ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الأوروبية بشكل كبير مع بدء تعاملات الأسبوع. ووصل سعر الغاز الطبيعي في بورصة الغاز الأوروبية، الاثنين، إلى 130 دولاراً (أكثر من 115 يورو) للميغاواط/ ساعة، بينما في بريطانيا وصل سعر الوحدة الحرارية (مقياس تسعير الغاز الطبيعي البريطاني) إلى نحو 4 دولارات (3 جنيهات استرلينية).
جاء الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي إلى أعلى مستوى شهدته أوروبا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية بأن خط أنابيب الغاز الروسي لأوروبا "نورد ستريم 2" لم تتم الموافقة على تشغيله لأنه لا يطابق معايير الاتحاد الأوروبي.
جاء ذلك نتيجة تصاعد التهديدات لروسيا بفرض عقوبات غربية عليها إذا واصلت التصعيد العسكري، وحاولت غزو أوكرانيا.
كانت أسعار الغاز الطبيعي قد أنهت الأسبوع الماضي، الجمعة، على سعر نحو 118 دولاراً (105 يوروهات) للميغاواط/ ساعة، لكنها بدأت الأسبوع بارتفاع بنسبة 10 في المئة في أوروبا وبنسبة 12 في المئة في بريطانيا.
وزاد الضغط على أسعار الغاز تهديد رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو بأن بلاده ستوقف إمدادات الغاز الطبيعي الروسي عبر أراضيها إلى أوروبا، إذ فرض الغرب عقوبات على موسكو. ونقلت وكالة "بيلتا" البيلاروسية للأنباء عن لوكاشينكو قوله: "إذ أدت العقوبات، التي فرضوها من قبل، أو سيفرضونها في المستقبل، إلى وضعنا في حالة طوارئ، ولم يعد أمامنا خيار آخر للرد على تلك العقوبات بوسائل أخرى، فإننا سنلجأ لهذا الإجراء القاسي".
تصعيد الأزمة
كان خط الأنابيب "نورد ستريم 2"، الذي تبلغ استثماراته الإجمالية نحو 11 مليار دولار، ويعد من أهم مشروعات روسيا في أوروبا، أهم العقوبات التي هدد الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بها في قمتهما الافتراضية الأسبوع الماضي. وتشير التقارير إلى أن روسيا حشدت بالفعل ما يصل إلى 100 ألف من قواتها على حدودها مع أوكرانيا، ما يعزز التكهنات الأميركية بأن بوتين يستعد لغزو أوكرانيا.
وفي مقابلة تلفزيونية مع محطة "زد دي أف" الألمانية، مساء الأحد، قالت وزيرة الخارجية في الحكومة الألمانية الجديدة، أنالينا بايرباك، إن خط الأنابيب لا يمكن الموافقة على تشغيله بالوضع الحالي. وكان الرئيس الروسي يضغط لإنهاء الموافقة على تشغيله قبل نهاية فترة رئاسة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل للحكومة الألمانية. وتم الانتهاء من خط أنابيب الغاز في وقت سابق من هذا العام بعدما تعطل العمل فيه بسبب العقوبات الأميركية على روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت بايرباك في تصريحاتها للمحطة الألمانية إن القوى السياسية الثلاث المشاركة في الائتلاف الحكومي الجديد، وهم الديمقراطيون الاشتراكيون، وحزب الخضر، والديمقراطيون الأحرار، متفقون على أن تخضع كل مشروعات الطاقة لمعايير الاتحاد الأوروبي. وأضافت: "يعني ذلك بحسب الوضع الحالي للمشروع، لا يمكن إعطاء الموافقة على خط الأنابيب لأنه غير مستوف لما يقتضيه قانون الطاقة للاتحاد الأوروبي".
لكن الوزيرة الألمانية أشارت أيضاً إلى أزمة أوكرانيا، وقالت: "بحثت الحكومة السابقة مع الأميركيين أنه إذا حدث تصعيد جديد، فإن خط الأنابيب لا يمكن السماح له بالعمل".
كان خط أنابيب الغاز الروسي لأوروبا "نورد ستريم 2" قد أثار توتراً بين واشنطن وموسكو من قبل، إذ عارضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب المشروع لأنه سيحرم أوكرانيا من رسوم المرور السخية التي تحصل عليها نتيجة توريد الغاز الروسي لأوروبا، كما أنه يزيد نفوذ روسيا الاقتصادي والسياسي بأوروبا. وفرضت واشنطن عقوبات على شركات تعمل في المشروع في ديسمبر 2019، ما أدى إلى توقف العمل في خط الأنابيب لمدة عام قبل أن تعاود شركة "غازبروم" الروسية العمل على استكماله.
أوروبا والغاز
ومن شأن خط الغاز الطبيعي الجديد أن يحل مشكلة نقص العرض في الغاز الطبيعي في أوروبا مع زيادة الطلب. وكانت أوروبا قد تعرضت لأزمة غاز طبيعي في الصيف، لم تخرج منها حتى الآن أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة بنحو ثلاثة أضعاف في عام. ومع دخول فصل الشتاء وزيادة الطلب على الطاقة، تسحب أوروبا من مخزونات الغاز الطبيعي لديها ما أوصل تلك المخزونات إلى وضع متدني يقل بنسبة أكثر من 10 في المئة عن معدلاتها الموسمية. ويقل ما تحتويه مخزونات الغاز الطبيعي الأوروبية حالياً عن نسبة 63 في المئة من طاقتها.
وعلى الرغم من أن خط الأنابيب الحالي للغاز الطبيعي الروسي (يامال - أوروبا)، الذي يمر عبر بيلاروس وبولندا إلى ألمانيا، يعمل بكامل طاقته البالغة 30 مليار متر مكعب سنوياً، فإن ذلك لا يكفي لتلبية زيادة الطلب الأوروبي.
وسبق وأعلنت شركة الطاقة النرويجية، أكبر منتج ومورد للغاز للسوق الأوروبية، أنها لن تستطيع تلبية أكثر من 60 في المئة من الزيادة في الطلب على الطاقة في دول أوروبا هذا الموسم. لذا، من شأن خط "نورد ستريم 2" في حال تشغيله أن يسهم في حل مشكلة نقص الغاز الطبيعي، بالتالي إنتاج الطاقة في دول أوروبا.