فيما ظلت معدلات التضخم عند مستهدفات البنك المركزي المصري، توقع محللون وشركات أبحاث أن يُبقي المركزي المصري على أسعار الفائدة من دون تغيير للمرة التاسعة، وذلك خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية المقرر عقده الخميس 16 ديسمبر (كانون الأول).
وخلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قرر المركزي المصري الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير للمرة الثامنة على التوالي، ليظل سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 8.25 في المئة و9.25 في المئة على الترتيب.
في مذكرة بحثية حديثة، توقعت إدارة البحوث في شركة "أتش سي للأوراق المالية والاستثمار" أن يُبقي المركزي المصري سعر الفائدة من دون تغيير في اجتماعه المقبل. ورجح بنك الاستثمار "سي آي كابيتال" أن تثبّت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري أسعار الفائدة خلال الاجتماع الأخير في العام الحالي.
التضخم في نطاق مستهدفات البنك المركزي
وقبل أيام، قال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر إن معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية سجل مستوى 6.2 في المئة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقابل نحو 6.3 في المئة للشهر نفسه من عام 2020. وكان معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية قد سجل 7.3 في المئة لشهر أكتوبر 2021.
وعلى أساس شهري، بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية مستوى 118 نقطة لشهر نوفمبر 2021، محافظاً على المستوى العام لأسعار أكتوبر 2021. وعزا جهاز الإحصاء الاستقرار إلى ارتفاع أسعار بعض البنود يقابلها انخفاض في بنود أخرى، إذ ارتفعت أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 13.7 في المئة، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 3.2 في المئة، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 1.0 في المئة، مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 2.7 في المئة، مجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 1.5 في المئة، مجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة 0.8 في المئة، مجموعة المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة 0.4 في المئة، مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 0.8 في المئة.
وفي المقابل، تراجعت أسعار مجموعة الخضر بنسبة 11 في المئة، وانخفضت أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 5.1 في المئة. وتراجعت أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 3.4 في المئة.
فيما أعلن البنك المركزي المصري أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل مستوى 5.8 في المئة خلال نوفمبر الماضي، مقابل نحو 5.2 في المئة في أكتوبر 2021. وأوضح أن الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من جانب البنك المركزي، سجل معدلاً شهرياً بلغ 0.5 في المئة خلال نوفمبر 2021، مقابل معدل بلغ صفر في الشهر نفسه من عام 2020، ومعدل شهري بلغ 2.1 في المئة خلال أكتوبر الماضي.
توقعات بتراجع الضغوط التضخمية
ورجحت مونيت دوس، محللة الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية في شركة "أتش سي"، أن يظل مستوى التضخم في مصر ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي المصري للربع الأخير من 2022 عند (+ / - 2 في المئة)، بل ونحو القيمة الأقل منه. وتوقعت أن يحقق معدل 5.8 في المئة خلال الربع الأخير من 2021.
كذلك، توقعت دوس انخفاض الضغوط التضخمية مستقبلاً مع نزول الأسعار العالمية للبترول. ولكن، مع التوقعات باستمرار الضغط على ميزان المدفوعات المصري، فإن التدفقات الاجنبيه في أدوات الدين الحكوميه ما زال الداعم الأساسي لصافي الاحتياطي الأجنبي المصري. ويتجلى ذلك في ارتفاع مركز صافي الالتزامات الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري (باستثناء البنك المركزي)، الذي وصل إلى 4.8 مليار دولار في أكتوبر مقارنة بـ 3.9 مليار دولار في الشهر السابق.
وأضافت، "من هنا، نتوقع استمرار الضغط على معدلات الفائدة على أدوات الدين المصرية". وبالنظر لعام 2022، فمن المرجح أن ينخفض العائد علي أذون الخزانة تدريجاً لكونها أعلى من معدلات اقتراض الشركات حالياً. بينما، في الوقت الحالي، من المتوقع أن يؤدي أي خفض لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي المصري إلى مزيد من التباعد بين سعر الفائدة الخالي من المخاطر ومعدل اقتراض الشركات.
في السياق العالمي، ووفقاً لتقديرات "بلومبيرغ"، من المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة اليورو خلال عام 2022 من المستويات التيسيرية الحالية، مع توقع زيادة الفائدة على أدوات الدين الأميركيه أجل السنتين إلى 0.9 في المئة من 0.3 في المئة في عام 2021. مع تقديرات "بلومبيرغ" لمتوسط التضخم المتوقع لـ 2022-2023 عند 2.9 في المئة للولايات المتحدة، فإن العائد الحقيقي سيكون سالب 2.0 في المئة. وهذا أقل بكثير من العائد الحقيقي لمصر البالغ 3.3 في المئة (بالنظر إلى عائد أذون الخزانة أجل 12 شهراً عند 13.3 في المئة، وتوقعاتنا للتضخم عند 8 في المئة تقريباً لعام 2022 وباحتساب 15 في المئة ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأميركيين والأوروبيين).
