران للرد عبر التنصل من معظم التزاماتها.
وعرض الاتفاق على طهران رفع جزء من العقوبات التي تخنق اقتصادها مقابل خفض جذري في برنامجها النووي، ووضعه تحت رقابة صارمة من الأمم المتحدة.
تصلب إيراني
ويتمثل الموقف المتصلب للمفاوِض النووي الإيراني علي أكبر باقري كني في أنه يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ الخطوة الأولى برفع كل العقوبات المفروضة على إيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق، بما في ذلك تلك التي لا علاقة لها بالأنشطة النووية لطهران.
وكان باقري كني قال لـ"رويترز" الاثنين الماضي، إن على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين تقديم ضمانات لإيران بعدم فرض عقوبات جديدة عليها في المستقبل. لكنه ترك الباب موارباً أمام إجراء مزيد من المحادثات بقوله إن بإمكان الدول الأوروبية تقديم مقترحاتها الخاصة للنقاش، وذلك حسبما قالت وسائل إعلام حكومية إيرانية.
ويتخذ المفاوضون الغربيون من الاتفاق الأصلي قاعدة أساس بالنسبة إليهم، بمعنى أنه إذا كانت إيران تريد تخفيف العقوبات بصورة أكبر، فسيتعين على طهران قبول المزيد من القيود النووية.
وانتهت محادثات هذا الأسبوع كالمعتاد باجتماع للأطراف المتبقية في الاتفاق وهي إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وقال المسؤولون إنهم سيستأنفون المحادثات في منتصف الأسبوع المقبل.