على الرغم من حسم وزير المالية السعودي محمد الجدعان الجدل حول احتمالات خفض ضريبة القيمة المضافة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي شهدت ارتفاعاً من خمسة إلى 15 في المئة في يوليو (تموز) عام 2020، عاد اليوم الإثنين ليؤكد ذلك في مؤتمر الموازنة العامة لعام 2022 والمنعقد حالياً في الرياض.
وقال الجدعان، "أكرر للمرة الثانية، سنعيد النظر في موضوع الضريبة عندما تتحسن الأوضاع المالية". وأوضح "أن الحكومة تسعى في 2022 وعلى المدى المتوسط إلى دعم استمرار التعافي في النشاط الاقتصادي، مع الحفاظ على المبادرات التي تم البدء في تنفيذها خلال الأعوام الماضية، والالتزام بتحقيق مستهدفات رؤية 2030 من خلال تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية وتنويع الاقتصاد وتنمية الإيرادات غير النفطية وضمان استدامتها"، مشيراً إلى "التقدم المحرز خلال الفترة الماضية في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى والاستثمارية في مختلف القطاعات، بما فيها البنية التحتية".
وأضاف الوزير "أن العجز في 2020 بلغ 295 مليار ريال (78.76 مليار دولار)، فيما يتوقع أن يسجل 85 مليار ريال (22.7 مليار دولار) في 2021، وعندما يتحقق فائض في سنة لا يغطي هذا العجز أو جزءاً منه"، لافتاً إلى "السحوبات والدين الذي اضطرت الحكومة إلى اقتراضه لتغطية العجز في الموازنة والاستمرار في تقديم الخدمات للمواطنين".
لافتاً إلى "أن الفوائض المتوقعة والمقدرة عند 23.99 مليار دولار سيتم توجيهها في أربعة مسارات، تتمثل في تعزيز الاحتياطات الحكومية ودعم الصناديق التنموية وصندوق الاستثمارات العامة، والنظر في إمكان التعجيل في تنفيذ بعض البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي، أو سداد جزء من الدين العام بحسب ظروف السوق".
الجائحة لا تزال قائمة
وأشار الجدعان إلى "أن الفائض حالياً من المهم جداً استخدامه لدعم الاحتياطات الحكومية لأن الجائحة ما زالت قائمة. نرغب في التأكد أن المركز المالي للحكومة قادر على التعامل مع أي أزمات مالية مستقبلية". واستطرد "أن هذه الإجراءات مهم جداً اتباعها لتفادي اتخاذ إجراءات قد تكون صعبة عندما لا يكون لدينا القدرة على امتصاص الصدمات مثل ما شهدناه خلال السنتين الماضيتين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ما يتعلق بالدين العام، أوضح أنه من المتوقع تحسن مؤشراته في عام 2022 لتنخفض إلى حوالى 25.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 29.2 في المئة في عام 2021 نتيجة التوقعات بتحقيق فوائض في الموازنة، وكذلك نمو الناتج المحلي، على أن يتم الاقتراض لسداد أصل الدين الذي يحل أجل سداده مستقبلاً، أو لاستغلال الفرص المواتية في السوق لدعم الاحتياطات أو تمويل مشاريع رأسمالية يمكن تسريع إنجازها من خلال الإصدارات السنوية، منوهاً إلى "أن نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن تظل عند مستويات مناسبة في 2024 لتصل إلى 25.4 في المئة، وأن الحكومة تعمل على تطوير إطار إدارة المخاطر الذي يهدف إلى متابعة ورصد أبـرز التطـورات فــي الاقتصــاد المحلــي والعالمــي، لتحديــد الأخطــار الناتجــة منها، ومن ثم تقويم الآثار المترتبـة عليها".
وكشف الجدعان في ختام حديثه "أن الرياض استطاعت ضبط العجز من خلال برنامج التوازن المالي ورفع كفاءة الإنفاق خلال الأعوام الخمسة الماضية، إذ انخفض من 12.9 إلى 2.7 في المئة"، منوهاً إلى "أنه سيتم إنفاق 27 تريليون ريال (7.209 تريليون دولار) في السعودية حتى 2030".
الصندوق السيادي السعودي
وفي السياق، يقول محافظ الصندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان، "إن الصندوق يواصل تحقيق مستهدفاته لعام 2025 والمتمثلة في ضخ تريليون ريال سعودي (267 مليار دولار أميركي) في المشاريع الجديدة بالبلاد".