وتعد العوائد الحقيقية لتركيا أقل جاذبية من مصر، إذ تأتي عند 0.9 في المئة، (باحتساب 14.2 في المئة عائد على سندات الخزانة أجل 12 شهراً وضرائب صفر في المئة وتوقعات "بلومبيرغ" للتضخم التركي عند 13.3 في المئة لعام 2022). لذلك، فإنه من غير المرجح أن يقوم البنك المركزي المصري بزيادة أسعار الفائدة. ووفقاً لذلك، من المتوقع أن تبقي لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة من دون تغيير في اجتماعها المقبل.
توقعات بتثبيت أسعار الفائدة
في السياق ذاته، توقع بنك الاستثمار "سي آي كابيتال"، أن يثبّت البنك المركزي المصري أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل، مشيراً إلى أن معدلات التضخم ما زالت أقل من المستهدف المتوسط للبنك المركزى. بالتالي، لا يوجد ما يستدعي رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح التقرير أن البنك المركزي لن يتجه إلى خفض أسعار الفائدة في ظل الموجة التضخمية العالمية والضغوط على رفع الفائدة عالمياً، مرجحاً أن تبقي لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة من دون تغير أيضاً خلال الربع الأول من عام 2022.
فيما رجح بنك الاستثمار "برايم" أن يثبّت المركزي المصري أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل. وأشار إلى أن معدلات التضخم ما زالت ضمن مستهدفات البنك المركزي المصري، كما أن الظروف العالمية لا تزال تشوش على توقعات التضخم نظراً للزيادة المستمرة في معدلات التضخم الأساسي، وانتشار الضغوط التضخمية خارج البنود المتقلبة. ورجّح أن يركز المركزي المصري على إنعاش الاقتصاد من خلال الاحتفاظ بسياسته النقدية التيسرية حالياً.
ورجح التقرير أن تظل معدلات التضخم مرتكزة حول مستهدفات البنك المركزي، مشيراً إلى أن مهمة البنك تتمثل في الإبقاء على التضخم ضمن مستهدفاته بصرف النظر عن التحديات المتزايدة فى 2022. بالتالي، ليس من المتوقع حدوث أي تحول في السياسات المالية والنقدية، حتى تتضح الصورة بالنسبة إلى توقعات محركات التضخم العالمية وتأثيرها على مصر.
قرار صعب يرتبط بالتحركات العالمية
كذلك، توقع بنك الاستثمار "فاروس" أن يبقى المركزي المصري على أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل من دون تغيير، خصوصاً أن معدلات التضخم ما زالت في نطاق مستهدفه، مرجحاً أن تسجل معدلات التضخم بنهاية العام الحالي مستوى 6 في المئة في المدن، وهو ضمن نطاق مستهدفات البنك المركزى وأقل بنسبة 1 في المئة من المتوسط. بالتالي، فإنه لا يوجد ما يستدعي تحريك البنك المركزي أسعار الفائدة.
وأرجع "فاوس" هذه التوقعات إلى أنه في ظل التوقعات العالمية بارتفاع معدلات التضخم عالمياً، فإن المركزي المصري لن يتجه إلى تخفيض أسعاره، خصوصاً مع الضغوط على الأسواق الناشئة وخروج محافظ الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة، كما أن رفع الفائدة حالياً ليس في مصلحة النمو الاقتصادي ولا عجز الموازنة أو القطاعات المنتجة.
وأشار إلى أن البنك المركزي سيظل يراقب التحركات العالمية ومعدلات التضخم والأسعار في السوق المصرية قبل اتخاذ أي قرار، ولن يقدم على رفع أسعار الفائدة، إلا تحت ضغوط عالية من الدول المتقدمة، خصوصاً أن الوضع حالياً مرتبط بالتطورات العالمية وأسعار الفائدة وحركة السياحة وتطورات فيروس كورونا.
وتوقعت شركة "بلوم مصر" للاستثمارات المالية، أن يتجه المركزي المصري إلى تثبيت أسعار الفائدة مع انخفاض معدلات التضخم، مشيرة إلى أن المركزي سيستمر في اتجاه تثبيت الفائدة خلال الربع الأول من عام 2022، خصوصاً أن التضخم في مصر ما زال في الحدود الآمنة والمستهدفة من قبل البنك المركزي. وأضافت "لا يوجد أي توقعات للخفض حالياً في ظل التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة عالمياً خلال العام المقبل".