لم تجد الشرعية اليمنية بدّاً من فتح جبهة قتال جديدة، لمباغتة ميليشيات الحوثي في مديريتي بيحان وعسيلان بمحافظة شبوة، في محاولة لتشتيت قدرات الميليشيا المدعومة من إيران، التي حققت تقدماً ميدانياً بعد معارك عنيفة تخوضها في سبيل السيطرة على محافظة مأرب النفطية شرق البلاد.
وفيما أعلن الجيش اليمني عن تحرير قواته الساعات الماضية، عدداً من المواقع الممتدة على الطريق الصحراوي الرابط بين عسيلان وحريب، شمال شرقي محافظة شبوة، (شرق البلاد) بإسناد جوي من مقاتلات التحالف العربي الذي أعلن تنفيذ 36 غارة جوية اليوم، تحدثت ميليشيا الحوثي عن انهيارات في صفوف الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، وصفتها بـ"المتسارعة".
تقدم ميداني
وفي محاولة لمباغتة الميليشيا وقطع طرق إمدادها الآتية من محافظة البيضاء عبر الطرق الرابطة بين مديريتي حريب (مأرب) وعسيلان (شبوة)، شنت قوات الجيش هجوماً واسعاً استهدف الحوثيين، محرزاً تقدماً ميدانياً.
وقال النقيب مطلق جوهر، ركن التوجيه المعنوي في اللواء 21 التابع للقوات الحكومية، المرابط في حدود شبوة ومأرب، إن قوات الجيش شنت هجوماً على مواقع الميليشيا الحوثية في مناطق المجبجب والساق، وتمكّنت من إحراز تقدم ميداني كبير وتسعى إلى قطع خطوط إمداد الميليشيا التي باتت في مرمى نيران قوات الجيش والمقاومة.
وأكد أن قوات الجيش، مسنودة بالمقاومة، استطاعت تحرير عدد من المناطق والمواقع في جبهات بيحان وعسيلان، وصولاً إلى السيطرة النارية على خط المجبجب الساق الرابط بين مديريتي بيحان وحريب، موضحاً أن المعارك أسفرت عن مصرع وإصابة أكثر من 40 حوثياً، وتدمير ثلاثة أطقم قتالية ومدرعة تابعة للميليشيات.
36 غارة جوية
وعلى وقع الغارات الجوية التي تغطي سماء محافظتي مأرب وشبوة المتجاورتين، لمنع تسلل الأنساق الحوثية التي لا تتوقف عن مهاجمة المحافظة الاستراتيجية، لفت جوهر إلى أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية، "شنت سلسلة من الغارات الجوية استهدفت تحركات الميليشيا الحوثية في الصحاري، ما أدى إلى تدمير أطقم قتالية عدة تابعة لها في منطقة الساق، وسقوط من كانوا على متنها بين قتيل وجريح".
وأعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن، السبت 11 ديسمبر (كانون الأول)، تنفيذ 36 عملية استهداف ضد ميليشيا الحوثي في مأرب خلال الساعات الـ 24 الماضية.
وأضاف في بيان أن "الاستهدافات في مأرب دمرت 20 آلية عسكرية ووحدات تحكم لمسيّرات مفخخة".
سيطرة حوثية
وكانت ميليشيات الحوثي قد سيطرت، قبل أكثر من شهرين، على مديريات عسيلان وبيحان وعين (محافظة شبوة) في فجوة عسكرية فادحة للشرعية اليمنية، أتاحت لها المرور نحو محافظة مأرب من بواباتها الجنوبية والشرقية، التي باتت تواجه ضغطاً حوثياً مستميتاً من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية، تمكّنت إثره من السيطرة على مديريات حريب والجوبة والعبدية وجبل مراد، (تتبع لمحافظة مأرب)، ما ينذر بسقوط آخر معاقل الشرعية اليمنية شمالاً.
خسائر لا تتوقف
يأتي هذا فيما تتواصل المعارك العنيفة على أطراف مأرب، التي تُعدّ أهم المعاقل العسكرية والسياسية والاقتصادية للحكومة الشرعية، في مناطق ذنة والجوبة والبلق والروضة والعمود وأم ريش والخشينة، متخذة أسلوب "الكر والفر"، عقب شهرين من إحداث الميليشيا خرقاً عسكرياً فادح التكلفة نحو "محافظة السد" التاريخية من جهاتها الجنوبية عبر بيحان وحريب والعبدية والجوبة، انطلاقاً من محافظة البيضاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن الجيش اليمني أن قواته ورجال المقاومة والقبائل، بدعم وإسناد من قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، تواصل خوض المعارك ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية وتكبيدها الخسائر في مختلف جبهات القتال.
وقال الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن عبده مجلي في إيجاز صحافي إن الجيش، مسنوداً بالمقاومة ورجال القبائل، يواصلون المعارك ضد الميليشيا الحوثية، ونفذوا خلال الأيام الماضية عمليات هجومية، وحققوا انتصارات وتقدمات في جبهات جنوب محافظة مأرب.