وتوقع الرميان خلال ملتقى موازنة السعودية لعام 2022، "أن يصل حجم الأصول تحت الإدارة إلى أربعة تريليونات ريال (1.068 تريليون دولار) والإسهام في الناتج المحلي غير النفطي إلى 1.2 تريليون ريال (320.4 مليار دولار) بشكل تراكمي وزيادة إسهامات الصندوق والشركات التابعة في المحتوى المحلي لتصل إلى 60 في المئة بجانب استحداث الوظائف المباشرة وغير المباشرة في السوق السعودية".
وذكر "أن الأصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات العامة وصلت حالياً إلى 1.8 تريليون ريال (480.6 مليار دولار)"، موضحاً "أن الصندوق أسهم منذ 2017 في خلق أكثر من 400 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة حتى نهاية الربع الثاني من عام 2021".
استراتيجية الصندوق
وأكد "أن استراتيجية الصندوق تركزت على 13 قطاعاً محلياً وتم تحديدها استناداً إلى تقويم المنظور المحلي، فيما تم تأسيس 47 شركة منذ 2016 في العديد من القطاعات الاستراتيجية"، لافتاً إلى "أن الإدارة الحالية للسيادي السعودي تعمل على تنمية المحتوى المحلي بهدف زيادة إسهام الصندوق والشركات التابعة في المحتوى المحلي ليصل إلى 60 في المئة في 2025 عبر توسيع الفرص أمام الشركات المحلية وتحفيز الموردين المحلين وزيادة توطين السلع".
عقود تطوير
واستعرض الرميان العقود التطويرية التي أبرمتها مجموعة من الشركات التابعة للصندوق، وقال "تم توقيع عقود تطويرية تزيد على 13 مليار ريال (3.37 مليار دولار) تمثل أكثر من 70 في المئة من قيمة عقود شركة البحر الأحمر للتطوير، حظيت بها الشركات السعودية".
وتابع أن " شركة روشن التابعة للسيادي السعودي وقعت هي الأخرى عقود شراكات استراتيجية مع مجموعة من نظيرتها السعودية لتطوير حيها الأول في الرياض، إضافة إلى شركة مركز الملك عبدالله المالي بتوقيع عقود بقيمة 10 مليارات ريال (2.67 مليار دولار) لاستكمال الأعمال وتفعيل المركز، وقامت شركة القدية بتوقيع عقود قيمتها 5.5 مليار ريال (1.33 مليار دولار) تشمل الأعمال الأولية للبنية التحتية وتطوير أولى الوجهات الترفيهية".
وأوضح "أن شركة صندوق الصناديق حققت نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة بالتزامها باستثمار 1.2 مليار ريال (32 مليون دولار) في 17 صندوقاً استثمارياً".
وأردف، "إن برنامج شريك والهادف إلى دعم وتحفيز الشركات في القطاع الخاص وتسريع تنفيذ المشاريع يطمح إلى زيادة إسهام القطاع الخاص إلى 65 في المئة، ويستهدف البرنامج تنمية استثمارات محلية لتصل إلى خمسة تريليونات ريال (1.33 تريليون دولار) حتى العام 2030".
إقرار الموازنة
وفي السياق ذاته، سجلت الموازنة العامة للسعودية للعام المقبل 2022 التي أقرها مجلس الوزراء مساء أمس الأحد، فائضاً مالياً قدر بـ90 مليار ريال (23.99 مليار دولار)، ومن المتوقع أن تصل إيرادات العام المقبل إلى 1540 مليار ريال (277.21 مليار دولار)، في حين بلغت المصاريف 955 مليار ريال (254.56 مليار دولار)".
وأكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عزم بلاده الاستمرار في تنفيذ المبادرات والإصلاحات الاقتصادية لتحقيق أهداف رؤية 2030. وقال "إن الموازنة تؤكد حرصنا على حماية وتعزيز مكتسباتنا"، معلناً تجاوز الرياض للآثار الاقتصادية والمراحل الاستثنائية لجائحة كورونا.
بدوره، أكد نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني السعودي محمد التويجري "أن الصندوق سيعمل على دعم القطاع السياحي بشكل أكبر في المرحلة المقبلة بهدف دعم تنوع اقتصاد بلاده".