وأوضح أن التقدم تمحور في جبهات "ذنة ومنطقة العمود في الجوبة ومنطقتي أم ريش وملعا في حريب"، مضيفاً أن العمليات العسكرية الناجحة من معارك هجومية وكمائن محكمة في هذه الجبهات، أسفرت عن استعادة مواقع مهمة واستراتيجية، وتدمير معدات وأسلحة وذخائر متنوعة للميليشيات الحوثية، وسقوط العشرات من عناصرها المتمردة بين قتيل وجريح ومعتقل.
وفي الجبهات الغربية من محافظة مأرب، قال إن الجيش نفذ هجمات مضادة وعمليات إغارة ضد الميليشيات الحوثية تكبّدت نتيجتها خسائر كبيرة، إذ سقط العشرات من عناصرها بين قتيل وجريح.
ولفت مجلي إلى أن جبهات مريس وبتار والفاخر وباب غلق، (شمال محافظة الضالع)، تنفذ فيها قوات الجيش المعارك الدفاعية والهجمات المضادة والكمائن والالتفاف والتطويق، وأسفرت تلك العمليات القتالية عن سقوط العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية بين قتيل وجريح، كما دمرت مدفعية الجيش عدداً من المعدات والأسلحة.
ورش تفخيخ ومخازن
واستعرض ناطق الجيش اليمني عمليات الطيران المقاتل لدول تحالف دعم الشرعية التي شنّها على مدى الأيام الماضية في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الميليشيا، موضحاً أن الغارات الجوية "استهدفت ورش تفخيخ للطائرات المسيّرة ومخازن أسلحة ومواقع سرية للصواريخ الباليستية".
يأتي هذا فيما يواصل قادة الميليشيا الحوثية وعيدهم وتهديدهم وزعمهم بانهيارات في صفوف القوات الحكومية والمقاومة الشعبية في جبهة مأرب.
وفي تغريدة لنائب وزير خارجية الميليشيا الحوثية حسين العزي، كتب "الانهيارات في معسكرات المرتزقة (في إشارة إلى الجيش والمقاومة المناهضة للمشروع الحوثي) تتسارع، وقيادات كبيرة منهم بدأت بالتواصل معنا".
وأضاف "نسأل الله أن يكون ذلك مؤشر عودة صادقة للحق وللأهل فنحن في نهاية المطاف أبناء بلد واحد، ويفترض أن يكون الجميع في خندق الوطن ضد العدوان الخارجي".
ومنذ فبراير (شباط) الماضي، تشهد جبهات مأرب معارك متواصلة، مع استمرار ميليشيات الحوثي في حشد معظم قواتها في محاولة للسيطرة على كامل المحافظة الغنية بالنفط، الواقعة على بعد 120 كيلومتراً شرق العاصمة صنعاء، حيث يعيش نحو مليوني نازح، في ظل مقاومة شديدة من الحكومة اليمنية والمقاومة الشعبية.
نزوح ووضع صعب
وتسببت العمليات العسكرية في مأرب في سقوط المئات من الضحايا المدنيين، إضافة إلى تجدد موجات كبيرة من النزوح القسري للسكان المحليين نحو مناطق بعيدة من المواجهات، في ظل فقر متفشٍّ وظروف إنسانية صعبة، وسط مخاوف دولية متزايدة من سقوط ضحايا آخرين مع تصاعد وتيرة الهجوم الحوثي على المدينة التي يقطنها أكثر من مليوني شخص، وفقاً لإحصاءات رسمية.
اعتراف إيراني
وفي الثالث من الشهر الحالي، اعترفت إيران مجدداً، بدعمها الصريح لميليشيا الحوثي في اليمن. ووصف قائد "فيلق قدس" الذراع الدولية للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني الحوثيين، بأنهم "أولاد ثقافة المقاومة" في إشارة إلى الميليشيات التي تدعمها طهران في عدد من البلدان العربية منها لبنان والعراق وسوريا.
وقال قاآني إن "الحوثيين لم يملكوا في السابق غير أسلحة من نوع كلاشنيكوف وآر بي جي... لكنهم قاتلوا خلال الأعوام الماضية بشكل جميل... إنهم يصنعون الآن صواريخ يصل مداها إلى أكثر من ألف كيلومتر، وكذلك طائرات من دون طيار".
7 أعوام من الحرب
ومضت نحو سبعة أعوام على الحرب في اليمن بين الحكومة الشرعية التي يساندها منذ عام 2015 التحالف العربي بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين انقلبوا على السلطة والدولة، وسيطروا على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها، من بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص بينهم عدد كبير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.
وما زال نحو 3.3 مليون شخص نازحين، بينما يحتاج 24.1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مراراً أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حالياً.